سؤال ايران وقد بلغت أشدّ الاربعين… بقلم: د.الهذيلي منصر

لا يعني شيئا أن يوالي التونسيون ايران، كلا أو بعضا. لا يعني شيئا أنهم ينصرون ايران وينتصرون لها. أقصد أنّ ذلك لا يزن. لا يضيف الى الايرانيين ولا ينقص. حجم ايران وما تتحرّك فيه يمنع تونس الصغيرة والبعيدة من التحوّل مناطا ايرانيا يحرّك الايرانيين استراتيجيا. لا نملك لها بحسابات السياسة والامن والعسكر والمال والطاقة والاقتصاد.

هناك اهتمام ايراني بتونس من ضمن اهتمام عام بالفضاء العربي وايران تحرص على أن تكون مقبولة بين العرب وهم جيران. تسلك ذات السلوك تقريبا مع جيرانها من اتراك وباكستانيين وساكنة اسيا الوسطى. هناك من التونسسين من يعرّف نفسه مواليا لايران ويعتقد أنّ له كلّ القيمة. لا. بالحسابات المعتمدة لا قيمة له، على الاقل كما يقدّر. أصلا، لم يكن السؤال خلال السنوات الماضية إن كان علينا ونحن في تونس أن نوالي الايرانيين أو لا. كان السؤال: هل نعادي ايران أو لا وكان ضخّ ضخم وحشد مجنون من أجل أن نعادي ايران.

جماعات الوهابية دفعت نحو هذا. كذلك دفعت جماعات القرضاوي وجماعات عزمي بشارة. فعليا طُلب منا أن نحوّل ايران عدوا أولويا للتونسيين. لماذا؟ هنا السؤال والجواب عنه تنوع: الوهابيات بررت جهدها بحجة أنها شيعية مبتدعة مارقة عن اهل السنة والجماعة. الإخوانيات حلمت ولا تزال بأردوغان خليفة وقدّرت أن نفوذ ايران مانع لذلك. العزميات رأت في ايران عدوا للشعوب وانعتاقها. طوابير من السياسيين والاعلاميين موّلهم السعوديون والاتراك والقطريون للدفع بكلّ قوّة من أجل إدخال التونسيين في معركة هي ليست معركتهم. لا حجمهم يقول أنها معركتهم ولا مصلحتهم ولا ما تعوّدوا عليه تاريخيا.

كانت حملات الحاق بمتصارعين على النفوذ هم اليوم يتقاتلون بل وينشر بعضهم بعضا بالمناشير. هناك سياسات ايرانية مقابل سياسات تركية واخرى سعودية وثالثة قطرية وكلّها اجتمعت بمحطات اولى بتنسيق مع الأمريكيين وكل طرف كان يراهن على أنّ أمريكا تراهن عليه لا على غيره. في الأخير تبيّن أنّ رهان أمريكا على اسرائيل دائما وأبدا. سياسة بناء شراكة مع الامريكيين سياسة فاشلة خائبة. يتبيّن أنّ سياسة الموت لأمريكا وفي أدنى الأحوال أقلّ ضررا وكلفة. الايرانيون ينتهجون هذه السياسة منذ ثورتهم وهم أحرار. يريد خصومهم الاقليميين انتهاج سياسات نقيضة ويطلب من التونسيين وغيرهم التصفيق والتهليل. خبتم وخاب مسعاكم! الواحد اذا لم ينصر حقا فعلى الأقلّ لا يكون جندي باطل.

شخصيا وفقط لأنني تونسي أعتبر أن ابو يعرب المرزوقي معرّة وعنوان هوان والرجل يرى نفسه علما وجهبذا. معارك الشرق ذاهبة الى حسم ان بما نرى من خطط انسحاب امريكي وان بعد مواجهة ضخمة شاملة. لا أرى الا انتصارا واسعا للايرانيين وحلفهم. لا أراه رغبة وحلما. أراه وصفا وتحليلا وتفكيك مشهد وإحاطة بالمتابعة والاطلاع. هناك من تحمّلوا اعلى المسؤوليات في هذا البلد بلحظة حساسة حدّثهم عن اقتدار ومتانة ايران وكيف أنّ التأليب عليها من الجنون ولا يحقق مصلحة. لم ينتبهوا الى ما كنت اقول مجرّد الانتباه. فهمت أنهم مرهونين وأنهم رهنوا مسار تونس براهنيهم. كل بيضنا وضع بسلال مثقوبة مهزومة.

كتبت منذ 2011 دفاعا عن ايران لأنها مستهدفة ببغوات مخصية صهيونيا وأمريكيا ودافعت عن الشيعة والتشيع لأنني كنت أفهم أنّ قصف المذاهب نعرة يحركها الاستعمار ولا علاقة لها بمعرفة أو دين. اخيرا انتصرت لانصار الله والحراك اليمني الذي دشنوه ايمانا بأنّ الفرج لا يتيسر للعرب الى على جثة آل سعود. لا أعتبر نفسي مع هذا والبعض يراه كثيرا كبيرا مواليا لايران مزكيا لكلّ ما تأتيه ولا أرى نفسي بشاريا قومجيا ممانعا مقاوما. أما عن التشيّع فأنا متجاوز لعنوان الدين فكيف أتقهقر الى عنوان المذهب. الخلاصة: انتهت مهمتي وسأنتظر احتفال الايرانيين وما سيعلنون عنه بالذكرى الاربعين لثورتهم لأضحك كثيرا. آسف كثيرا لأنّ السقاط والساقطين فوق العدّ في هذا الوطن. كان المطلوب منهم فقط أنهم يكونون تونسيين وما كان مطلوبا منهم التحول ايرانيين. ذهبوا كلّ مذهب بين قطريين وسعوديين وأتراكا وكان كلّ لومهم على سابقين تأمركوا وتفرنسوا وتطلينوا وتألمنوا. هذا البلد يحتاج نسفا ذهنيا.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023