أجابت سورية بالمقاومة على ما لم يفهموه بالحوار…بقلم إدريس هاني

مرّة أخرى نتحدّث عما هو جدير بأن نسمّيه المعلومة المخصصة للاستعمار الآني، ومثل هذا بات سلاحاً في زمن الحرب الإعلامية..لا يهمّ أن تخلد المعلومة في تاريخ النّوع، فهي معلومة للحرب لا للتّاريخ.. بالنسبة للإمبريالية لا يهمّ أن تنكشف المعلومة في غضون شهور ما دام أنّها تستهدف تمكين سياسات التدخل من إنجاز مهمّتها.. حين كانوا ينشرون على سبيل اليقين بأنّ «الزمن السوري أشرف على الانتهاء وبأنّه يعيش لعبة الوقت بدل الضّائع» فإنّ قدرة معلومة خادعة على البقاء شهراً واحداً كانت كافية لأنّ تصبح جزءاً من «بروباغندا الحرب» وتحقيق الهدف.. وهكذا كل المعلومات سيّئة الإنتاج المتعلقة باستعمال «الكيماوي» في الحرب على الإرهاب هي من هذا القبيل.
لقد كانت الإمبريالية تغطّي على عنف الإرهابيين بعناوين مغالطة كالكيماوي، وتلجأ هاهنا إلى لعبة التكرار.. وكان أصحاب «الخوذ البيضاء» جزءاً من الحرب القذرة، حيث ستكشف الحرب عن أنهم مجرد أدوات موصولة ومحمية من الدول التي استعملتهم وهو إطار لضباط استخبارات مدربين على الحرب القذرة..
اليوم فقط ستتعاون «إسرائيل» باعتبارها الطرف الأساس في الحرب على سورية من أجل تمكين هؤلاء من الهروب عبر فلسطين المحتلة وصولاً إلى الأردن قبل أن يتم توزيعهم على دول أوروبية…. فالعدو يفرّ من سورية وفق الخطط البديلة التي وضعت للهروب.. وأمّا عودة الوعي إلى الرأي العام فلن تقدّم ولن تؤخّر شيئاً، لأنّ سورية استعادت سيادتها بقوة شعبها وجيشها وقيادتها الصامدة وبتعاون مع حلفائها الأوفياء..
المغفّلون لا قيمة لهم في هذه المعركة بل كانوا هم حطبها الذي أوقد للعدوان ناراً.. ما قيمة خيبات الأمل وقراءة المؤامرة في كتب المذكّرات؟
المعلومة في زمن الحروب لا قيمة لها من الناحية التّاريخية بل هي معلومة للاستعمال الآني.. هي خدعة الحرب.. ولقد تعرضت سورية خلال الثماني السنوات الأخيرة إلى أكبر حجم من هذا النوع من المعلومات محدودة الاستعمال.. وما زلت أتأمّل جدوى التأريخ للحرب على سورية انطلاقا من هذه المعلومات التي أفقدت الصحافة آخر ما تبقى من رمق المصداقية والمهنية.. لقد أسقطت سورية الإعلام الدولي والإقليمي وكشفت بفعل الصمود الكبير عن أنّ شبكات الإعلام الموصولة بجماعات المصالح والقوى الدولية والإقليمية ما هي إلاّ طابور خامس في هذه المعركة.. فالذين تباكوا على الشعب السوري هم اليوم ينسّقون مع «إسرائيل» التي شكلت لهم الممر الآمن للهروب.. «إسرائيل» التي استعملت كل أشكال القوة المفرطة ضدّ الشعب الفلسطيني الأعزل في الأراضي المحتلة.
كان من الواضح أنّ الحرب على سورية ستقود كل هذا الطابور نحو التطبيع العلني.. فالحرب على سورية فضيحة وليست جائزة.. وما يحدث اليوم في المنطقة هو محاولة للهروب من مشروع باء بالفشل ولا يمكن الهروب منه إلاّ بافتعال مواقف لا تنتمي إلى عهد العلاقات الدولية السّويّة.. ففي هذه الحرب انتهكت الإمبريالية وحلفاؤها كل الأعراف والقوانين الدّولية والوصول بلعبة الأمم إلى حدّ الإسفاف.. أمّا القصص التي نُسجت في هذه الحرب فهي لا تقنع إلاّ المغفّلين وتستعمل قوة الميديا والسيطرة والتحكم عن بعد في استمالة القناعات.. اليوم سورية تنتصر بشموخ.. وخصومها يهرولون نحو التطبيع بلا شروط.. كم هي الصورة واضحة اليوم.. فالإمبريالية تهين حلفاءها وتزجّ بهم في مغامرات تخسّرهم سياسياً واقتصادياً ثم تتركهم للمصير المجهول..
ثقة محور المقاومة في الشعوب كانت البديل عن رهن المصير بتحالفات فاشلة.. نجحت سورية أيضا في اختيار حلفائها وفي أن تكون مقنعة إلى حدّ ساعدت الروس على أن يلعبوا بشجاعة دورهم الذي كانوا حتى قبيل الأحداث السورية يمارسونه بشيء من الخجل.. نجحت سورية لأنّها لم تمنح الراحة للإرهاب الذي صبّ فوق رأسها بتواطؤ دولي وإقليمي.. انتصرت سورية في مقاربتها السياسية والأمنية والاستراتيجية.. خلال ثماني سنوات استطاع الرئيس بشّار الأسد أن يجيب عن سؤال طرح عليه في بداية الأزمة وأجاب عنه ولكنهم لم يفهموا..ألا وهو أنّ سورية ليست كغيرها من الدول التي سقطت.

*كاتب من المغرب

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023