علي البعزاوي: الصراع بين عائلة السبسي واذيالها “الظلامية” لا علاقة له بمصالح الشعب فهل تستفيد المعارضة من ازمة الرجعية؟

حنان العبيدي|

تساءل علي البعزاوي في تدوينة له على صفحته الخاصة “فايسبوك “،هل تستفيد المعارضة من ازمة الرجعية،مضيفا، هل تنجح المعارضة الديمقراطية والتقدمية مستفيدة من دروس الانتخابات البلدية في احداث نقلة نوعية في عملها والمراكمة من اجل تغييرات جذرية ووضع حد لنجاحات الائتلاف الحاكم في تصريف ازماته وتحميلها للشعب والمعارضة؟.

و في مايلي نص التدوينة :

الكل يقر بوجود ازمة شاملة وعميقة اقتصادية واحتماعية وسياسية وامنية واخلاقية وغيرها.لكن هناك اختلافات حول تحديد اسبابها وسبل الخروج منها.هل هي متعلقة بالاختيارات والبرامج والسياسات ام قضية اداء حكومي وحوكمة في ظل ازمة موروثة يتحمل مسؤوليتها العهد السابق? المسالة مرتبطة بموقع كل حزب من الصراع الدائر في البلاد هل هو في صفوف الشعب ومنخرط في النضال من اجل استكمال المسار الثوري واحلال الجديد محل القديم ام منحاز للاقلية الثرية في البلاد وخادم وفي لمصالحها ومرتهن بالتالي للاملاءات الخارجية كما هي مرتبطة بقدرة كل طرف على اقناع الراي العام او على الاقل الجزء الاكبر منه بمدى وجاهة قراءته للازمة وللوضع العام بالبلاد وكيفية التعاطي معه.
نجح الائتلاف الحاكم حيث فشلت المعارضة.
لقد نجح الائتلاف الحاكم في تصريف ازمته والخروج من بعض المآزق الاجتماعية التي تولدت عنها من احتجاجات واعتصامات واضرابات باعتماد اسلوب الوعود الكاذبة وامضاء اتفاقيات سرعان ما يقع التراجع عنها او باعتماد الحلول الامنية والقضائية الموروثة عن العهد النوفمبري والتي اعتمدت في اكثر من جهة وقطاع.وقد لعب الاعلام الموالي دورا لا يستهان به في اجهاض النضالات الشعبية بشيطنتها وتشويهها وخلق حالة من الخوف بين المعارضة والمحتجين.
هذه الممارسات اتتها كل الحكومات المتعاقبة بعد انتخابات 2014 ( حكومة الحبيب الصيد-حكومة الشاهد الاولى والثانية …) لكنها لم تكن سببا في سقوط هذه الحكومات او فرض انتخابات مبكرة عليها مثلما يحدث في ما يسمى بالديمقراطيات العريقة.
وحتى الازمات السياسية المتولدة عن الانقسامات داخل نداء تونس الحزب الفائز الاول في الانتخابات وعن انسحاب حزبي آفاق والجمهوري من حكومة “الوحدة الوطنية” رغم تمرد الوزراء على احزابهم وتفتت الوطني الحر والصراع بين النهضة والنداء طرفي الحكم الاساسيين بخصوص الموقف من حكومة يوسف الشاهد والذي ادى الى مزيد تعطل العمل الحكومي ,هذه الازمات التي القت بظلالها على مشهد الحكم وزادت في تردي الاوضاع لم تشكل هي الاخرى اسبابا كافية لفرض تغييرات وحلول جذرية او حتى مجرد تحسينات ومعالجات جزئية.وهنا يطرح السؤال التالي : كيف يعجز الشعب الذي اطاح باعتى الدكتاتوريات وقام بثورة وفرض عديد المكاسب على ترحيل منظومة فاسدة اصبحت على المكشوف معادية لمصالحه في الشغل والحرية والعدالة الاجتماعية ومرتهنة للقوى الاستعمارية في تعارض واضح مع السيادة الوطنية ?
المسالة تتعلق اولا بموازين القوى بين المعارضة الديمقراطية والتقدمية من جهة والائتلاف الحاكم من جهة اخرى رغم تراجع شعبيته التي عبرت عنها بوضوح نتائج الانتخابات البلدية (خسارة النهضة ل400 الف صوت والنداء ل 800 الف صوت).هذه الموازين مازالت مختلة لصالح ائتلاف الحكم بسبب محدودية انغراس المعارضة صلب الطبقات والفئات التي تعبر عنها وبسبب ضعف ادائها الميداني وهو ما لاحظناه من خلال الحضور صلب الاحتجاجات والقدرة على التعبئة كلما تعلق الامر بمواجهة مشروع ما او بمحاولة فرض قانون او مبادرة تشريعية… (التصدي لقانون المصالحة – مراجعة قانون المالية – سن قانون يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني…).كما تتعلق بحالة الاستعداد التي عليها الشعب من اجل فرض تنازلات على الائتلاف الحاكم وبالتالي تحقيق الادنى من مطالبه.
الحالة المعنوية لعموم الشعب في تراجع في هذه المرحلة من المسار الثوري لكن الاستفحال المطرد للازمة وفشل الحكم في معالجتها سيقودان الى المزيد من الاحتجاجات التي لن تتاخر كثيرا هذه المرة والتي من الضروري الاستعداد لتاطيرها وقيادتها حتى نجنبها العنف والفوضى ونذهب بها الى تحقيق الاهداف المنشودة.
لكن هل تكفي عودة الاحتجاجات لتتحقق الاهداف ?
المسالة مركبة وينبغي تناولها من عدة زوايا.
اولا لابد من وعي شعبي واسع بان الائتلاف الحاكم لا تتوفر له حلول وهو غير قادر على معالجة الازمة مادام مرتهنا لاملاءات صندوق النقد الدولي وان هذه الاملاءات الصالحة لكل الامصار والاوقات لا تخدم الا الاقليات المافيوزية على حساب الشعوب وتساهم في تخريب النسيج الاقتصادي الوطني والحاقه بالشركات العملاقة خاصة اذا اقدم الائتلاف الحاكم على امضاء اتفاقية التبادل الحر الشامل والعميق (الاليكا)مع الاتحاد الاوروبي.
ثانيا لابد ان تبلور المعارضة الديمقراطية والتقدمية برنامجا بديلا يستجيب لانتظارات الاغلبية المهمشة وان تنزل بهذا البرنامج الى عموم الشعب فيقتنع به ويتبناه ويصبح الهدف من نضالاته في القطاعات والجهات.
ثالثا لابد على المعارضة المذكورة من تنظيم صفوفها والقطع مع النضال المناسباتي المتقطع ومعالجة نقاط ضعفها السياسية والتنظيمية وحشد كل طاقاتها حتى تصبح قادرة على التعبئة والقيادة والتاطير واحباط كل المؤامرات ومحاولات الشيطنة والتخوين التي من المنتظر ان تستهدفها مثلما حصل في السابق خلال الاحتجاجات العارمة التي هزت عديد الجهات.فالائتلاف الحاكم قادر على قصف المعارضة وارباك الجماهير المنتفضة وترويضها ودفعها الى التبرؤ من مسانديها قبل الانقضاض عليها والالتفاف على مطالبها.
رابعا وبصورة مباشرة ضروري في مثل الظروف الحالية اطلاق مبادرة سياسية من اجل الانقاذ , مبادرة مستقلة عن احزاب الحكم التي تعتبر جزءا من الازمة هدفها الحفاظ على المكاسب التي تحققت في مستوى الحريات السياسية وفرض اصلاحات اقتصادية واجتماعية مختلفة عن “الاصلاحات الكبرى” التي اطلقتها الحكومة استجابة لاملاءات صندوق النقد الدولي , اصلاحات تضمن التنمية الجهوية وانتاج الثروة بتدخل مباشر وتمويل من الدولة وتوفر الشغل والعيش الكريم والخدمات الاساسية وتعالج تدهور القدرة الشرائية وتستكمل بناء المؤسسات الدستورية ومراجعة القوانين الموروثة عن العهد البائد والتي مازالت سارية المفعول رغم تعارضها مع الدستور.
ان الصراع الدائر بين طرفي الحكم اليوم ,اي بين عائلة السبسي واذيالها من جهة ورئيس الحكومة المسنود من حركة النهضة الظلامية من جهة اخرى هو صراع لا علاقة له بمصالح الشعب والوطن بل مداره السيطرة على دواليب الحكم من خلال التحكم في اجهزة الدولة بهدف توظيفها في افق انتخابات 2019.ودور المعارضة الديمقراطية والتقدمية لا يتمثل في الاصطفاف وراء هذا الطرف او ذاك بل في فضح الخلفية الحقيقية لهذا الصراع وارجاع الامور الى نصابها اي العمل على حل التناقض الرئيسي والحقيقي : التناقض بين الائتلاف الحاكم بشقيه من جهة والشعب وقواه التقدمية من جهة اخرى.الصراع هو في الحقيقة صراع بين مشروعين متناقضين الاول يمثله ائتلاف الحكم رئاسة وحكومة واغلبية برلمانية وهو السبب الرئيسي في استفحال الازمة اليوم والثاني تمثله المعارضة الديمقراطية والتقدمية المتمسكة باستكمال المسار الثوري والذي يعتبر بمثابة الضوء في آخر النفق.
المعارضة مطالبة اذا بالعمل على عدة واجهات في نفس الوقت .وهي مطالبة بالنجاح والاقناع على كل هذه الواجهات من خلال نشاط دعائي مكثف ومدروس .خارج هذه الشروط تصبح مهمتها عسيرة وغير قابلة للتحقيق.
فهل تنجح المعارضة الديمقراطية والتقدمية مستفيدة من دروس الانتخابات البلدية في احداث نقلة نوعية في عملها والمراكمة من اجل تغييرات جذرية ووضع حد لنجاحات الائتلاف الحاكم في تصريف ازماته وتحميلها للشعب والمعارضة.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023