قراءة في ربيع الفوضى الأمريكي…بقلم فادي عيد وهيب

قراءة في ربيع الفوضى الأمريكي…بقلم فادي عيد وهيب

أنفجر الشارع الأمريكي غضبا بسبب مقتل شاب من أصول أفريقية يدعى جورج فلويد على يد رجل شرطي عنصري، والى هنا لا يوجد شيء غريب فلا يمر شهر دون واقعة إعتداء عنصري من الشرطة الأمريكية تجاه أصحاب البشرة السمراء هناك، فلا خلاف على عنصرية الشرطة الأمريكية أو على عدم تحضر سكان العديد من الولايات الأمريكية، وهذا ليس غريب لان دولة أمريكا لم تمر بمرحلة الحضارة، كما لا يوجد عرق أسمه “العرق الأمريكي” أصلا، فهي تأسست في ظروف إستثنائية من أجناس وأعراق مختلفة تماما، ولكن المشهد هناك يقول أكثر من مجرد حادثة بين شرطي ومواطن أسود البشرة.

فحقيقة الأمر المشهد مسيس بأمتياز ومدبر بحرفية شديدة وشخص دونالد ترامب هو المستهدف الأول من تلك الفوضي التى لم تنفجر صدفة، فتلك الفوضى صنعت على يد من صدروا لنا فوضى 2011م في دول ما سمي بالربيع العربي، فاليوم نفس المؤسسات الاقتصادية والعسكرية التى تتحكم في كامل غرف القرار بدول حلف الأطلسي وتظن أنها تسيطر على الكوكب كله، تضطر لصنع نفس الفوضى وبنفس الأدوات ولكن فى تلك المرة بأمريكا نفسها لإعادة البيت البيض الى بيت الطاعة من جديد.

وكان واضحا من البداية أن المعركة بين ذلك المعسكر ودونالد ترامب لم تنتهي بفوز ترامب بالانتخابات الرئاسية 2016م بل كان فوزه بتلك الإنتخابات خروج لذلك الصراع للعلن، وها هو يتجلى ذلك الصراع فى شوارع أمريكا الأن، ولم يعد أمام ترامب خيار قبل انتخابات الرئاسة بنوفمبر القادم سوى إفتعال حرب، خاصة بعد خسارة حرب فيروس كورونا، وهي الحرب التى جاءت إستباقية من المعسكر الشرقي لتحبط ما كان يعتزم عمله ضد الصين، واليوم يدخل في فوضى غير مسبوقة وأعنف من أي فوضى شاهدتها الولايات المتحدة الأمريكية.

وهنا سيطرح القارئ سؤال وهو : هل تحركات دونالد ترامب تتضارب مع مصلحة أمريكا ؟

نقول لا بقدر تناقضها مع مصالح من أتوا بباراك اوباما، وتأملوا ردات فعلهم على ما يحدث في كل واقعة منذ تولي ترامب الحكم وحتى الأن، بداية من هيلاري كلينتون وصولا لأخر عنصر عميل في أصغر السفارات الأمريكية بالعالم كتوكل كرمان وغيرها من أبواق الربيع العربي أو بالأدق الربيع العبري وأبرز المشرفين على مواقع التواصل الإجتماعي، وتأملوا الصدام الحالي بين ترامب ومواقع التواصل الاجتماعي (أبرز وأقوى أدوات حروب الجيل الرابع) وكيف بعد تهديده بإغلاقها بساعات جاءت تلك الفوضى لتضعه في موقف أسوأ أن أقدم على غلقها.

فالرئيس الامريكي أصبحت مسيرته السياسية أمام تهديد مباشر، فالاقتصاد الذى كان يعول عليه في الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة هو الوضع الاقتصادي الأسوأ في تاريخ البلاد، وعلى الصعيد الأمني فلم يعد يختلف كثيرا عن الوضع الاقتصادي في ظل تصاعد أرتفاع معدلات جرائم السرقة والنهب، حتى بات السؤال يطرحه نفسه هل من ضربات جديدة ستوجه ضد ترامب قبل نوفمبر القادم أي قبل موعد الانتخابات الرئاسية، ومن أين ستأتي هل من الدولة العميقة بواشنطن أيضا، أم من خارج حدود أمريكا وحينها ستكون الضربة القاضية لدونالد ترامب.

الباحث والمحلل السياسي بشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

fady.world86@gmail.com

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023