طريق الحرير السوري…بقلم: د. تركي صقر

طريق الحرير السوري…بقلم: د. تركي صقر

ليس غريباً ولا مستغرباً أن تقف الولايات المتحدة الأمريكية بقوة لإفشال المبادرة الصينية الحضارية المتمثلة بإحياء طريق الحرير أو ما أطلق عليه في قمة بكين الأخيرة «الحزام والطريق», فأمريكا الفاقدة لكل حضارة تاريخية وعمرها لا يزيد على بضعة قرون لا تجد لها مكاناً بين دول عريقة ولاسيما أنها بنت وجودها على جماجم عشرات الملايين من البشر أصحاب الأرض الأصليين وتواصلت مستعينة بآلة عسكرية جهنمية وأخيراً بعصابات التكفيريين ممن تم تشغيلهم أمريكياً وتمويلهم سعودياً في سورية والعراق تحديداً، في مسعى لقطع التواصل بين العواصم الثلاث طهران وبغداد ودمشق.
ولم تكتف واشنطن بمقاطعتها قمة طريق الحرير في بكين والامتناع عن إيفاد ممثل عنها على أي مستوى بل راحت تحرض الدول الأخرى على عدم الحضور. وواضح في خلفية هذا السلوك الأمريكي الفظ أن الإدارة الأمريكية تخشى من انطلاق المارد الصيني واكتساحه للهيمنة الأمريكية التي باتت تترنح في المشهد الدولي. ولقد توقعت منذ أواخر الثمانينيات من القرن الماضي أن تنهض الصين النهوض الكبير في كتاب نشرته آنذاك بعنوان «عملاق يستيقظ» وها هي الصين تفرض حضورها وتباشر في تغيير المعادلات ولعل طريق الحرير بنسخته الجديدة وخاصة الممتد بين عواصم الحضارات القديمة وتحديداً بكين وطهران وبغداد ودمشق إحدى أهم هذه المعادلات الجديدة.
ومن نافلة القول: إن سورية تشكل محطة مهمة في طريق الحرير بنسخته الجديدة كما في نسخته القديمة عندما كان يمر بمدينة تدمر عاصمة ملكة الشرق زنوبيا واسطة العقد ولا غرو أنه كان يسمى طريق الحرير السوري واليوم تتجدد هذه الحقيقة في قمة بكين فلا طريق حرير إذا لم يمر بسورية والعراق وإيران. من هنا نرى التركيز الشديد والمحاولات البائسة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها «إسرائيل», الكيان المصطنع الفاقد لكل حضارة إنسانية، لقطع هذا الطريق الحيوي الاستراتيجي التاريخي في الجهة الشرقية من سورية ومنع الوصول إلى غايات وأهداف مشروعة تصب في مصلحة أبناء هذه المنطقة اقتصادياً وتنموياً وسياسياً ودحر الإرهابيين وحماتهم من القوى الغاشمة.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023