#حكومة “التكنوقراط”.. ماهي السيناريوهات المحتملة..!؟

#حكومة “التكنوقراط”.. ماهي السيناريوهات المحتملة..!؟

ﻓﻲ ظل ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻤﺘﻘﻠﺐ، ﺗﺒﺪﻭ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺣﻮﻝ ﺧﻔﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﺠﺪات ﺿﺒﺎﺑﻴﺔ ، ﻣﻤﺎ ﻳﻔﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮﺍﻋﻴﻪ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻼﺕ ﻭﺍﻟﻔﺮﺿﻴﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﻮﻗﻊ ﺃﻥ ﺗﺸﻬﺪﻫﺎ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ حول مشهد تشكيل الحكومة و كيف سيكون الحزام السياسي و البرلماني ؟.. و هل فعلا الحكومة القادمة قادرة على حلحلة الأزمات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية..أسئلة كثيرة تطرح نفسها و ضباب كثيف يخيم على مشهد تشكيل الحكومة والمعطيات حول شكل الحكومة وطبيعتها وحجمها، تملأ الكواليس و المنابر السياسية وصفحات الصحف، وتتعارض وتتضارب. فأي توجه هو الأصح وأي مسار سيعتمد الرئيس المكلف السيد هشام المشيشي و ماهي سيناريوهات حكومته التكنوقراط..؟

الأكيد أن الأسابيع القادمة ستكون حاسمة و محددة لمسار المشهد السياسي التونسي، فالصراع بين الطبقة السياسية و الإختلاف حول تشكيل حكومة تكنوقراط مرشح إلى مزيد من التأزم وخلط الأوراق.. مؤشرات عديدة توحي بأن القطيعة بين الأطراف السياسية واردة ، إلا أن فتح الحوار والتوصل إلى صيغة وفاقية، لا يزال احتمالا قائما، وبالتالي وفي ظل الأحداث المتسارعة للوضع الوبائي و تداعياته إضافة إلى الأوضاع الإجتماعية و الإقتصادية المتأزمة ، ينبغى في الوضع الراهن على النخبة السياسية أكثر من أي وقت مضى إلى تجاوز خلافاتها السياسية، و بالتالي هنالك اوضاع لابد ان تتغير فورا و مشهد تشكيل الحكومة يكاد يصبح مطلب شعبي لعودة الإستقرار السياسي، لأن البلاد غير قادرة تحمل المزيد من الأزمات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية نتيجة الهزات و التقلبات و المصالح الضيقة ،لاشك وان الصراعات الوهمية ستزيد من تأزم الوضع، وصولا إلى إقحام البلاد في أزمة حكم مهما حاول البعض سياسة الهروب إلى الأمام..

حكومة المشيشي المستقلة هل تحظى بمنح الثقة و ينتهي هذا الصراع العقيم الذي لم يخرج ولا أفق لنهايته بل نرى أزمة سياسية حادة و عميقة منذرة بإنهيار سياسي كبير يتبعه انهيار اقتصادي أكبر.. لأن في إعادة الإنتخابات التشريعية في هذا الظرف الذي تمر به البلاد عملية إنتحارية وسط التدهور السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي ، و أيضا من الضروري ان تكون حكومة منفتحة على الخبرات و الكفاءات الوطنية تلتف حولها كل القوى السياسية و تجمع أكبر عدد ممكن من الفرقاء لضمان حزام سياسي و برلماني واسع يفسح لها المجال للتحرك بحرية لإنقاذ البلاد من المجهول بعيدا عن التجاذبات الضيقة و المكايدات ، ونأمل ان لا تساهم الحكومة الجديدة في تقسيم الطبقة السياسية مما يزيد في الطين بلة، و يبدو ان منذ الإعلان عن تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة، أثارت جدلا وانقساما كبيرا داخل الطبقة السياسية، بعض الأحزاب أعلنت تمسكها بحكومة حزبية، و عبرت أحزاب أخرى عن دعمها لخيار المشيشي، فيما لجأت أطراف أخرى إلى الترحيب بحكومة تكنوقراط عبر تأكيد دعمها للخيارين حكومة “حزبية أو مستقلة” و بالتالي هناك أهمية كبيرة للتوافق و ضرورة تشكيل فريق حكومي منسجم و كفاءة و توفير حزام سياسي ملتزم لتستطيع الحكومة القادمة ان تحظى بمنح ثقة البرلمان و تصمد أمام الكم الهائل من الأزمات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية التي تمر بها البلاد خاصة وان نعطي الفرصة الى الحكومة الجديدة بأن ترعى مصالح الوطن بعيدا عن المراهقة السياسية و منطق المحاصصة الحزبية التي يريد كل طرف تشكيلة على مقاسه يختار فيها الحقائب الوزارية بتغليب منطق الغنيمة الحزبية والمناورات السياسية واقتسام المناصب على قاعدة المصلحة الحزبية والذاتية على مصلحة البلاد العليا.. تبقى المخاوف من أنه لو نجح المشيشي ، في تمرير حكومته والحصول على ثقة البرلمان وسط هذا الإنقسام اللعين بين الطبقة السياسية فإن هذه الحكومة لن تتمكن من الحكم نتيجة هشاشة الحزام السياسي الداعم لها وبالتالي لن تتمكن من العمل ومعالجة الملفات المتراكمة وحل الاشكاليات واخراج البلاد من الوضع المتدهور الذي تردت فيه خاصة بعد فشل التوافقات في ظل وضع اقتصادي واجتماعي هش وقابل للإنفجار..

في الحقيقة لست متشاءم و لست متفاءل بل متمني و متأمل من حكومة قوية يدعمها حزام سياسي قوي و لن يتحقق ذلك إلا بالتوافق ولن يكون هنالك توافق إلا ببعض التنازلات و مراجعة عميقة وشاملة لتركيبة الحكومة الجديدة و أهمية النسج على منوال الحكومة الحالية (المستقيلة) التي تضم خليطا متجانسا بين الكفاءات المستقلة والشخصيات السياسية و بالتالي قد تحظى بحزام سياسي و برلماني واسع يمكنها من القيام بدورها في خدمة مصالح الشعب و الوطن..

في خضم هذه المتاهة السياسية المعقدة و حالة الإستعصاء السياسي الغير مسبوق في بلادنا أرى أهمية و ضرورة التسريع في تشكيل الحكومة الجديدة في ظل التحديات الإقتصادية المتواصلة و التراكمات الإجتماعية المرشحة للإنفجار إضافة إلى وضع لا يقل أهمية و خطورة “كوفيد التاسع عشر” و هو القضية التي تهم الجميع وتتطلب استجابة وطنية و إنهاء الصراعات التي تجعل الشعب البريئ يدفع الثمن باهظا وبالتالي فإن هذا الظرف الإستثنائي يقتضي تنحية جميع المهاترات السياسية جانبا ، والسعي الجاد للحوار والمصالحة الوطنية وانهاء الانقسام والاتفاق على برنامج وطني تسخر له كل القدرات والجهود والامكانيات متكاتفة لتنفيذه للخروج من المأزق الوبائي بأخف الأضرار
ففي الوقت الذي نعلم فيه أن الجميع يعانون ويكافحون من أجل صحة الشعب و إستقرار البلاد ، تصبح المكايدات والخلافات السياسية لا معنى لها، بل لا يمكن التفكير فيها بتاتا..
خطر كورونا لايزال قائما ،إضافة إلى الأزمة الإقتصادية الحادة في ظل التناحر السياسي ، لابد أن تدرك الطبقة السياسية ان جميع المؤشرات الراهنة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن تونس تتجه بأقصى سرعة نحو الهاوية..
حذار من الإستهتار و الإنهيار فإذا إنهار الوضع فسينهار على رؤوسنا جميعا ولن ينجو أحد !!

الأيام القادمة ستكشف لنا عن ملامح المشهد السياسي الجديد و ﻛﻞ ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮﻫﺎﺕ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻤﺒﻜﺮﺓ ﻭﻣﻬﻤﺎ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻣﺮ، و أمام هذا الإنقسام الواضح و الإختلاف حول تشكيل حكومة كفاءات مستقلة ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ ﻟﻦ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺤﻞ ﺍﺟﻤﺎﻉ ﺍﻭ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻭﺳﻴﻜﻮﻥ ﻧﻘﻄﺔ ﺿﻌﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﺿﻌﻒ ﺍﺳﻨﺎﺩﻫﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻧﻲ . ﺃﻣﺮ ﻳﺠﻌﻞ ﻛﻞ ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮﻫﺎﺕ ﻣﻤﻜﻨﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﺸﻞ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﻧﻴﻞ ﺛﻘﺔ ﺍﻟﺒﺮﻟﻤﺎﻥ ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺔ ﻣﺮﻳﺤﺔ، و تتعرﺽ ﻟﻠﻔﺸﻞ ﻭﺍﻟﺴﻘﻮﻁ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺍﻣﺘﺤﺎﻥ صعب ؟ و بالتالي تصبح الطبقة السياسية أمام الأمر الواقع و أمام حلان سياسيان، إما منح الثقة لحكومة المشيشي وفق برنامج واضح و تركيبة حكومية مستقلة تماما أو تكنوسياسية متجانسة ودعمها بنزاهة أوعدم منحها الثقة والذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانه..

و يبقى السؤال مطروحا حول سيناريوهات حكومة التكنوقراط ؟ هل تحظى بالثقة و ينتهي هذا النشاز السياسي و الإنقسام اللعين ؟
هل تكون حكومة الفرصة الأخيرة “تكنوقراط” ام “تكنوسياسة” ؟

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023