الإرهاب الصهيوني ونهاية مطافه…بقلم محمد الرصافي المقداد

الإرهاب الصهيوني ونهاية مطافه…بقلم  محمد الرصافي المقداد

يتساءل من يهمّه أمر هذه الأمّة ومستقبلها، بعد سلسلة الإعتداءات العسكرية الصهيونية، على نقاط متفرقة من الأراضي السورية، لماذا تتكرّر الإعتداءات، وتتسارع وتيرتها منذ أكتوبر 2003 تقريبا(1)، كما هي الحال في هذا الشهر الكريم، ولا يوجد ردّ فعل عليها، بما يرْدَعُ المعتدين عن التمادي في استهتارهم، ويلقنهم درسا بليغا، يجعلهم يفكرون ألف مرّة قبل أن يجرؤوا على أيّ عدوان.

فعلى الرغم من البيانات شديدة اللهجة – وإن كانت بلا نتيجة تذكر – وهي عمل دبلوماسي  صادر من الأطراف المستهدفة من الهجمات الصهيونية المتكررة، كما هي شأن الشكاوى المقدمة من الحكومة السورية إلى الأمم المتحدة، ومجلس الأمن بخصوصها، فعلى سبيل المثال (جاء في بيانٍ نشرته وزارة الخارجية والمغتربين على موقعها بتويتر اليوم الجمعة: “تستمر (إسرائيل) بممارسة سياساتها الحربية الإجرامية ضد سورية، حيث قامت طائراتها بارتكاب عدوان همجي جديد، بالتنسيق مع قطعان المجموعات الإرهابية، التي شنت عدواناً على القوات السورية في منطقة الدانا”.(2)

ومع عدم وجود رادع يلجم قوات العدوان عن مواصلة اعتداءاتهم، بقيت عربدة الكيان الصهيوني وعدوانيته قائمة، لم ينقص من عملياته شيء، بل ازدادت وسط صمت دولي، وحتى عربي رسمي، كأنّما لسان حال هؤلاء الصامتين يقول: لا شأن لنا فيما حصل ويحصل في سوريا، كأنّما تحوّلت سوريا بالنسبة إليهم إلى بلد غريب عنهم، لا يهمّهم أمره، مع أنّهم يعلمون جيّدا أن نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله قال: من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، ومن سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم (3).

لقد كان ظاهرا منذ أن بدأ العدوان الإرهابي المتعدد الجنسيات على سوريا، منذ أواسط سنة 2011، كيف انخرط الكيان الصهيوني في حملته المسعورة، بإسناد فلوله وتقديم العون لهم من ذخيرة ومؤن، ومشاركة في العدوان على مواقع للجيش السوري والقوات الرديفة(4)، ورأى العالم بأسره بأمّ أعينه كيف فتح الكيان الغاصب بوابته في الجولان السوري المحتلّ، ليدخِل منها جرحى المسلحين، وكان فضيحة من بين فضائح تعاون هذا الكيان والجماعات الإرهابية، في دلالة واضحة على أنهما وجهان لعملة واحدة، وهي الإرهاب الصهيوني المتعاون مع الإرهاب التكفيري.

هذا الاستمرار في العدوان يشير إلى الحقيقة الدّافعة إليه، مع أنّ نزعة الكيان الغاصب في العدوان متأصّلة فيه منذ نشأته، وقد تأسس على عقدته وبنى بنيان سياسته عليه، لكن الواقع يشير إلى أن اقدام الكيان على شن هجمات متكررة على مواضع محدّدة، تلقت إحداثياتها أجهزة استخباراته العسكرية، لا تفسير له سوى أن الكيان قد اصيب بالذّعر الشديد، وهو يرى تواجد الخبراء العسكريين الإيرانيين على مشارف فلسطين المحتلة، وقد تولّدت فيه قناعة ثابتة، بأن هؤلاء الرجال لم يأتوا الى سوريا – باتفاق مع حكومتها- من أجل النزهة والاستجمام.

الكيان الصهيوني يعلم جيّدا مدى جدّية إيران بشأن فلسطين، ومشروعها الذي ترعاه منذ ثورتها وقيام دولتها سنة 1979، وأولوية تحرير فلسطين بالنسبة لها في مقام متقدّم على غيره من الأولويات، ولا يمكن لأحد تغييره، فهو وصيّة الإمام الخميني رضوان الله عليه، وتأسيسه على قاعدة تجهيز فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ومواكبة تطورها العسكري تدريبا وعدّة، لذلك فهو بعناصره الإستخبارية وأدواتها التنفيذية، يعملان جاهدين من أجل اضعاف قدرات المقاومة، بضرب مواقع تلقّت إحداثيات عنها من الدّاخل السوري.

ومع تواجد خبراء من الحرس الثوري على الساحة السورية، تملك الكيان الصهيوني هاجس خطر أصبح يقترب منه ويتهدّد وجوده من أساسه، فعمدت قواته على ضرب المطارات المدنية والعسكرية على حدّ سواء، بدعوى أن مطاري دمشق وحلب، يشكلان عامل دعم لوجستي للإيرانيين، في استقبال الأعتدة من طريق الخط الجوي الرابط بين طهران ودمشق وطهران وحلب(5) هذا التوهّم الصهيوني دفع بقواته الجوية، الى ضرب مدرجي مطار دمشق مرتين، ومطار حلب مرة واحدة لحد الآن، لتتعطل حركة النزول على المدرجين ويخرجا عن الخدمة.

كيان الصهيوني الذي احتل أرض فلسطين وشرد أهلها زمن غياب الوعي العربي والإسلامي، وخيانات تخللت استحكام قبضة دول الغرب على سياساتهم وقراراتهم، وتواطئ دولي مفضوح، تأسس على عقيدة استعلاء العنصر اليهودي على غيره من الأجناس البشرية، ومع ما قامت به أبواقه بمساعدة دول الغرب، من دعايات لجمع شتاته من دول العالم، فقد تبين أخيرا أن هذا الجمع هجين، لا ينسجم مع بعضه البعض، ولا يمكن تأليفه بالقيمة التي تضمن له البقاء طويلا، وقد ظهر أخيرا تصدّع واختلاف بين فرقائه السياسيين، ينبئ بقرب تحقق تفكك وحدته الوهمية، بمجرّد نكسة أخرى يتلقاها، وبمعنى آخر إن أبسط هزيمة في مواجهة أخرى له ستتسبب في انهيار ما بقي من معنوياته وسينتهي إلى زوال، ومن كان بيته كبيت العنكبوت، أصبح الهين على أصحاب قضية ازالته من الارض التي احتلها.

إن ما تقوم به قوات الجوّية للكيان الصهيوني من اعتداءات على الأراضي السورية، متذرعة بذريعة ضرب تواجد الخبراء الإيرانيين وقوات المقاومة في هذه الفترة بالذات وزيادة وتيرتها والوضع في داخل الكيان يهدده بالتفكك والإنهيار، ليس سوى محاولة لاحتواء الداخل الصهيوني وطمأنته، بأن وضع العسكري والأمني على ما يرام، يحدث هذا في ظل صمت دولي بمنتظماته الدولية وقوانينها، يُعْتَبَرُ رضا ومشاركة في الإعتداءات، وهو ما يجعل محور المقاومة مصمما أكثر من ايّ وقت مضى، على المضيّ في قراره الحاسم، باجتثاث هذا الكيان الصهيوني من أرض فلسطين، فلا سلم ولا أمن في ظل وجوده، وهو عائق كبير يحول بين دول المنطقة، ومستقبلها في الأمن الحقيقي والنموّ الشامل.

المراجع

1 – أبرز الغارات الإسرائيلية على سوريا منذ 2003

https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2016/11/30/

2 – سوريا: الاعتداءات المتكررة تظهر التنسيق الوثيق بين إرهابيي “إسرائيل” والمجموعات الإرهابية

https://hadfnews.ps/post/116218/

3 – وسائل الشيعة الحر العاملي ج16 ص337 ح21702

4 – إسرائيل والجماعات المسلحة في سوريا .. البداية والنهاية

https://www.almayadeen.net/news/politics/882766/

5 – ما السياق الإقليمي لضربات إسرائيل ضد إيران في سوريا؟

https://www.independentarabia.com/node/429761/

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023