عنما تَكتُبُ أقلام العمالة برداءة عقول أصحابها…بقلم محمد الرصافي المقداد

عنما تَكتُبُ أقلام العمالة برداءة عقول أصحابها…بقلم محمد الرصافي المقداد

التعرّي الفاضح الذي بدت عليه الأنظمة العربية، من خلال مواقفها السلبية منها والباهتة، ولا تختلف عنها شعوبها كثيرا فتحرّكاتها باهتة، تجاه ما يجري على الفلسطينيين في غزة بصفة خاصة، وفي الضفة بصفة عامة، زاده افتضاحا موقف جنوب افريقيا – هذه الدولة الحرّة – عندما تقدمت حكومتها بشكوى إلى محكمة العدل الدولية، مُصِرّة على مطالبتها بإدانة الكيان الصهيوني، على جرائم الإبادة التي ارتكبها ولا يزال بحق المدنيين كل ساعة وكل يوم، واستصدار قرار يجرّم أعمال الإبادة التي ترتكبها قواته، وهي موصوفة جرائم حرب بشعة، بعدما فشلت الأمم المتحدة كعادتها – بعد جلساتها المتعدّدة – من اتخاذ قرار ملزم يوقف العدوان الهمجي على القطاع، وطالما أن امريكا هي رأس البلاء وأصل الوباء، في تشجيع ومساندة هذا الكيان الغاصب، فإنها ستبقى حجر عثرة لأي قرار يتّخذ ضده، وينصف أصحاب الأرض الحقيقيين الفلسطينيين.

جاء في بوابة الأهرام المصرية بتاريخ الثلاثاء 20 من جمادي الآخرة 1445 هــ 2 يناير 2024 السنة 148، مقال منشور على صفحات العدد 50065، تحت عنوان: (هجمات الحوثي على السفن.. دعم لفلسطين أم قرصنة وتخريب؟) وهو ومقال لا يمكننا أن ننتظر منه تحليلا منطقيا ومنصفا، من طرف من هو محسوب على نهج سياسي مصري، موصوف بالعمالة لأمريكا والكيان الصهيوني وبريطانيا، وعملاءهم في الخليج، يكفي أن نقول إن مصر ما تزال خاضعة لاتفاقية (كامب دافيد) خضوعا كاملا، ليس لأمريكا وحدها، وإنما للكيان الصهيوني أيضا، فبوابة رفح لا تفتح إلا بإذن صهيوني.

كم من إعلامي أو كاتب دخل متمسّحا بأعتاب أولياء أمورهم، قالبا حقائق الأحداث ومجرياتها الواقعة عملا وأهدافا، ورجل مثل (إبراهيم العشماوي) المصري، لم يتخلّص قلمه من تلك التبعية البغيضة، واملاءاتها المغالطة لحقيقة اليمن الأبيّ السعيد، فشوّهه مسمّيات وأهداف، معتبرا ثورته التحرّرية من هيمنة عملاء أمريكا من دول الخليج، انقلابا على شرعية وهميّة، وخروجا على حكومة ساقطة شعبيا مقيمة بالخارج، أُرِيدَ منها استمرار الخضوع لها، واعتباره دخولا في شرعية تُرْضي هؤلاء المستكبرين الغربيين وأذيالهم في المنطقة.

تحت عنوان سخيف كتب إبراهيم العشماوي (هجمات الحوثي على السفن.. دعم لفلسطين أم قرصنة وتخريب؟) مفتتحا بسؤال لا يبدو صاحبه غبيّا – الا أن يكون عميلا وقحا – وألّا من يشكّ اليوم في أنّ اليمن بأحراره جنوبا وشمالا، بكافة مكوّناته من أقوى أنصار القضية الفلسطينية، وقد تصرّفوا في هذا الصّدد بما املاه عليهم أيمانهم، وفرضته عليهم أخلاقهم والتزاماتهم المبدئية تجاه أشقائهم الفلسطينيين، ولا أرى عاقلا اليوم يختلف في أن ما اتخذته الحكومة اليمنية الحقيقية، ونسبتها إلى الحوثيين مغالطة إعلامية، هدفها تزييف شرعيتها بتلك النسبة.

يكفي هنا أن نقول له، إنّ قرار حكومة صنعاء الشرعية، بالوقوف إلى جانب أشقائها في غزّة وفلسطين، نابع من وفائها بالتزاماتها الدينية القرآنية: (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر) (1) والنبوية: (مَنْ أَصْبَحَ لَا يَهْتَمُّ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَمَنْ سَمِعَ رَجُلًا يُنَادِي يَا لَلْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يُجِبْهُ فَلَيْسَ بِمُسْلِم‏) (2) في ظل تخاذل العرب والمسلمين، وتقصيرهم تجاه إخوانهم المظلومين المستهدفين بالإبادة في غزة، وتساؤل إبراهيم العشماوي الذي طرحه في مقاله، جاء ليؤكّد أنّه سخّر قلمه لنُصرة الظلم المسلّط على حقوق الشعب اليمني في انتزاع حرّيته بالقوّة، في عالم لم يعُدْ يعترف بغير الأقوياء، فمن لم يكن قويّا عاش بين الأقوياء ذليلا مستباحا في موارده وقراره وحتى حرّيته ليصبح عبدا للمستكبرين في العالم.

لم تكن حكومة اليمن الشرعية التي يطلق عليها الغرب الصهيوني تسمية الحوثيين سوى نظام معاد للظلم وساع الى حريّة بلاده من سيطرة دول الخليج بالنيابة عن أمريكا، وشعاراتها المرفوعة ويعرفها العالم بأسره، تكفي للدلالة على مدى إيمان هذا الشعب العزيز بإسلامه، ومعبّرة على التزامه بكافة تكاليفه الدينية في نُصْرة إخوانه، وعملياته الأخيرة التي أطلقتها قواته البحرية في منع السفن التجارية، الحاملة لبضاعة متّجهة للموانئ الفلسطينية المحتلّة، ومن المخادعة وقلّة الرّأي، أن توصف أعمال الجيش اليمني البحرية المناصرة لغزّة والمطالبة أساسا برفع الحصار عنها قرصنة وتخريب.

تساؤل خبيث الهدف منه تشكيك المتابعين من العرب والمسلمين وغيرهم، بهدف الشعب اليمني وحكومته في مآزرة اشقائهم الفلسطينيين، فقد أثبتت الخطوة اليمنية جدواها، وتسببهم في خلوّ ميناء حيفا في فلسطين من السّفن، زيادة على رفع تكاليف التأمين على السّفن المتجهة إلى مضيق عدن، وهو نجاح إذا استمر سيؤدّي حتما إلى وقف العدوان على غزّة، أو توسيع نطاق الحرب ليخفّ الحمل على غزّة على أقلّ تقدير، واليمنيون في اجرائهم العسكري البحري خصّوا به ما تعلّق بالتجارة الصهيونية، أما بقية السفن التجارية العالمية فهي تمرّ آمنة ولا تعترضها القوات اليمنية بأيّ أذى.

اليمنيون يدركون جيّدا أنهم سيتعرّضون لعدوان تحالف غربي، بسبب موقفهم المشرّف الذي اتخذوه بشجاعة نادرة -عرفوا بها ماضيا وحاضرا- وتضحياتهم هذه، يجب أن تُرى يعين التقدير والإكبار، وليس بما جمّعه إبراهيم عشماوي، ومن لفّ لفّه من عملاء، تجنّدوا ليشوّهوا بكتاباتهم وتساؤلاتهم وتشكيكاتهم فيما أجرته اليمن حكومة وشعبا من مواقف عمليّة تُذْكَرُ فتُشْكَرُ، خلاف بقية حكومات العرب المطبّعة منها والتي تنتظر دورها في التطبيع، لتسير مسير الذّلّ مختارة أو مكرهة سَيّان ذلك.

يكفي أن نقول هنا أن المحلل السياسي المصري تكلّم مشككا ومستهينا بالدّور اليمني الهامّ جدّا في مناصرة غزّة ورفع الحصار عنها، بدافع تناقص إيرادات بلاده من عبور السّفن التجارية من قناة السويس، وهو تناقص فادح سيكون مؤثّرا على اقتصاد مصر، واستمرار إعاقة الملاحة الصهيونية من باب المندب، لا يعجب طبعا النظام المصري، وحاشيته من الإعلام المنبطح للغرب والصهيونية، وإن دخلت البحرين ضمن التحالف الأمريكي في الإعتداء على اليمن، فلا نستغرب انضمام مصر الى هذا التحالف المعتدي الظالم، فما يهمّ مصر وأغلب الدول العربية، المحافظة على مصالحها التجارية.

التحالف الدّولي الذي ولد معاقا من البداية بسبب تخوف بعض الدول من استغلال أمريكا له لتنفيذ أهدافها في السيطرة على اليمن، بعد أن فشل دول التحالف العربي في اخضاع اليمن لمشيئته، في أن يكون تابعا لذيول أمريكا والصهيونية، وإصرار البحرين دون غيرها من هذه الدول، على الاصطفاف إلى جانب أمريكا، فيما أطلقت عليه اسم (حاس الازدهار)، زيادة على مشاركته الجديدة في الإعتداء السافر الذي وقع اليوم 12/1/2024، على نقاط محدّدة في مناطق داخلية يمنية، ستكون لها عواقب وخيمة، ولكن أنى لدولة البحرين أن تفهم، وقد صمّ وعمى حكامها، والمستقوي بغيره على شعبه وأشقائه، سيلقى مصيرا حتميا بما جناه حمقه.

الآراء التي استنجد بها الكاتب إبراهيم العشماوي كنعمان فياض الذي أفرط في اتهام اليمنيين باستهداف الشعائر المقدّسة بالصواريخ، وهو محض افتراء أراد به مروّجوه تأليب المسلمين على الحكومة اليمنية المنتخبة بعد انتصار ثورتها، لكنّ ذلك التأليب لم ينجح، وذهب مع من ذهب من دعايات باطلة نسجت خيوط بهتانها السعودية، محاولة منها في تشويه المسلمين اليمنيين الذي هم حقيقة أحرص الناس على دينهم ومقدّساتهم، اسألوا الوهابية في السعودية إذا كانت لديهم الجرأة على الإعتراف، من قتل أكثر من 3000 حاج أعزل في وادي تنومة (3)

كالكاتب الصحفي (عبد الولي المذابي) اليمني الذي لم يتوانى في نسبة الحوثي إلى إيران، بدافع حقد ساكن في عقله المريض، لأن العالم اليوم بدأ يتخلص من دعايات الغرب الباطلة، فلا انصار الله ونسبة الحوثيين فيهم لا تتجاوز الخمس تقريبا، والنظام اليمني وعاصمته صنعاء حرّ في إقامة علاقات اخوّة وتعاون مع ايران الإسلامية وغيرها بما يُسْهِم في نماء ورُقِيّ البلدين، وإن كان لا يدرى أو متجاهلا، فيجب عليه معرفة أن من أغرق المياه العربية بالبوارج الاستعمارية قديما وحديثا، هي دول جنوب الخليج الفارسي وحدها، فالبحرين مثلا على صغر مساحتها تحتوي على ثلاثة قواعد عسكرية بحرية وجوية، أمريكية وبريطانية وفرنسية، فضلا عن القواعد الأخرى في الكويت، والامارات، والسعودية، وقطر، فمن الذي أغرق المنطقة بالقوات الأجنبية المعادية للإسلام والمسلمين أيها الكذّاب؟

المراجع

1 – سورة الأنفال الآية 72

2 – الكافي الشيخ الكليني ج2ص164

3 – جرائم ال سعود من تنومة الى عاصفة الحزم ستظل جرحا نازفا في ذاكرة اليمنيين

https://m.sa24.co/show16322385.html

 

 

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023