عندما يصبح القرآن ربيع قلوب أغلب المسلمين سييأس الغرب من عدوانه…بقلم محمد الرصافي المقداد

عندما يصبح القرآن ربيع قلوب أغلب المسلمين سييأس الغرب من عدوانه…بقلم محمد الرصافي المقداد

أهان السويد قرآننا مرتين مرة أولى تزامنا مع عيد الأضحى المبارك حيث أقدم رجل مسيحي عراقي على حرق نسخة من القرآن الكريم تحت حماية أمنية مشددة(1) وأعاد نفس الشخص  تكرار عمله المشين مرة ثانية أمس الخميس 23/7/2023 (1) وكان علينا أن نعبر عن موقفنا شعبيا وحكوميا، اكتشفت  من خلال هذا التباطؤ أننا موتى، وكيف للموتى أن تعبّر عن أقدس مقدساتها؟ موتى بعدما أماتوا فينا القرآن الكريم، لنسأل أنفسنا بصراحة: أين نحن من القرآن، حتى يكون موقفنا في قيمة القرآن الحقيقية عند المسلم الحقيقي؟ لقد تركته شعوبنا وراء ظهور مجتمعاتها، بل لقد تجرأت عليه حكوماتنا جرأة لا تقل عن جريمة حرقه، بأن قامت بتعطيل أحكامه، وغيّبته من برامجنا التعليمية، وذهبت لاهثة وراء استدراجات دول الغرب ومنها السويد، وقد اجتمعت مخططاتهم على دفع حكوماتنا وتشجيعها على التخليّ عنه بدعوى عدم مواكبة العصر، مع أنّ الله قال فيه: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم)(2) فتركت حكوماتنا وشعوبنا كتاب الله الذي يهدي للتي هي أقوم، إلى أوهام الغرب في الدولة المدنية اللائكية، أنظروا اليوم إلى اين أوصنا اتّباع الغرب، غياب يكاد يكون كاملا لقيم القرآن، وذهاب قداسته من حياتنا، مع أنّ بعثة نبوّته الخاتمة كانت ولا تزال رحمة للعالمين ( وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) (3)

بماذا سنعتذر لرب القرآن، وهو دستور العالمين بعد هذه الإهانات التي تتكرّر كل مرّة بمناسبات وبدونها، وقبلها ما لحق بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله من إهانة ؟ هنا أقول ما أبعد القرآن والنبي صلى الله عليه وآله عن مجالات حياتنا النظرية العقائدية والتطبيقية العملية، ليس هناك من حل سوى أن نراجع برامجنا التعليمية وحياتنا البيتية، ليكون القرآن فاعلا فينا ملازما حياتنا، ومرتبطا بنا ارتباطا وثيقا في جميع معاملاتنا، عندها فقط سيحل القرآن محِله الواجب علينا في قلوبنا، فلا نقبل فيه أية إهانة، وبذلك يخشانا من يفكر في الإساءة إلى أي رمز من رموز مقدّساتنا، فلا يقدم عليها أحد أبدا، مهما كانت المحفّزات التي ستُقدّم إليه، المسلم الحقيقي قرآني عمليّ، فهو دستوره الأوّل، ووسيلته الكبرى التي يرجو بها لقاء الله، بمعنى أنه  يجب عليه أن يجعل القران دليله في الأرض عملا بأحكامه وآدابه، وسائقه إلى عالم الآخرة. بما وفّر له من صدق اتّباع وجزاء من ربّه.

ردود الأفعال الجادة مازلنا ننتظرها للتعبير عن موقع القرآن في قلوبنا وفي حياتنا، خصوصا بعد التحرك الذي بدأته إيران بعد الإعتداء الأول على القرآن بالسويد الذي تم تحت حماية أمنية مشددة، أعلنت أنها أوقفت إجراءات إيفاد سفيرها الجديد إلى السويد (4) واتخذته العراق بكل قوّة مطالبة بتسليم مواطنها لمحاكمته، ثم قامت بطرد الممثلية السويدية ببغداد واستقدام الممثلية العراقية إستكهولم إيذانا بقطع العلاقات الدبلوماسية (5) ويبدو أنّ هذا ما يجب فعله الآن وقد دعا إليه سيد المقاومة حجة الإسلام السيد حسن نصر الله حيث دعا المسلمين في كافة انحاء العالم إلى الاحتجاج يوم الجمعة على عملية حرق القرآن الكريم في السويد ورفع سقف المطالب الشعبية الى طرد سفراء السويد بالبلدان الإسلامية وقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع السويد (6)

هذا يوم الجمعة قد حلّ، والأمل معلق في استفاقة شعوبنا، وهبّتها المنتظرة انتصارا لقرآنها ودينها ومقدساتها، وأي تراخ منها سيحمله الغربيون على محمل ضعفه بيننا فيستمرون في الإساءة اليه وإلى غيره من مقدّساتنا، بدفع شواذّهم ومنبذي شعوبنا، الذين لجأوا إلى ربوع الغرب، لينفذوا حقدهم علينا، من خلال إهانة مقدساتنا، وفي تصريح له قال قائد الثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي في 26/1/2023: ( الإساءة المجنونة للقرآن تحت شعار حرية التعبير، تدل على أن هدف هجمات قوى الإستكبار هو مبدأ الإسلام والقرآن، وعلى الرغم من مؤامرة الاستكبار، فإن القُرآن يزداد إشعاعا يومًا بعد يوم، وأن المستقبل هو للإسلام، وعلى جميع أحرار العالم الوقوف إلى جانب المسلمين، ضد السياسة القذرة، المتمثلة في الإساءة للمقدسات ونشر الكراهية)(7)

ولم يتخلف السيد السيستاني عن التعبير عن غضبه، وتنديده بعملية حرق المصحف الشريف، فأرسل سماحته رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، مطالبا فيها بوقف عمليات الإساءة للمقدسات الإسلامية، باستصدار قرارات ملزمة لجميع الدول، باحترام معتقدات الشعوب، وعدم المساس بها جاء فيها: ( لقد وقع نظير هذا التصرف المشين أكثر من مرة، في بلدان مختلفة خلال السنوات الأخيرة، إلا أنّ الملاحظ أنه وقع هذه المرة، بترخيص رسمي من الشرطة السويدية، بزعم أنه من مقتضيات احترام حرية التعبير عن الرأي.. ومن المؤكّد أنّ احترام حرية التعبير عن الرأي، لا يبرّر أبداً الترخيص في مثل هذا التصرف المخزي، الذي يمثّل اعتداءً صارخاً على مقدسات أكثر من ملياري مسلم في العالم، ويؤدي إلى خلق بيئة مواتية لانتشار الأفكار المتطرفة والممارسات الخاطئة) (8) وكان وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان قد وجّه بدوره رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، يدعوه فيها باتخاذ تدابير وإجراءات عاجلة، تمنع من دخول العالم مرحلة من العداء للأديان، ستؤدي حتما على تذكية روح الكراهية والإعتداء بالمثل من الشعوب الإسلامية المستهدفة (9)

ولعلّ الخير فيما وقع، فأحيانا تأتي الصدمة بمردود أفضل، لإستفاقة الشعوب الإسلامية من سبات هجر القرآن، وترك المجال بسببه مفتوحا أمام الإعتداء عليه، كلّ العاملين من أجل هذا الدين الخاتم أملٌ، في عودة الشعوب الإسلامية إلى دينها عودة قويّة، من شأنها أن توقف أي عدوان عليه، واحترام الأديان يأتي غالبا بالقوة، والدبلوماسية الحازمة جزء بسيط فيه.

المراجع

1 – حرق القرآن: عراقي في السويد يحرق نسخة من القرآن في أول أيام العيد ويثير غضبا

https://www.bbc.com/arabic/66061034

2 – سورة الإسراء الآية 9

3 – سورة الأنبياء الآية 107

4 – إيران توقف إجراءات إيفاد سفيرها الجديد إلى السويد بعد الإساءة إلى القرآن

https://sputnikarabic.ae/20230702/1078656593.html

5 – العراق يطرد سفيرة السويد ويستدعي القائم بأعماله فيها احتجاجا على حرق المصحف

https://www.bbc.com/arabic/articles/cyd5m7rlqeeo

6 – السيد نصر الله: لطرد سفراء السويد من بلداننا.. والاحتجاج غداً بعد صلاة الجمعة

https://www.almayadeen.net/news/politics/

7 – الإمام الخامنئي: الإساءة للقرآن دليل على عداء الاستكبار لمبدأ الإسلام والقران

http://ijtihadnet.net

8 – السيد السيستاني يطالب الأمم المتحدة باتخاذ خطوات فاعلة لمنع تكرار حرق المصحف

https://www.almayadeen.net/news/politics

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023