القدس له يوم عند الأحرار…بقلم حازم عواضي

القدس له يوم عند الأحرار…بقلم حازم عواضي

قبِلتم أم رفضتم…

إنها مسيرة الـ1400 سنة، منذ تاريخ ذلك الرفض، الذي أعلن نشأة أوّل مُعارضة سياسية   في تاريخ البشرية، معارضة الفهم المغلوط والقراءة المزورة، مُعارضة قَطعِ السِلسِلة التي لا تُقطعْ، معارضة ثَقبِ السفينة التي لا تَغرق، مُعارضةَ “حُكومة السيطرة”،  برجال دينها وجيشهم، بمُتْرَفِيها ومَلئِهم.

نستطيع اليوم أن ندوّن التاريخ بعناوين جديدة ومفاصل دقيقة، العالم  قبل وبعد 1979، هي سنةُ قِيامْ الشعب الإيراني، هي سنة إنتصار الثورة الإسلامية الإيرانية، التي أتت لتُلجم أفواه المستكبرين وتحدُ من نفوذهم وسطوتهم، هذه الثورة أزعجت الكل، لم يُصفق لها الشرق ولا الغرب، لأنها كسرت عادة الثوارات، فهي لم تذهب يمينا ولا شمالا، فلا جعلت من آلمعسكر الإشتراكي بقيادة الروس سندا، ولا إختبأت تحت العباءة الأمريكية، يومها، نزل شعار ”لا غربية لا شرقية جمهورية إسلامية، بردا وسلاما على المُحبين، وعلى  المغرضين حجارة من سجيل تقصفها طيورا أبابيل، وكانت بمثابة إنتصارا لكل المستضعفين.

ولما كان ”الكيان الإسرائلي يمثل الغطرسة في المنطقة، أعلن الإمام الخميني غلق السفارة الإسرائلية عقب زيارة ياسر عرفات لطهران 17/2/1979 ورُفع العلم الفلسطيني فوق نفس البناية التي أصبحت مقرا لحركة ”فتح برتبة سفارة فلسطين في إيران، ثم في الشهر الثامن من نفس السنة 1979  أقيم إحتفالا دعا فيه الإمام الخميني إلى إنشاء يوم دولي لمساندة القضية الفلسطينية ونصرة لبيت المقدس حيث قال: «وإنني أدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم لتكريس يوم الجمعة الأخيرة من هذا الشهر الفضيل من شهر رمضان المبارك ليكون يوم القدس، وإعلان التضامن الدولي من المسلمين في دعم الحقوق المشروعة لشعب  فلسطين المقاوم للخطر الوجودي الذي يمثله الكيان الصهيوني على منطقة الشرق الٱوسط والعالم ككل …»

يومها نُفخت الروح من جديد في الجسد الفلسطيني وفي كل الشعوب المقاومة، وخاصة الشعوب العربية والاسلامية، وربما لُطف الله ومحاسن الأقدار كانت حاضرة في نسج التاريخ وحركته، ففي الوقت الذي أُمضيت فيه معاهدة “كامب دافيد“ معاهدة الذل والاستسلام والاعتراف بين مصر والكيان الإسرائيلي“ في 17 سبتمبر 1978، وما صاحبها من شعور بالإنهزام والحسرة لخروج  مصر المقاومة من الصراع العربي ـالإسرائيلي، لتصبح القضية الفلسطينية فيما بعد عبئا تاريخيا في الموقف الرسمي العربي، تأتي الأخبار السارة من إيران مترجمةً في أحداث سنة 1979 وخيارات الثورة الاسلامية في ما يخص القضية الفلسطينية والموقف من الكيان الصهيوني ومن دول الإستكبار عامة، ليقول العدل بصوته أن جذوته لا تنطفئ وأن الحق ليس سوقا  وأن الباطل ولو علا كان زهوقا  .

هذه الثورة لم تهدأ يوما ولم تخلد لنوم ليلا،  بل ضلّت مُتقِدة متواصلة عبر الأجيال، من كتف لكتف، وكأنهم جسدوا فكر الشهيد علي شريعتي وفلسفة المُضحي ”مرتضى مطهري وبصيرة ”الإمام الخميني” حين إجتمعوا على قول  ”الثائر الحقيقي ينام مرّة واحدة“،  فمنذ تلك الحرب 1980ـ1989 المفروضة على الشعب الإيراني، والتي خاضها صدام حسين بإيعاز من دول الإستكبار وتمويلا من دول الخليج لإجهاض الثورة، والعالم يحاصر ايران إقتصاديا وسياسيا تتبعها حملات وبروبغندا لزعزة أمنها وإستقرارها،   إلى يومنا هذا والشعب الإيراني يواجه الإستكبار العالمي بصلفه وحيله، نعم هذا الشعب أعطى درسا في الصمود والدفاع عن سيادته هو يقول لكل الشعوب أن مواجهة الإستكبار أقل ضررا من الرضوخ له، هو يتفاعل ويساند القضايا العادلة وفي مقدمتهم القضية الفلسطينية ولقد إختار أسلوبه وإتبعهم كثيرون من أحرار هذا العالم في نصرتها، فإحياء يوم القدس مثلا، يمثل إنخراطا في القضية الفلسطينية وتثبيتا لها، كما أن له أبعاد أخرى تنفتح عل تحرر الإنسان، فهو يوم نُصرة المظلوم على الظالم ويوم رفض التحيل الدولي والكيل بمكيالين وهو يوم قول الحق ورفض الباطل وهو يوم إجهاض التلاعب بوعي الشعوب هو يوم تقول فيه الأحرار كلمتها لا يسقط الحق بالتقادم وتقول كما قال الإمام عليَ« يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم» .

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023