النقب الفلسطيني محاولة لاستكمال المشروع الصهيوني…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

النقب الفلسطيني محاولة لاستكمال المشروع الصهيوني…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

 

ما يدور في النقب الان هو محاولة استكمال للمشروع الصهيوني القائم على التطهير العرقي والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية او بالأحرى ما تبقى منها بالقوة ولا يمكن فصلها عما يدور في الضفة الغربية في القدس على وجه الخصوص وبقية انحاء الضفة الغربية. نقول استكمال المشروع الصهيوني لان هذا المشروع لم يكتمل بعد بحسب ما خطط له ومن الواضح ان هذه الحكومة التي ممكن تصنيفها على انها أكثر الحكومات اليمينة ذات النزعات الفاشية التي تعاقبت في الكيان الصهيوني بعد إنشاء هذا الكيان العنصري على القسم الأكبر من فلسطين التاريخية عازمة على استكمال السيطرة الكاملة على ما تبقى من فلسطين التاريخية بكل وسائل العنف التي تمتلكها وما القرار الذي يتيح للجيش المشاركة في قمع المظاهرات السلمية والحركات الاحتجاجية حتى في داخل السجون الإسرائيلية الا مؤشر على تصاعد عنف الدولة المدعوم بنمو وتصاعد الفاشية في الكيان الصهيوني الذي بدأت ملامحه تتضح اكثر فأكثر للعلن ومما حدا الكثير من المفكرين والادباء والفنانين والسياسيين بنعت “دولة إسرائيل” بكونها دولة فاشية ودولة فصل عنصري ونظام ابرتهايد على غرار ما كان قائما في جنوب افريقيا.

ومن شاهد المناظر والاحداث الموثقة بالصورة عما يدور في النقب من عنف غير مبرر على الاطلاق من قبل الشرطة الجيش الإسرائيلي يخال له ان هذا فلم وثائقي ام مسلسل عن نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا. المراد تفريغ ما تبقى من أراضي النقب والتي ربما لا تتجاوز 5% من سكانها من البدو الفلسطينيين ونقلهم الى مجمعات سكنية لمحو الهوية والتاريخ والتراث الممتد عبر مئات السنين وفي محاولة لتمرير الرواية الصهيونية فيما يتعلق بالأرض الفلسطينية. هكذا فعل النظام العنصري في جنوب افريقيا عندما استولى على مساحات شاسعة من الأراضي وزج الافارقة في مناطق سكنية معينة. وهكذا فعلت أمريكا مع السكان الأصليين من الهنود الحمر حيث تم تجميع مئات الالاف منهم في معسكرات وأجبروا على ترك أراضيهم بالقوة واستخدام العنف المفرط. والكيان الصهيوني بكونه كيان مغتصب قام على أسس استعمارية واستيطان كولونيالي على غرار جنوب افريقيا وأمريكا ونهل من هذا الفكر العنصري يتصرف بنفس الطرق والأساليب الوحشية.

حكاية بدو النقب الفلسطينيين هي حكاية قديمة وجديدة في آن واحد مترابطة مع بعضها البعض. هي حكاية 45 قرية سميت تحت النظام العنصري منذ إقامة الكيان الصهيوني بالقرى غير المعترف بها من قبل الكيان حتى لا يعطي لأهلها وسكانها اللذين توارثوا الأرض أبا عن جد ومنذ قرون احقية في تملك الأرض. ولكونها قرى غير معترف بها لم يكن هنالك أي إلزام قانوني للكيان لتقديم اية خدمات صحية او تعليمية او اجتماعية …الخ لها او إقامة بنى تحتية لتلك المناطق. وكان على أهلها تدبر أوضاعهم واحتياجاتهم اليومية وبقي الحال الى يومنا هذا ما عدا 13 قرية على ما اظن نالت الاعتراف بها بعد نضال طويل امتد على عقود من الزمن.

وما نشاهده اليوم في النقب هو تصدي أهلنا لجحافل الغزاة من الصهاينة اللذين يريدون انتزاعهم من أراضيهم بالعنف والقوة واستخدام القنابل المسيلة للدموه والرصاص المطاطي والطائرات المسيرة لإلقاء القنابل الصوتية والغازات السامة في محاولة لكسر إرادة وصمود أهلنا في النقب. وها نحن نرى اليوم امتداد لنصرة أهلنا في النقب بمشاركة جماهيرية في كفر كنة والطيبة وغيرها من القرى الفلسطينية داخل 48 وما احوجنا الى وقفات تضامنية في الضفة الغربية وقطاع غزة مع أهلنا في النقب فمعركتنا واحدة وهي معركة وجود. ما يحدث في النقب هو عودة لمشروع برافر العنصري (2016) بشأن النقب والاستيلاء على ما تبقى من الأراضي الذي أسقط بفعل النضال العنيد والارادة الصلبة لأهلنا من بدو النقب.

كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023