المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث في واد، والحرب اليمنية في واد آخر، هكذا يبدو واقع الحال لدرجة نسأل أحياناً: ماذا يفعل الرجل؟ حتى إن أخباره لا نكاد نسمع بها إلا فيما ندر، فنسأل: أين وصلت مهمته؟.
لم يبقَ مستوى من مستويات الكارثة إلا ووصله اليمن، آخرها إعلان الأمم المتحدة أمس الأول أن 14 مليون يمني (نصف السكان تماماً) يقتربون من حافة المجاعة، ومع ذلك فإن غريفيث لا يزال في مستوى إجراءات «بناء الثقة»!.
هناك من يصف غريفيث بـ«الجدية» وأنه «يبذل جهوداً كبرى».. حسناً، هذا كلام جيد ونحن لا نقول ما يخالفه، ولكن ما هي النتيجة.. أين الترجمة على الأرض.. ومن قال: إنه بالنيات الحسنة فقط يمكن إنهاء الحروب وتسوية الأزمات.. ألا نحتاج وسائل ضغط من نوع ما تدعم هذه الجدية وهذه النيات الحسنة؟.
مؤخراً، طرح غريفيث مبادرة تقوم على «هدنة اقتصادية» وطلب مساعدة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.. وحجة غريفيث أن الاقتصاد أو تحييد الاقتصاد- كما يقول – يسهم في تخفيف وطأة الحرب، ويفتح فجوة في جدارها الذي يرتفع عاماً بعد عام- هذا أيضاً كلام جيد لكنه يشبه تلك «النيات الحسنة» لا يقدم ولا يؤخر لأن:
1- الاقتصاد هو أحد أهم الأسلحة في أي حرب ولا نعتقد أن غريفيث متيقن من مسألة أن حلف العدوان سيتخلى عنه.
2- على ماذا سيحصل صندوق النقد والبنك الدولي مقابل دعم مبادرة غريفيث؟.
3- تحييد الاقتصاد هدف ضخم وليس مجرد مبادرة.. هذا استخفاف، وقد يكون تضييع وقت، وربما تغليفاً لفشل يعرف غريفيث أنه سيستمر.
عندما تسلم غريفيث مهامه بداية هذا العام أغرقتنا وسائل الإعلام بـ«عبقريته» في إدارة الأزمات وحلها وعرضت علينا تاريخاً طويلاً عريضاً «لإنجازاته».. وقلنا حينها: جيد، ولكن من قال: إن «العبقرية» مفيدة فيما يخص «الأزمات» العربية، ومن قال: إن المجتمع الدولي (أي الغرب الاستعماري بقديمه وجديد) عندما يرسل لنا مبعوثيه يريد حل هذه الأزمات.. ليقل لنا أي أحد هل سبق أن تم حل أي أزمة عربية، أليست كل أزمة عربية (ولكل منها مبعوث) تتمدد وتتفرع وتتعمق وتستعصي.. ليقل لنا أي أحد غير هذا الكلام، وليأت لنا ببراهينه؟.