سخيفة-خطيرة-واضحة…بقلم حازم عواضي

سخيفة-خطيرة-واضحة…بقلم حازم عواضي

في تونس وفي عصر اعلام الموظف تصبح العين والأذن أخطر الأعضاء، لأنهما تتحولان الى فوهتين لسكب السم في القلب والعقل والروح .. مباشرة .. حيث يطبخ ذلك السم في الفضائيات ووسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي ويوزع بسخاء على عيون وآذان عابري السبيل لتصبح الشخصية التونسية مسمومة مريضة ….بالرغم من القرآن كتابنا قد أوصى باحترام العلاقة بين هذه الأعضاء للوصول الى المعرفة والحقيقة (ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) ..العين والأذن والعقل …التهمتهم هذه الزوائد الدودية التي نشاهدها في البرامج والمنوعات والتي لا تنفع .. بدليل أن عيونهم ترى الضرر والخطر ولكنهم يتسابقون لتمزيق الحقيقة والعبث بالرأي العام وتوجيهه وإبعاده عن قضاياه المصيرية ونسف بنيته الأخلاقية .

يقول المتنبي: وما انتفاع أخ الدنيا بناظره**** اذا استوت عنده الأنوار والظلم

حينما تستوي الأنوار والظلم في متاهة الكذب والتحريف ويدعي فيها المدعون ويضحك فيها على الذقون. ..و يستمتع فيها الخراصون. .تتهاوى كل المنظومات الأخلاقية وتدفن القيم وهي حية، ثم يصرخ النشاز في أذان العقلاء فتنقلب الحقيقة وهما، والوهم يستوطن في الأفواه الناعقة حتى يسقط العقل في شراكه. .هكذا هو بعض الإعلام في تونس يحاربون الشرف واسترداد السيادة ودفع العمالة وإحياء الشعب، نعم سقط القناع وبانت عورة افكاركم ومعاول هدمكم. مخطئ من يظن أن هذه الفئة حديثة الظهور …راجعوا قصص الانبياء وكيف استهزئ بهم في بداية دعوتهم فنعتوهم بالمجنون والساحر والمسحور. ..هي كذلك دائما الطبقة المنتفعة وصاحبة النفوذ والمهيمنة على الرؤى والوضع العام ترفض كل تغيير وكل أفكار جديدة وكل ثورة حتى العلماء والهندسيين والفلاسفة لم يسلموا منهم والأمثلة عديدة في التاريخ.

يقول إدريس أبركان في احدى محاضراته أن كل فكرة ثورية سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو علمية تمر بمراحل ثلاث، تبدأ سخيفة ثم خطيرة ثم مقبولة وواقعية وواضحة 1 – Ridicule 2 – dangereuse 3 – évidente تواجه الطبقة الحاكمة وصاحبة النفوذ والقرار أي فكرة ثورية أو تغييرية أو محركة بالاستهزاء ويقوم إعلامها بهذا الدور من التسويف والتحقير من أهمية الفكرة مع محاولة تشويه صاحبها، ثم تمر هذه الفكرة بإصرار أصحابها إلى مرحلة الخطورة على أصحاب النفوذ لانها (الفكرة) بدأت تجلب أهمية الرأي العام وتتوسع قاعدة تبنيها …هنا ربما تتطور الأمور إلى صراعات وتصفيات. .، ثم تنتهي الفكرة بتحققها وثبوتيتها اذا صمد أصحابها على قاعدة et pourtant elle tourne للفيلسوف غاليلي وهو مثال على ما كتبته إلى جانب الكثيرين في التاريخ. …

ربما من أهم المطالب الثورية التي طرحت على الساحة السياسية في تونس ما بعد 2011 هي تجريم التطبيع وتأميم الثروات وإعادة النظر في العقود المبرمة زمن الاستعمار وزمن هشاشة الدولة التونسية، هذه المطالب الشعبية تبنتها بعض الجمعيات وبعض الأحزاب المعارضة …و هو مطلب يحمي البلد من تسرب العدو إضافة إلى تحديد بوصلة المقاومة وتكريس السيادة الوطنية على الثروات الطبيعية وغيرها …لكن كالعادة …فقد تجاهل الإعلام المطلب الأول المتعلق بالتطبيع وعده موضوع جانبي لا علاقة له بالمرحلة التي نعيشها …و في المطلب الثاني المتعلق بالثورات عمدت بعض المنابر الإعلامية إلى تناول الموضوع بالاستهزاء والتسويف من قبيل التكذيب بوجود الثروات أو القول بقلتها وعدم تأثيرها على الوضع الاقتصادي أو إتهام قائلها بالشعبوية والمبالغة. ..إلى غير ذلك. لكن نفهم، أن هذا الإعلام يقوم بمهمة وهي مواجهة كل من يريد تغيير الوضع الراهن ورفع الهيمنة الاستعمارية على بلدنا وتحرير شعبنا من التبعية الاقتصادية المذلة وتحقيق السيادة الكاملة والاستقلال التام سياسيا واقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا، نعم هم يستميتون في الدفاع على مصالح الدول المهيمنة لأن هذه المصالح ترتبط بمصالح النافذين والمنتفعين من راسماليين ووكلاء وهذا الإعلام يشتغل بوقا لهؤلاء…هم مجرد أدوات لها أثمان مستعدة أن تبيع الحقيقة بالمصلحة لذلك كل خوفهم أن يقل تأثيرهم على الرأي العام وفقدان فاعلية توجيهه وتثبيته وقد علت أصواتهم بعد النتائج الأخيرة للانتخابات الرئاسية 2019 في دورتها الاولى التي أتت بمن لا يشتهون …

نعم شعبنا يتحرر

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023