السودان في عين العاصفة…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

السودان في عين العاصفة…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

مع الإصرار الشعبي على زوال العسكر من الحكم كما اتضح من المظاهرات الحاشدة التي عمت جميع المدن الرئيسية في البلاد التي رفضت ما قامت به الطغمة العسكرية التي يترأسها البرهان من انقلاب على المكون المدني للمجلس السيادي الانتقالي في السودان وطالبت بدحر العسكر من السلطة ورفض فتح الحوار مع هذا المكون رأينا التدخلات الغربية بدأت وبشكل مكثف وعلى راسها الولايات المتحدة سواء من قبل وزير خارجيتها او مندوبها لمنطقة القرن الافريقي. والغرض طبعا ليس في جوهره لصالح قوى الديمقراطية والتغيير، بل للالتفاف على هذه القوى وإيجاد الحلول الوسطية التي تضمن بقاء المكون العسكري في السلطة لما أبداه هذا المكون للانصياع لمشيئة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وخاصة فيما يحقق مصالح الاثنين معا.

فالولايات المتحدة يريد ان تدعم مكانتها ونفوذها في القرن الافريقي وتبعد روسيا الاتحادية عن هذه المنطقة الحيوية التي كانت قد عقدت اتفاقية مع السودان بإنشاء قاعد عسكرية روسية لأسطولها البحري على ساحل البحر الأحمر الممر المائي الاستراتيجي ضمن استراتيجية روسية كان قد عبر عنها الرئيس بوتين من انه سيجعل “افريقيا على راس أولوياته”. هذه الاستراتيجية التي بالضرورة تتعارض مع كل من أمريكا وفرنسا على وجه التحديد الى جانب الصين أيضا. وبالتالي فإن دخول الولايات المتحدة في السودان وبهذه القوة لم يكن مستغربا على الاطلاق وخصة ضمن ما تشهده أيضا اثيوبيا من حالة من عدم الاستقرار الأمني نتيجة تأجيج الحرب الاهلية حاليا.

ولم يكن مستغربا أيضا ما تناقلته بعض وسائل الاعلام من ان هنالك وفدا إسرائيليا قد اجتمع مع مكونات عسكرية ومدنية في السودان فالكيان الصهيوني كان قد اقام علاقات علنية مع رئيس المكون العسكري في المجلس في نهاية عهد نتنياهو حيث تم الاجتماع بين نتنياهو والبرهان ومن خلف المجلس الانتقالي وكل القوى السياسية السودانية والشعب السوداني والذي في النهاية أدى الى تطبيع العلاقة مع الكيان الصهيوني مقابل رفع السودان من قائمة الإرهاب وهبة مالية من دولة الامارات العربية التي تدفع للدول لدفعها للتطبيع مع العدو الصهيوني. ولكن الامر لا يقتصر على التطبيع فقط بالرغم من أهميته فالكيان الصهيوني أيضا يسعى الى ان يكون له موطئ قدم ونفوذ في تلك المنطقة الاستراتيجية والحيوية فهو اصطف الى جانب اثيوبيا في صراعه مع مصر على مياه النيل وقضية بناء السد وأبلغت السلطات الاثيوبية انها على استعداد لتزويد اثيوبيا بمنظومة صواريخ لحماية السد من أي هجوم مصري محتمل عليه.

ويبقى السؤال المطروح حاليا وضمن هذه التطورات والمصالح للدول الأجنبية والإقليمية الى اين ستؤول اليه الاحداث في السودان وأين هو الموقف الشعبي وقوى الديمقراطية والتغير من المفاوضات والوساطات الجارية حاليا “لاحتواء” الازمة والتي كما ذكرنا لم ولن تكون لصالح الشعب السوداني فالعسكر والقوى الدولية والإقليمية التي دخلت على خط الاحداث في السودان آخر همها واهتمامها هو الشعب السوداني ومطالبه المحقة في التخلص حكم العسكر وإقامة حكم مدني يحقق هذه المطالب المعيشية والاقتصادية وحرية التعبير والعدالة الاجتماعية ومحاسبة القوى والأجهزة الأمنية اللذين اقترفوا المجازر بقتل اكثر من مئة مدني عندما بدأت التحركات الشعبية قبل ما يقرب من عامين لإسقاط نظام البشير كما ومحاسبة قوى الجيش التي قتلت 7 من المدنيين بالرصاص الحي وجرحت ربما المئات في المظاهرات المستمرة لغاية الان.

كاتب وباحث اكاديمي فلسطيني

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023