بعد طوفان القدس سيكون حتما طوفان فلسطين…بقلم محمد الرصافي المقداد

بعد طوفان القدس سيكون حتما طوفان فلسطين…بقلم محمد الرصافي المقداد

 

 

ما لم يكن يتوقعه الكثيرون من متابعي الشأن الفلسطيني، سواء في الداخل الفلسطيني أو خارجه، أن تبادر حركة حماس إلى إطلاق ذراعها العسكري كتائب عز الدين القسام، في عملية عسكرية واسعة ضد الكيان الصهيوني، شملت إطلاق آلاف الصواريخ، وتسلل واقتحام لمستوطنات وقتل وأسر عدد من الإسرائيليين (1) وقد قدّرت أعداد الصواريخ ب5000 وقذيفة، طالت مناطق عديدة وحقّقت إصابات مباشرة.

 

كان الإعتقاد السائد في عموم سوريا وفلسطين ولبنان، أن الإحتفال الذي أقامته قيادة حركة الجهاد الإسلامي بمخيّم (اليرموك) بدمشق، عشية أمس (6/10/2023) بداية من الساعة الثانية والنصف بعد الظهر، بتوقيت سوريا وفلسطين المحتلة، سيكون منتهى ما يمكن أن تقوم به هذه الحركة، إحياء لذكرى تأسيسها، لكن المفاجأة وقعت صباح هذا اليوم، على الساعة السادسة صباحا، وكانت بحقّ مفاجأة سارّة، لكل من آمن بتحرير فلسطين كلّ فلسطين، من براثن الاستكبار والصهيونية.

 

هل يمكن أن تكون هذه المبادرة العسكرية الجهادية مقدّمة لحرب شاملة مع الكيان الصهيوني؟

 

أم هي مجرّد إحداث حالة من الرّعب مستمرّة في صلب العدوّ؟ وبالتّالي زيادة زعزعة أساساته المدنية والعسكرية، بحيث يتحول استقراره الظاهر – الذي يعمل على إظاهره للرأي العام العالمي – إلى ارتباك وعدم الإستقرار، من شأنه أن يُسهم في اضعافه وتقريب أجله، فعملية عسكرية مكثفة كهذه التي قامت بها حركات المقاومة الجهاد الإسلامي وحماس، تندرج في هذا الإطار من زعزعة أمن الكيان، تمهيدا لاجتثاثه من الأرض الفلسطينية.

 

وفي مظهر من التعاون والتكاتف والتآزر ومن خلال غرفة العمليات المشتركة بين فصائل المقاومة الإسلامية، بدأ الهجوم الغير مسبوق في تاريخ المقاومة الفلسطينية، والذي أطلق عليه (طوفان الأقصى)، وأسفر عن قتل وجرح وأسر أعداد من الصهاينة، نقلوا إلى داخل قطاع غزة، وحسب ما أفاد به ناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي، فإن العملية العسكرية التي أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية، تثبت هشاشة كيان الاحتلال، مقابل قوة المقاومة وإصرارها على مواصلة مسيرة تحرير الأسرة وتحرير فلسطين ومقدساتها.(1)

 

هكذا أثبتت حركات المقاومة الفلسطينية جهوزيتها لمواجهة الكيان الصهيوني الغاصب، هذه الجهوزية التي ما فتئت تتطوّر بمرور الوقت، وهي من فضل الله تعالى على عباده المظلومين في فلسطين، وجهود النظام الإسلامي في إيران، منذ طرد البعثة الصهيونية التي بنى مع كيانها الشاه المقبور علاقات على مستوى سفارات، ومع ذلك كان حكام الخليج وباقي العرب يستقبلونه بكل حفاوة وتعظيم، ولما سقط نظام الشاه بثورة إسلامية عارمة، قادها العالم الكبير الامام الخميني رضوان الله عليه بجدارة القائد الحكيم، الذي جعل في أعلى سلّم أولوياته قضية فلسطين، مساندة وتأييدا وتحريرا، فحملها نظامه وشعبه بعزم كبير واعتقاد راسخ، بأن فلسطين لن تتحرّر بالمفاوضات، ولن يستكين المعتدي الصهيوني الجاثم على أرضها إلى القانون الدّولي، والتجارب التي مرّت وطواها الزمن في هذا الخصوص، كافية لاستبعاد أيّ توجّه وطنيّ نحو المفاوضات وتوقع خير من المنتظم الأممي.

 

لم تدّخر إيران جهدا في تطوير وسائل مقاومة عدوّ عنصريّ شرس، يتلقى مختلف أنواع أسلحته المتطوّرة من دول الغرب بزعامة أمريكا، فمدّت جسور تواصلها مع حركات المقاومة بفلسطين، وقدّمت لها ما لم يقدّمه أحد غيرها، فطوّرت وسائل دفاعها وهجومها بصواريخ فجر، وقامت بتدريب عناصر فلسطينية مختارة بدقّة على صناعة الصواريخ وتطويرها، وها هي اليوم ثمرة هذا التعاون تظهر جليّة في هذا الهجوم الفدائي، الذي نفّذته نخبة من المقاومين الفلسطينيين، حيث قدّموا عرضا وعيّنة من قدرات محور المقاومة المبارك، أذهلت اليوم العالم بأسره.

 

لا يمكن لشعب آمن بعدالة قضيته أن يخسرها، طالما هو سائر بقواه الخيّرة والمقاومة في طريق حلّها بما تستوجبه من قوّة، وليس هناك طريق لاستعادة فلسطين والقدس غير استعمال القوة العسكرية، والشعب الفلسطيني يملك من الرجال والكفاءات القيادية والعلمية ما يمهّد لطريق التحرير الذي يشترط أن تكون النواة الفاعلة من صلب هذا الشعب المقاوم والصابر، لذلك فلا عجب اليوم من جس نبض يفتح باب التحرير مستقبلا على مصراعيه، وهشاشة الكيان داخليا أصبحت واضحة، حتى من خلال الإضطرابات التي وقعت داخله هذه السنة، والتي تعتبر الأكبر والأخطر تهديدا لكيانه منذ تكوينه، وهذا ما دفع بالكثيرين من الصهاينة إلى التفكير في المغادرة، والبحث عن بلدان غربية ينقلون إليها أعمالهم، ويستقرون فيها بأسرهم(3).

 

جني ثمار صبر الشعب الفلسطيني وطول معاناته ومدى مقاومته سيكون قريبا، فليس من ضحى مؤمنا بأنّ طريق تحرير بلاده لا يمرّ عبر الدبلوماسية العقيمة، كمن قبع في زاوية انتظار توافق دولي واجماع عربي على غضّ الطرف عن جرائم الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين العزّل، فذاك اختار طريق مقاومة محتلّه، وهذا نتاجه الذي ظهر اليوم بعنفوان القوّة، ولا عزاء لمن تسوّل واستجدى مساندة فارغة لم تسفر عن شيء الى اليوم ولن تاتي غداء بغير العار على أصحابها، فلسطين بشعبها المقاوم تنثر علينا اليوم أكاليل النصر المرتقب، وتطمئننا بتلاحم حركات مقاومتها أن غدها سيكون الأفضل بالتأكيد.

 

المراجع

 

1 – كتائب القسام تطلق طوفان الأقصى وتأسر جنودا للإحتلال ونتنياهو يعلن حالة الحرب

 

https://www.aljazeera.net/news/liveblog/2023/10/7/5934920

 

2 – الجهاد تعلن انخراطها في عملية طوفان الأقصى ضدّ اسرائيل

 

https://aawsat.com/

 

3 – إسرائيليون يبحثون عن فرص في الخارج وسط اضطرابات في الداخل

 

https://www.bbc.com/arabic/articles/c3gdgw3jg80o

 

 

 

 

 

 

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023