برلمان تقاسم كعكة الشعب وتبادل المصالح الحزبية

برلمان تقاسم كعكة الشعب وتبادل المصالح الحزبية

تعيش دول كثيرة، تحت حكم انظمة برلمانية رئاسية، منها ما أثبت نجاعته، وعادة ما يكون ذلك في الشعوب الواعية وخياراتها السليمة، ذلك لان الثقافة في فهم القانون، واحترامه الى درجة التقديس، وأدبيات العمل به، كانت عاملا مهما، في حسن اداء برلمانات وطنية، لم نرى فيها ما يحاكي الفوضى، وغلبت عليها علامات تدعو الى اخذها بجدية، ومتابعتها للوقوف على دواعي سلوكها مسلكا مصلحيا، سواء اكان ذلك لحساب البرلماني نفسه، أم لحساب حزبه.

وقد عشنا في تونس ثلاثة انتخابات، واحد تاسيسي واثنين برلمانيين، وشاهدنا من عجائب جلساتها، ما جعل بعضنا يندم على تصويته لهذا او ذاك، ليتواصل مسلسل الخيبات السياسية في بلادنا، ولا ندري الى أي مدى ستبقى  ولا بأي سبيل ستزول؟

جلسة سحب الثقة من رئيس البرلمان الشيخ راشد الغنوشي، أوفت بما ذكرته من مهزلة، ووقفت بنا على حافة اليأس، من صلاح حال هذه الدورة البرلمانية، حيث تبين لنا ان اخر ما يهتم به في جلساتها هو الشعب ومصالحه، والصراع الدائر هناك، هو بين الاحزاب المتناحرة، تطاحن من أجل تخوين هذا أو ذاك، بلا فائدة تلحق الشعب.

مشاريع قرارات وقوانين أسقطت عمدا مع انها مثلت مواقف شرف ووطنية ووفاء بالتزامات الشعب التونسي المرتبط اخلاقيا وتاريخيا ودينيا بقضايا أمته العربية والاسلامية، كقانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي بقي خارج إطار مداولات البرمان،

وان اسوا ما جرى تحت قبة البرلمان هو اسقاط مشروع قانون يطالب فرنسا بالاعتذار من جرائمها فترة استعمارها لبلادنا..

اما بالنسبة لجلسة سحب الثقة من رئيس البرلمان الحالي راشد الغنوشي، فان ما استفز مشاعرنا، المظاهر العبثية التي تخللت أعمال  هذا البرلمان، فتحول في اغلب جلساته الى حلبة نزاع وصراع، استعملت فيها الفاظ وتصرفات، بعيدة كل البعد عن منطق العقلاء والمسؤولين أمام الشعب – ولا اجرؤ على القول بانهم مسؤولون أمام الله رغم اليمين الذي ادوه على قرآنه-  فعندما يسجل المجلس غياب   نائبا  ويسجل الإقتراع 18 ورقة ملغاة، فذلك يعني ان هؤلاء الذين الغوا أوراقهم، قصدوا منه غاية غير بريئة، جاءت نتيجة تفاهمات تمت قبل يوم الجلسة، بين حزبين، ذكرتنا بما سبق عملية انتخاب الشيخ راشد رئيسا للمجلس، وما جرى فيه من تفاهمات غير معلنة، كما هي حال تفاهمات جلسة سحب الثقة.

وليس بامكاني تجاوز الورقتين الملغاتين، فهما قد عبرا عن طبيعة نواب اخرجوا تونس من حساباتهم، لتبقى الحسابات الاخرى، قائمة عل  قدم وساق، لا تخلو من سمسرة وتبادل مصالح، على حساب الاوضاع العامة للبلاد، والمخاطر التي تحيط بها اقتصاديا وسياسيا وأمنيا.

ولا يكفي في هذه الظروف الطارئة، ان تكون تونس مهددة بجدية في امنها واقتصادها، لتضاف اليهما الحالة السياسية الداخلية والخارجية، وتبين ان ذلك مرده اولا وقبل كل شيء هو سوء اختيار الشعب لنوابه في البرلمان، نتيجة خضوع افراده الى تاثيرات دعائية كاذبة، أو مجاراة أو مجاملة أصدقاء، والاخطر من ذلك كله المال السياسي الذي بدأ يؤثر في الانتخابات بحسب قوة المبالغ المرصودة لشراء ذمة الناخب وصوته، وهذا أمر لم يعد خافيا خلال انتخاب الدورتين البرلمانيتين، ويجب إيجاد حل لهذه المعضلة التي تتناقض تماما مع مبدا الديمقراطية.

والمال السياسي له مصدران رئيسيان مصدر خارجي مأته دول من مصلحتها انجاح هذا الحزب على البقية، استدامة لبقاء مصالح تلك الدول قائمة حظوظها وضامنة لاستمراها، وداخلي بدعم الراسمال الفاسد لمن أخذ العهدة علىى نفسه من احزاب وافراد على التغطية على الجرائم المالية المرتكبة من اصحابه، وتجميد ملفات فساده وغض الطرف عن تجاوزاته بحق قوانبن المالية للبلاد.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023