فشل الرهانات الاسرائيلية في الجنوب السوري

بقلم .. أمجد إسماعيل الآغا * |
تطورات متسارعة شهدها الميدان السوري في الأشهر الماضية ، تطورات تشي بالسعي إلى فرض الحلول السياسة وفق رؤية الدولة السورية ، فالميدان بات بيد الجيش السوري و عليه ستكون الحلول السياسية متوافقة مع ما تم تحقيقه من منجزات عسكرية في الجغرافية السورية ، ضمن هذا المعطى تضيق الخيارات لدى أعداء سوريا ، فالوقائع تؤكد بأن واشنطن و تل ابيب باتوا في ربع الساعة الأخير محاولين الحصول على أي مكاسب سياسية ، مع قناعتهم التامة بأن معادلات الميدان خرجت من سيطرتهم و باتت تلك المعادلات حكرا على الجيش السوري ، من هنا تسعى اسرائيل للعب في التفاصيل السياسية و المناورة ضمن المعادلات الإقليمية التي فرضتها الدولة السورية ، اسرائيل الواهمة تروج لنصر سياسي عبر اقناعها الروس بإخراج الإيرانيين و حزب الله من سوريا ، و هذا ما أكده الإعلام العبري عبر تسريبات من لقاءات المسؤولين الإسرائيليين في روسيا و النجاح في استمالة الروس و إقناعهم بضرورة التخلي عن الإيراني و إخراجه من الجنوب السوري ، وهو أمر غير صحيح بدليل أن الروس سارعوا لنفي هذا الكلام. مع تسارع التطورات في الجنوب السوري تسعى اسرائيل إلى الترويج بوجود خلافات ايرانية روسية فيما يخص ملف الجنوب السوري ، فضلا عن الادعاء الاسرائيلي بوجود قواعد عسكرية ايرانية في سوريا ، حيث سارعت اسرائيل إلى الكشف عن مضمون المحادثات الإسرائيلية الروسية ، والحديث عن اتفاق يقضي بمنع القوات الإيرانية وحزب الله من الوصول إلى حدود الجولان والموافقة على استعادة الجيش السوري بمفرده السيطرة على الحدود مع احتفاظه بحرية توجيه ضربات داخل سوريا ، و بالتالي من الواضح أن اسرائيل تروج لنصر من خلال هذا الاتفاق و هذا يجافي حقيقة الواقع ، إذ أن الواقع الميداني يشير إلى وجود حضور إيراني عسكري عبر مستشارين و ليس قواعد عسكرية على شاكلة قاعدة حميميم الروسية ، وأن هذا الوجود الإيراني إضافة إلى حزب الله جاء بطلب من القيادة السورية كما أعلن الرئيس الأسد أكثر من مرة ، وأنه عندما يُهزم الإرهاب سوف تغادر هذه القوات سوريا ، و هذا ما أعلن عنه الأمن العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مراراً ومثله المسؤولون الإيرانيون ، ناهيك عن أن الحضور الإيراني في سوريا يتجاوز العسكري إلى حضور سياسي وثقافي واقتصادي واجتماعي. في كلام الاسرائيلي و ما يروج له هو دليل إفلاس على الصعيدين الميداني و السياسي ، فبعد سنوات طويلة تم خلالها تقديم اشكال الدعم كافة للفصائل الارهابية المتواجدة في الجنوب السوري ، تجد اليوم اسرائيل نفسها في زاوية الرضوخ للأمر الواقع ، هو واقع فرضه الجيش السوري عبر منجزاته الميدانية المتتابعة ، رغم كل العراقيل التي وضعتها واشنطن و تل أبيب في طريق الجيش السوري للجمه عن متابعة انتصاراته ، فإسرائيل توحي بأن اتفاقها مع الروسي كُلل بإبعاد إيران وحزب الله عن الحدود الجنوبية ، وأن هذا يعد انتصارا لها ، بينما الوقائع تشير صراحة إلى أنها رضخت لعودة الجيش السوري للسيطرة على تلك المنطقة وصولاً إلى تخوم الجولان المحتل وإلى الحدود الأردنية ، وهو بحد ذاته انتصار سياسي و ميداني لسوريا و محور المقاومة ، و بالتالي اسرائيل خسرت رهانها الاساسي الذي عملت عليه منذ بداية الحرب في سوريا ، هذا الرهان القاضي بإنشاء منطقة جغرافية في الجنوب السوري تديرها الفصائل الإرهابية المرتبطة بإسرائيل ، اضافة إلى أن مصير هذه الفصائل الإرهابية بات سيئاً و في وضع لا يحسدون عليه لا سيما في ظل حديث عن اتفاق روسي أردني أميركي ، وبالتالي فإن هؤلاء سيجدون أنفسهم قد تركوا لمصيرهم بعدما تخلت عنهم إسرائيل وأنهم استغلوا لمآرب دولية وباتوا اليوم بلا فائدة وبالتالي سيتم التضحية بهم. في المحصلة ، يغيب عن بال الإسرائيليين بأن ما يربط إيران بروسيا يتجاوز الشأن السوري إلى حد العلاقة الاستراتيجية على مستوى الامن والاقتصاد والمجاورة ، كما يتناسى الإسرائيليون أن محادثات أستنا باتت هي الأساس لحل الأزمة السورية ، وأن هذا المؤتمر ولد من خلال تعاون روسي إيراني انضمت إليه لاحقاً تركيا وهو من دون إيران لا يمكن أن ينجح ، و الثابت دائما قطار الانتصارات والانجازات التي يحققها الجيش السوري مستمر، ولن ينتهي عند الحدود الجنوبية لسوريا ، و هنا يكمن الرعب الاسرائيلي .
* كاتب و إعلامي سوري
amjadalagha2@gmail.com

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023