(رفضه البرلمان) – إفتتاح “صندوق زكاة” في الكرم..سابقة “خطيرة تهدّد مدنيّة الدولة..

في خطوة لافتة ومتعارضة مع رفض مجلس نواب الشعب مقترح حركة النهضة بإحداث صندوق زكاة ضمن قانون المالية لسنة 2020 يوم 10 ديسمبر 2019 ,أعلن رئيس بلدية الكرم فتحي العيوني أنه سيقوم بافتتاح وتدشين صندوق زكاة بالكرم، يوم الثلاثاء 19 ماي 2020، الموافق لليلة القدر في رمضان.

ولفت العيوني الى أنّ هذا الصندوق هو أوّل صندوق زكاة في تونس منذ الإستقلال، مبيّنا أنّ الإحتفال ينطلق بداية من الساعة العاشرة صباحا بغراسة زيتونة مباركة والقيام بزيارة داخل مقر الصندوق للتعرف على طريقة العمل داخله، كما سيقوم بعقد ندوة صحفية في نفس الوقت للإجابة على جميع تساؤلات الصحفيين بخصوص هذا الصندوق الأول في تونس.

وكان رئيس بلدية الكرم فتحي العيوني اعلن في شهر نوفمبر الفارط، قراره بإحداث صندوق للزكاة في بلدية الكرم “وفقا لما ينصّ عليه الدستور بخصوص التقيّد بمبادئ الشريعة الإسلامية واستنادا إلى القانون عدد 29، الذي يسمح للجماعات المحلية ببعث صناديق خاصة لتمويل المشاريع العامة والمرافق الأساسية” حسب قوله، ودعى إلى ضرورة تعميم هذه التجربة على باقي البلديات.

وأمام هذه المبادرةالتي إعتبرها المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة خطيرة و غريبة عن مجتمعنا، أصدر المرصد بيانا  يُؤكّد على :
– أنّ هذه المبادرة مؤشّر خطير على استخفاف بلدية الكرم بمؤسسات الدولة، حكومة ومجلسا تشريعيا، وقد رفض مجلس نواب الشعب المصادقة على إنشاء صندوق للزكاة.
– كما أنها تُمثّل تحدّيا صارخا لمنطوق الدستور في تنصيصه على مدنية الدولة ومحاولة واضحة ومفضوحة للشروع، خطوة خطوة، في بناء الدولة التيوقراطية الدينية، دولة الخلافة، التي تنسف مبادئ الدولة المدنية الحديثة.
– أن عبارة “الزكاة” هي مفهوم ديني بحت وفريضة يقوم بها المسلم بمفرده، واستعمالها مغالطة للمواطنين قصد اقناعهم بأن المساهمة في الصندوق واجب ديني وليس مبادرة تضامنيّة، كما أنها تُكرّس التفرقة بين المسلمين وغيرهم من المواطنين التونسيين، وفي مخالفة صريحة لنص الدستور وروحه.
– أن ربط مفهوم الزكاة بالشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية هو محاولة لتمرير إيديولوجيّة سياسية. ذلك أن مساهمة المواطنين في التنمية وفي حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية تمرّ عبر الضرائب والأداءات، أي عبر المؤسسات الرسمية للدولة التي هي وحدها المسؤولة عن تلبية الاستحقاقات الاجتماعية للمواطنين، وليس عبر صناديق مشبوهة يُراد بها الشروع في تعويض البنك المركزي ووزارة الماليّة لترك الماليّة العموميّة بين أيدي طرف سياسي دون غيره.
– أن تجارب التونسيين مع مثل هذه الصناديق (26-26، 21-21، 18-18) تركت أسوأ الذكريات لديهم بسبب ما حام حولها من شبهات الفساد وسوء التصرّف.
لذلك فإن المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة يطالب السلط السياسية العليا بالتدخل العاجل لمنع هذا التوظيف السياسي للدين وهذه التجاوزات الخطيرة التي تُمثّل تمرّدا على مؤسسات الدولة وعلى دستورها ومدنيّتها.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023