الشواشي: نتعرض لهجمة شرسة في مناورة السبسي بتزكية من الغنوشي…وحسابات انتخابية تعيد انتاج استقطاب ثنائي “حداثي” و “حامي حماة الشريعة”

حاورته: حنان العبيدي|

لا يزال وقع حسم رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي مسألة تحويل مبادرة المساواة في الميراث بين الجنسين التي طرحها منذ سنة إلى مشروع قانون ليصوّت عليه نواب الشعب بالبرلمان، مدويّا.

وكان قائد السبسي قد أعلن ، في كلمته التي ألقاها بمناسبة عديد المرأة التونسية الاثنين 13 أوت 2018 ، عن مبادرة جديدة تتضمن مشروع قانون جديد يدعو للمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، مشيرًا إلى أنه سيحيل هذا المشروع للبرلمان لمناقشته.

حزب التيار الديمقراطي جدّد في بيان له امس الاربعاء 15 اوت 2018، دعمه لمسألة المساواة في الارث ودعا للنأي بها عن دائرة رهان توافق الشيخين، في هذا الاطار كان لنا حوار مع امين عام الحزب غازي الشواشي وفي ما يلي نص الحوار:

مساندة التيار الديمقراطي لتقرير لجنة الحقوق والحريات تسبب في استقالة وتذمر في قواعدكم… الا تعتبر انكم خضتم مغامرة كبيرة في هذا الخصوص؟
نحن لم نساند تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، بل ساندنا مبادرة رئيس الجمهورية في ما يتعلق بقضية المساواة في الارث، و للذكر كنا قد نشرنا بيانا بتاريخ 23 اوت 2017، مباشرة بعد اثارة الباجي قائد السبسي لهذا الموضوع في عيد المرأة السنة الفارطة، وكنا قد شدّدنا على ضرورة ابعاد المسألة عن التجاذبات والحسابات السياسية الضيقة، كما اقترحنا إقرار منظومتين تتأسسان على مبدأي المساواة في الميراث كقاعدة وحرية اختيار أحكام الميراث الواردة بمجلة الأحوال الشخصية بصيغتها الحالية.
كما ان التيار الديمقراطي دعا إلى النأي بمسألة الحقوق والحريات عن التجاذبات السياسية والحسابات الانتخابية، خاصة أن أغلب العائلات الفكرية والسياسية الوازنة في المشهد السياسي اليوم والتي إجتمعت تحت يافطة هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات حسمت النقاش حول هذه المسائل منذ 10 سنوات، و تجنّب التلاعب بحقوق الإنسان والمتاجرة بها، وفتح حوار شامل وجدّي دون إقصاء أو تهميش لنقاش المسائل الجدالية حول الإصلاحات المرتبطة بالحريات الفردية والمساواة استنادا الى مقتضيات الدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والدينية للتونسيين و عدم جرّ البلاد إلى صراعات إيديولوجية وهمية.
وعند تقديم لجنة الحريات الفردية والمساواة تقريرها، كلفنا خيرة من كفاءات الحزب لدراسته، و في الحقيقة كان التقرير مجرد مناورة من قبل رئيس الجمهورية غايتها التركيز على نقطة واحدة وهي نقطة المساواة في الارث بين المرأة والرجل، للسير على خطى الزعيم الحبيب بورقيبة وما حققه من مكاسب للمرأة التونسية، ونظرا لحساسية مسألة المواريث لدى المواطن و تفاديا لكل انقسام او فتنة داخل الشعب التونسي حول هذا التشريع لا نرى مانعا ان اقتضت الضرورة ذلك، عرض الامر على الشعب ليقول كلمته الاخيرة عبر آلية الاستفتاء .
من جهة اخرى حاولت حركة النهضة من خلال تجييش بعض صفحات التواصل الاجتماعي وبعض المرتزقة، ربط مسألة الميراث بالدين، بغاية تشويه كل من يجرؤ على الالتزام بالدفاع عن مدنية الدولة وديمقراطيتها ومواصلة النضال لتحقيق أهداف الثورة الاجتماعية الديمقراطية من أجل التكريس الفعلي للحريات الفردية والمساواة التامة والفعلية وربطها بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية صونا لكرامة عموم التونسيين والتونسيات ومنعا لكل أشكال التمييز، والارتقاء بواقع نساء تونس ورجالها لفرض الحقّ في الشغل والعمل اللائق والمساواة والحماية الاجتماعية وتكافؤ الفرص والحماية من التهميش والتفقير وهشاشة الشغل.
واليوم اصبحت حركة النهضة تعتبر التيار الديمقراطي الحزب الصاعد والمنافس الحقيقي والرئيسي لها، و محاولة لارباكه شنت هجمة شرسة ووضيعة تهدف لتشويه قيادات الحزب ومناضليه من خلال ربط مسألة الميراث بالدين، رغم ان القيادي بحركة النهضة لطفي زيتون صرح ان الشرع اعطى للمرأة النصيب الأدنى من الميراث وفي مراجعته لا مساس بالدين، ونحن نؤكد اليوم ان حركة النهضة ستصوت لصالح مشروع مبادرة رئيس الجمهورية، وما تسعى اليه اليوم ما هو الا ترويج لصورة ان النهضة حامية الاسلام .
وفي علاقة بالاستقالات الحاصلة، فالاستقالات مست فقط بعض المنخرطين في الحزب لا قياداته، ونحن اليوم من جهتنا ندعو الى ضرورة تركيز المحكمة الدستورية في القريب العاجل و ابعادها عن كل التجاذبات السياسية حتى تقوم بدورها في ضمان علوية الدستور و حماية الحقوق و الحريات.
الا يمكن اعتبار تقرير بشرى خطة من الثنائي الحاكم لتفتيت المعارضة وارباكها؟
كان لنا عديد الاحترازات حول تكليف بشرى بالحاج حميد وبعض أعضاء اللجنة، و لكن اكرّر ان لجنة بلحاج حميدة وتقريرها ما هو الا خطة تمويهية من رئيس الجمهورية تهدف بالاساس الى تمرير قانون وحيد وهو قانون المساواة في الارث بين الجنسين، محاولة منه لدخول التاريخ ومحافظة على مليون مرأة التي  انتخبته في انتخابات 2014، وبالتالي هي مجرد حسابات انتخابية سياسية ضيقة، انتجت استقطاب ثنائي جديد احدهما مع مدنية الدولة وثاني حامي حماة الشريعة الاسلامية، وفي الحقيقة هذا يأثر سلبا على باقي الاحزاب وتواجدها في الساحة السياسية، كما ان هذا المخطط شهدنا مثله في انخابات 2014 التي افرزت قطبين سياسيين لا منافس لهما، وهذا يضر بالمشهد السياسي وبمسار الانتقال الديمقراطي والتعدية الحزبية .
من جهة اخرى في علاقة بتقرير اللجنة نحن وجدنا صلب التقرير عديد النقاط الإيجابية حول الإصلاحات المرتبطة بالحريات الفردية والمساواة استنادا الى مقتضيات الدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، منها مسألة حالة الطوارئ واجراءات الاحتفاظ و مراجعة التشريعات في علاقة بمسألة التعذيب.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023