التصعيد الإسرائيلي الأخير الذي شهده قطاع غزة أو جولة القتال الأخيرة إن صحت تسميتها وتداعياتها وحيثياتها تقدم حقيقة أن العدو الإسرائيلي يتبع سياسة السير على حافة الهاوية, فالرد المقاوم الفلسطيني فاجأ الكيان وأربكه وأدخله في تجاذبات ومشاحنات في مؤسساته الأمنية والسياسية والعسكرية وأظهر مدى ضعف الترابط في الداخل الإسرائيلي وعدم التوافق على ما يبدو فيما يقدم عليه رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو خوفاً من التدحرج والانجرار إلى حرب لا قدرة له على احتمال تكاليفها ونتائجها التي ستؤثر سلباً في الداخل الإسرائيلي.
أبدعت المقاومة الفلسطينية في استفزاز العدو وبرعت الطائرات الورقية والبالونات الحارقة في تثبيت قواعد جديدة من المواجهة والردع وتمكنت الأسلحة المتواضعة للمقاومة من استنفار الأسلحة الإسرائيلية الحديثة التي لم تتمكن من إحداث فرق في المعادلة والميدان بدليل ما كشفه موقع «واللا» الإسرائيلي عن فشل منظومة «القبة الحديدية» في اعتراض صواريخ المقاومة الفلسطينية، كما كشف الموقع أن 44% من الرأي العام في كيان الاحتلال يعتقدون أن المقاومة خرجت منتصرة في جولة التصعيد الأخيرة.
رغم أن التصعيد الأخير كان معدّاً له إلا أن احتمالات الذهاب لمواجهة مفتوحة أو واسعة غير واردة تخوفاً من كيان الاحتلال من أن يؤثر ذلك على الجبهة الشمالية -مصدر القلق والذعر للكيان- بما يزيد من تعقيد المشهد.
يُغرق كيان الاحتلال الإسرائيلي نفسه في دوامة الفشل ويضع نفسه دائماً في موقع المحاصر من دون أن ينتبه لنقطة باتت جلية هي أن المقاومة راكمت خبراتها نظرياً وآن أوان التطبيق العملي الذي أتى هذه المرة بشكل لافت لاشك أنه أذهل من يقف وراء الإسرائيلي من الأمريكي وأتباعه في مشيخات النفط والغاز، فضربة المقاومة سددت على أهدافها بنجاح في مرمى يقف عليه «حراس» عدة خابت آمالهم.
باختصار يقولها الشعب الفلسطيني المقاوم: «صفقة القرن» لن تمر بيسر وسهولة رغم التواطؤ العربي ومحاولات تحييد غزة عن المشهد، حيث لا مكان إلا للمقاومة والدفاع ولا مكان إلا لفلسطين وقضيتها الجوهرية التي تبقى الأساس والمحرك لكل عمليات المقاومة وما عدا ذلك غير موجود إلا في أذهان من تآمر وباع واشترى في دماء الشهداء على امتداد العقود.