“حصاد” برلسكوني في المنطقة المغاربية: “قبلة” على يد القذافي وقناة تلفزية بتونس ودعارة و”تزوير” في المغرب

“حصاد” برلسكوني في المنطقة المغاربية: “قبلة” على يد القذافي وقناة تلفزية بتونس ودعارة و”تزوير” في المغرب

ودّعت إيطاليا، الأربعاء، رئيس حكومتها الأسبق، سيلفيو برلسكوني، في جنازة رسمية حضرها آلاف الأشخاص، بينهم سياسيون وبعض القادة الأجانب.

ونظمت الجنازة الرسمية للملياردير، الذي توفي، الإثنين، عن 86 عاما بسرطان الدم في كاتدرائية ميلانو، التي تُعد معلمة تاريخية بشمال إيطاليا وثالث أكبر كنيسة في أوروبا.

وحضر مراسم الجنازة رئيس الجمهورية، سيرجيو ماتاريلا، ورئيسة الحكومة، جورجيا ميلوني المتحالفة مع حزب “إيطاليا إلى الأمام” (Forza Italia)، الذي أسسه برلسكوني في 1994 مستوحياً اسمه من ترنيمة شعبية كانت تهتف بقوة في مدرجات كرة القدم.

وبالإضافة إلى رصيده في العمل السياسي والحياة العامة، فإن برلسكوني شخصية جدلية بسبب نفوذه السياسي والإعلامي وثرائه، إذ كان من كبار أغنياء البلاد بثروة قدرتها مجلة فوربس الأميركية بنحو 6,8 مليارات دولار.

وكان الرجل مثيرا للجدل أيضا خارج بلاده، فقد جمعته “صداقة” خاصة مع الزعيم الليبي السابق، معمر القذافي، وتورط في عدد لا يحصى من الدعاوى القضائية.

واشتهر في المغرب بسبب سلسلة الفضائح المتعلقة بالقضية المعروفة بـ “روبي غيت”.

من صداقات وفضائح وعقود استثمار، هذه قصة برلوسكوني مع المنطقة المغاربية:

القبلة الشهيرة على يد القذافي

أقام برلوسكوني علاقة وثيقة جدا مع معمر القذافي، ووقع في 2008 مع العقيد الراحل معاهدة صداقة وتعاون لتصفية حسابات 30 عاما من الاستعمار الإيطالي لليبيا (1911-1942).

وفي زيارة تاريخية، اعتذر برلوسكوني عن حقبة الاستعمار متعهدا بدفع تعويضات لليبيا بقيمة خمسة مليارات دولار على شكل استثمارات على مدى 25 عاما.

وفي تلك الزيارة، اصطحب الرئيس الإيطالي تمثال “فينوس قورينا”، وهو قطعة تاريخية تعود إلى القرن الثاني للميلاد، واستحوذ عليه جنود إيطاليون في 1913.

وفي 2009، فرشت إيطاليا بدورها السجاد الأحمر للقذافي واستقبله بحفاوة رغم أن الزيارة خلفت عاصفة من الانتقادات حتى بين حلفاء برلوسكوني.

وفي روما، أعلن القذافي طي “صفحة الماضي” الاستعماري.

زيارة القذافي إلى روما في 2009

ونصبت خيمة القذافي في “فيلا دوريا بامبيلي”، أضخم حدائق روما، ومُنح طاقمه (وكان تعداده 200) القصر المتواجد فيها الذي يعود الى القرن السابع عشر.

بدورها، دعمت ليبيا الجهود الإيطالية لمكافحة الهجرة السرية، وساهمت مالياً في مصرف “أونيكريدت”، أكبر البنوك الإيطالية، وأعربت حينها عن رغبتها في الحصول على قسم كبير من شركة إيني النفطية العملاقة.

ولاحقا، تكلل كل هذا التقارب بقيام القذافي وبرلسكوني بوضح حجر الأساس لطريق سريعة تمتد 1200 كلم على طول السواحل الليبية.

وتوالت اللقاءات بين الطرفين، إذ كان الإعلام الأوروبي يشير إليهما كصديقين، فقد وصفتهما صحيفة دير شبيغل الألمانية بـ”رفقاء الأحضان”، لافتة في 2011 إلى أن برلسكوني حلّ ضيفا في القذافي في اجتماع للزعماء العرب في سرت الليبية فقام “بتقبيل الزعيم الليبي على يده تحية له، وهي لفتة يُحتفظ بها عادةً للبابا”.

علاقة برلسكوني بالقذافي كانت مثار اهتمام إعلامي بأوروبا

وكانت قُبلة اليد الشهيرة وعلاقتة بالقذافي مثار إحراج شديد لبرلسكوني إثر اندلاع الانتفاضة الليبية في 2011.

وزاد من هذا الإحراج رفض برلسكوني انتقاد القذافي، لكنه عاد في وقت لاحق ووقف إلى جانب الحلفاء الغربيين ضد صديقه السابق، حيث شاركت ايطاليا بالحملة الجوية لحلف شمال الأطلسي في ليبيا.

وتحوّلت علاقة الصداقة إلى ما يشبه العداء بعد أن دعا برلسكوني القذافي لتسليم نفسه، معربا عن تضامن إيطاليا مع الثوار.

بل أكثر من ذلك، استجاب برلوسكوني لدعوات المعارضة الليبية ممثلة في المجلس الوطني الانتقالي بالإفراج عما يزيد عن 500 مليون دولار من الأرصدة الليبية المجمدة، في حين تحدثت صحيفة محليّة حينها عن رغبة برلسكوني في تصفية الزعيم الليبي، وهو ما نفاه مقربون منه.

شهرة بالمغرب بسبب “روبي غيت”

في 2010، كشف الإعلام الإيطالي أن برلوسكوني اتصل بالشرطة لإطلاق سراح فتاة قاصر من أصل مغربي تدعى كريمة المحروقي، ومشهورة بلقب “روبي”، وكذب على الشرطة بقوله إنها “حفيدة” الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

وكانت المراهقة (17 عاما) محتجزة لدى الشرطة بتهمة “السرقة”، ويُعتقد أن برلوسكوني دفع لها أجرا مقابل ممارسة الجنس.

تفجرت هذه القضية في وجه حلفاء الرجل. وحينها، دخلت الكنيسة الكاثوليكية على الخط، إذ دعا الكاردينال، انجيلو بانياتشو، كل الأشخاص الذين يتسلمون مسؤوليات سياسية إلى الالتزام بـ”الرزانة والانضباط والشرف”، بينما ندد برلوسكوني بـ “حملة اضطهاد يقودها قضاة يساريون”.

ولمدة أشهر، تصدرت هذه القضية اهتمام وسائل الإعلام المحلية، خصوصا بعد نشر عشرات المحادثات الهاتفية بين مجموعة من الشابات ومنظمي “سهرات فاحشة” في منازل برلسكوني.

ونفت وروبي – المتحدرة من مدينة الفقيه بن صالح (وسط المغرب)- أيضا إقامة أي علاقة جنسية، وأقرّت فقط بأنها شاركت في سهرات عشاء “عادية تماما ومتعقّلة”.

مقابلة سابقة لكريمة المحروق مع قناة إيطالية حول علاقتهت ببرلسكوني

في تلك الفترة، كانت “روبي غيت” ثالث فضيحة جنسية لبرلوسكوني بعد فضيحتي نويمي (ماي 2009) القاصر التي كلفته علاقته بها طلب طلاق من زوجته فيرونيكا لاريو في جوان 2009.

وتابعت الصحافة المغربية أيضا عن كثب هذه القضية إثر انتشار أنباء في الإعلام عن قيام “شخصين إيطاليين بدفع مبلغ من المال الى موظفة في بلدية الفقيه بن صالح حتى تُغير تاريخ ولادة كريمة المحروق في السجلات الرسمية من العام 1992 الى العام 1990″، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.

وأضاف المصدر نفسه أن “محاولة التزوير هذه كان الهدف منها إثبات أن الفتاة كانت راشدة في فيفري 2010، تاريخ إقامتها علاقة جنسية مع سيلفيو برلسكوني مقابل مبلغ من المال، إذ إن القانون الإيطالي يحظر ممارسة الدعارة مع من هم دون 18 عاما”.

في 2014، برأت محكمة الاستئناف في ميلانو برلسكوني، بعد حكم سابق بسجنه سبع سنوات بتهمة الدعارة واستغلال السلطة.

صداقات واستثمارات بالإعلام

وعلاوة على شهرته في ليبيا والمغرب، جمعت برلسكوني صداقات كثيرة مع رجال أعمال في المنطقة المغاربية، كما استثمر في قطاع الإعلام بتونس.

ففي 2007، تم تأسس قناة “نسمة” وكان يومها ثاني تلفزيون خاص يُطلق في تونس بطموحات كبيرة، منها التوسّع مغاربياً لتغطية عموم شمال أفريقيا.

وكان الشقيقان نبيل وغازي القروي يمتلكان 50 في المئة من رأسمال القناة، بينما يملك برلسكوني 25 في المئة ورجل الأعمال التونسي، طارق بن عمار، الـ25 في المئة الباقية.

وجمعت بن عمار، وهو منتج سينمائي عالمي، صداقة خاصة ببرلسكوني، فقد أسّسا، في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، شركة “كينتا” للإعلام.

وعلى الصعيد السياسي، حكم سيلفيو برلسكوني إيطاليا ثلاث مرات منذ العام 1994، والتقى خلال السنوات الثلاثين الأخيرة العديد من السياسيين والزعماء المغاربيين.

أصوات مغاربية

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023