عملية الخضيرة الفدائية ورجحان سبيل المقا*ومة…بقلم محمد الرصافي المقداد

عملية الخضيرة الفدائية ورجحان سبيل المقا*ومة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم يتقبل أهالي فلسطين المؤامرة الغربية بالإستيلاء على بلادهم، واحتلالها من طرف يهود صها*ينة، على أساس تنفيذ وعد بلفور، الذي أوجد هذا الكيان الصه*يوني، فهبّ رجال مقاومة هذا الدّخيل الخبيث عليهم، يقدّمون كل يوم ما أمكنهم من فِداءٍ، دفاعا مقدّساتهم وحقوقهم المشروعة في تحرير أرضهم، إيمانا منهم بأنّ هذا الكيان المغروس على أرضها المباركة، لا سبيل لإزالة نجاسته بغير المقاومة المسلحة، وبكل السّبل الأخرى المتاحة للقوى الوطنية والإسلامية.

ومع المخططات التهويدية التي باشرت القوى الغربية في تنفيذها لتحويل الدّول العملية لها إلى راضية بالواقع الصهيوني على أرض فلسطين، بل وأنكى من ذلك وصف المقاومة وتحرير الأرض بالإرهاب، والإعتداءات الصهيونية على الفلسطينيين بالدفاع المشروع الذي لا تبعة وراءه، لذلك كان لزاما على شرفاء الأمّة، أن يبادروا إلى إتخاذ ما يجب عليهم فعله، من أعمال تتناسب وحجم الإمكانات المتوفّرة لديهم، دفاعا عن ثغرٍ إسلامي، يعتبر القلب النابض لجسد الشعوب العربية، وهو البوابة التي سيتمكن منها الغاصبون، للهيمنة على بقية المناطق العربية والإسلامية

ولم تكن الإعتداءات الصه*يونية المتكرّرة على المدنيين الفلسطينيين، لتمر دون ردود أفعال مناسبة لجرائم الجيش الصه*يوني، أغلبها قد ارتكبتها عناصره بدم بارد، ودون مبرّر يعطيهم أدنى حق لارتكابها، وكان الدّرس الأول الذي تعلمه الفلسطينيون، أنه لا مدافع عن أنفسهم وحقوقهم سوى نخبهم وطلائعهم الواعية، المدركة لخطورة الوضع الذي أصبحوا عليه، فبادروا إلى القيام بأعمال فدائية، تعبيرا عن رفضهم لوجود الإحتلال الصهيوني، وكان الدّرس الثاني وهو الأهمّ في حياة الشعب الفلسطيني، دعا فيه طلائعهم إلى تشكيل حركات اسلامية مقاومة، فكانت حركة الجهاد الاسلامي (1981)(1) ومؤسسها الشهيد فتحي الشقاقي، ثم حركة حماس(1987)(2)، ومؤسسها الشهيد أحمد ياسين، وكان هذان التأسيسان المباركان اللذان حصلا، من تأثير انتصار الثورة الاسلامية الإيرانية، بعودة الإسلام المجاهد إلى الساحة السياسية، وكان لذلك أثر عميق وبالغ، في جميع أوجه حياة الشعوب الإسلامية، ليس على فلسطين وحدها، وإنّما عمّت آثاره جميع الشعوب الإسلامية، بعد تحقّق الوعد الإلهي في قوم سلمان الفارسي(3).

تنامي الثقافة الجهادية في الشعب الفلسطيني، أربكت حسابات العدوّ التطبيعية، وهو الذي كان يعتقد أنه سائر بكيانه نحو الاستقرار والقبول، وأكّدت من جديد أنه لا بديل للشعب الفلسطيني سوى المقاومة، وهي الطريق الوحيد الذي سينحت النصر في جسد الكيان الصهيوني، ويتركه أمثولة غربية وقحة في التاريخ، آخر العمليات الفدائية النوعية نفّذها الأخوان (أيمن وإبراهيم إغبارية) من مدينة أمّ الفحم، وقبلها بخمسة أيام، قتل اربعة مستوطنين وأصيب عدد آخر بجراح، في عملية فدائية في السبع نفذها طعنا ًودعساً، الأسير المحرر (محمد أبو القيعان) من قرية حورة، في النقب جنوب فلسطين المحتلة، قبل استشهاده.

العملية الاستشهادية لقيت ترحيباً شعبياً وسياسياً فلسطينياً، وأكدت الفصائل إن عملية الخضيرة، تُعتبر بمثابة رد طبيعي على جرائم الإحتلال الإسرائيلي، فباركت حركة حماس العملية، مؤكدة أنها ردّ على عدوان وإرهاب الإحتلال، من جانبها أشادت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بعملية الخضيرة البطولية، مشددة على أنها رد عملي على قمة التطبيع، التي يشارك فيها وزراء خارجية عرب على أرض النقب، في الداخل الفلسطيني المحتل. بدورها قالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن العملية تؤكد رفض كل اشكال التطبيع، واللقاءات مع الكيان الاسرائيلي. (4)

بعودتنا إلى تاريخ العمليات الفدائية، التي وقعت في فلسطين المحتلة، نلاحظ تناميا واضحا لها وتطورا نوعيا في كيفية وأدائها، وما اكتنفته من سرّية وإعداد، ذلك أن المقاومين شرفاء الأرض الفلسطينية، يواجهون عدوّين لا يقل أحدهما خطرا عن الثاني، فأجهزة المخابرات الصهيونية تتلقى معلوماتها عن تحرك المقاومين من سلطة محمود عباس(5)، وقد تمكنت بفضل ذلك التعاون الأمني المُشين لسلطة محمود عباس، من إحباط محاولات فدائية واعتقال مقاومين، وتصفية من عجزت أجهزتهم بالقبض عليه.

لنأخذ مثالا عن العمليات الفدائية سنتي 1994و1995، وهي حسب ما حملته من خسائر صهيونية، قد وقع إعدادها بدقّة لضمان أكبر قدر لها من النجاح، نقدّمها كمؤشر على أن هذا التنامي في نسق مقاومة الكيان الصهيوني له دلالة، تؤكّد لنا أن الشعب الفلسطيني قد استوعب خيانة الأنظمة العربية لقضيته العادلة، ولا بديل له من غير الإعتماد على أنفس أبنائه.

بتاريخ 4/6/1994 فلسطيني يصدم بسيارة ملومة حافلة في (العفولة)، داخل الخط الأخضر، فيقتل ثمانية إسرائيليين، ويجرح 44 آخرين، بتاريخ 19/10/1994 انفجار حافلة في تل الربيع، يسفر عن مقتل 21 اسرائيليا، وجرح 47 آخرين، بتاريخ 22/1/1995 مقتل 22 جنديا اسرائيليا، واصابة 64 آخرين بجروح، في انفجار موقف للحافلات في (اللدّ) شمالي تلّ الربيع، في عملية فدائية، تفجير قنبلتين الأولى في حافلة، والأخرى في (عسقلان)، لتبلغ حصيلة الانفجارين 26 قتيلا اسرائيليا، وفي اليوم نفسه لقي 13 اسرائيليا مصرعهم في انفجار وقع في تل الربيع.

بتاريخ 9/4/1995ثلاث عمليات فدائية في القدس الغربية، تسفر عن مقتل ثمانية إسرائيليين، وسقوط أكثر من 170 جريحا، وبتاريخ 18/5/1995 عملية فدائية تسفر عن مقتل ستة اسرائيليين وإصابة أكثر من 100 بجروح، استشهد فيها منفّذها، وقعت في مركز للتسوق في مدينة (نتانيا) الساحلية قرب تل الربيع (6).

خلاصة القول هنا، أن مشاريع التطبيع التي انخرطت فيها دول عربية سيلحقها عارها، وقد تتسبّب في سقوط دولها، بعد سقوط الكيان الصهيوني، وعجبي لمن لا يزال يرى أملا في بقاء هذا الكيان على أرض فلسطين، وهو يشاهد في كل فترة عملية فدائية، لم تكن لتحصل لولا الحاضنة الشعبية القويّة لها، هذا دون الحساب الآخر الأقوى، في أنّ للمقاومة الفلسطينية أنصارا أشدّاء، إذا ما حدّدوا لتحرير فلسطين موعدا، فلن يكون بغير النّصر المؤزّر، إنّهم يرونه بعيدا ونراه قريبا، وعنده تخسر صفقة المبطلين.

المصادر

1 – حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين https://ar.wikipedia.org/wiki/

2 – حركة حماس في فلسطين https://ar.wikipedia.org/wiki/

3 – إخبار النبي (ص) بعد نزول قوله تعالى وإن تتلوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم. سنن الترمذي أبواب تفسير القرآن ومن سورة محمد ج5ص303ح3260

شاهد: عملية الخضيرة الاستشهادية رداً على التطبيع العربي4
https://www.alalam.ir/news/6105018/

5 – التنسيق الأمني: تفريغ الضفّة الغربية من المقاومة

https://www.noonpost.com/content/41318

6 – أبرز العمليات الاستشهادية من 1994 – 2001

https://www.albayan.ae/one-world/2001-05-25-1.1160393

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023