لقد دخلنا زمن تحرير فلسطين…بقلم محمد الرصافي المقداد

لقد دخلنا زمن تحرير فلسطين…بقلم محمد الرصافي المقداد

عدوان الكيان الصهيوني على غزّة مرشّح للتصعيد، لينفتح بمصراعيه على الصراع السياسي داخل منظومته، قد يؤجج حربا شاملة مع المقاومة الإسلامية في لبنان، من شأنها أن تورّط أمريكا وبريطانيا في مشاركة هذا الكيان جرائمه الفظيعة، هذا التورّط القائم حاليا على إمداد حكومة الإحتلال بطلباتها من الأسلحة والذخائر من هاذين البلدين، وتنفيذ غارات جوية وصاروخية على مناطق يمنيّة، من أجل الضغط على حركة أنصار الله، بالتوقّف عن ضرب السفن التجارية المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، وموقف هذه الحركة الإسلامية المنتمية لمحور المقاومة مبدئي، أملاه عليها واجب الدين والأخوّة، وقد أثبتت أنها جديرة برفع التحدّي، وتمكنت من وقف تزويد الكيان بمستلزماته التجارية، ومن جهة أخرى، فقد وسّعت حكومة صنعاء دائرة استهدافها البحري، ليشمل السفن الأمريكية والبريطانية التجارية وحتى الحربية، عقابا لها على عدوان سفنها العسكرية على الأراضي والمنشآت اليمنية.

 

وجاءت مساندة حركات مقاومة الصهيونية والإستكبار، من لبنان والعراق وسوريا لإخوانهم في غزة وفلسطين، لتؤكّد على مدى التزام هؤلاء الأوفياء، بهدف تحرير فلسطين تحريرا كاملا، بحيث لا يبقى من الكيان الغاصب وجود أو أثر على أرض فلسطين، وانهاء احتلال غاشم، لم يوجد له مثيل في العنصرية والكراهية الدينية والإجرام، ويبدو إصرار الجانبين، جبهة الغرب المتصهين، التي تعتبر أن دولة الكيان هي قاعدة استراتيجية متقدّمة شديدة الأهمّية لها، من شأنها أن تحافظ على مصالحها في المنطقة، بمخططاتها التي تسعى للهيمنة على الدول المحيطة بها، وقد بدأت أعراضها تظهر في عمليات التطبيع المتسارعة، مع عدد من الدول العربية المعروفة بولائها لأمريكا والغرب.

 

توسيع رقعة الحرب، لتشمل مناطق أخرى، بدأت أعراضه تظهر، من خلال إصرار الحلف الصهيوني الغربي على مواصلة تنفيذ اعمال الإبادة في غزة، في ظل هيمنة هاتين الدولتين على المنظمة الأممية ومجلس الأمن، الذين أصبحا عاجزين على إصدار أو تنفيذ قرار عادل، ينصف الشعب الفلسطيني، ويعطيه حقه المشروع في أرضه، وإصرار جبهة المقاومة الموسعة في مواصلة الوقوف إلى جانب إخوانهم في غزة، إلى حين رفع العدوان عنهم، أصبح اليوم نتيجة لا مفرّ منها، وبمعنى أدقّ دخول إيران في المعركة بشكل مباشر، في صورة ما إذا دخلت أمريكا وبريطانيا الحرب لمساندة الكيان الصهيوني، الذي أصبح في وضع المهتزّة أركانه، بعدما كانت ثابتة لم يزعزعها شيء قبل طوفان الأقصى.

 

دخول أمريكا وبريطانيا، في العدوان، بدأ من اليمن بشن غارات جوية متكررة، على مناطق متفرقة هناك، أصبح حلقة أخرى من حلقات العدوان الأمريكي البريطاني، بدأ يتكشّف للعالم بعنوان حماية الملاحة الدولية، لكنّه في الحقيقة كان هدفه ردْع اليمن عن مواصلة عملياته البحرية في محيط باب المندب، هذا اليمن العزيز الذي أملى عليه واجبه تقديم ما يمكنه تقديمه نجدة لإخوانهم في غزّة، كل المؤشرات تذهب إلى إحتمال توسّع دائرة الحرب، لتتحول من عدوان محدود إلى حرب شاملة، في هذه الحال لا يمكن لإيران أن تبقى في وضع المتفرّج، وهي التي بقيت بمفردها – دون بقية الدول المحسوبة مناصرة لفلسطين – حاملة لواء نصرة شعبها المظلوم، ووفائها لقضيته المركزية، يحتّم عليها اليوم نجدتها، ليس بالمال والسلاح فقط، بل حتى بالإنخراط في الحرب إذا اقتضى الأمر ذلك، إلى جانب حركات المقاومة، باعتبارها راعية وفيّة لها، لم يتغيّر موقفها من مشروع تحرير فلسطين منذ أن دعت إليه منذ انتصار ثورتها الإسلامية سنة 1979.

 

من المنطقي إذا أن نقول بأنّ ايران راعية هذه الفصائل، وقد أحسنت بالفعل تطوير قدراتها العسكرية تسليحا نوعيا، وتوفير إمكانات لها لتزداد قوّة، وقد برهنت عملية طوفان الأقصى على مدى هذا التطوّر، وهو ما أفزع الكيان الصهيوني وأولياؤه الغربيين، حتى أنّهم نسوا أوكرانيا، ولم تعد تُعتبر أولويّة عندهم، في دعمهم لحكومة زيلنسكي الصهيونية، وقد نجحت إيران في مشروعها التنموي لتقوية حركات المقاومة، وقد رأينا نماذج عملية من هذا التطوّر العسكري التدريجي، بانتصارات حزب الله سنتي 2000و2006، فضلا على صمود حماس والجهاد الإسلامي، ونجاحهما في تحقيق الرّدع في مواجهة هجمات الجيش الصهيوني على قطاع غزة، وهو اليوم بهذا التطور الحاصل بعملية طوفان الأقصى، بإمكانه أن يدخل في حرب مع الكيان الصهيوني، وينتصر فيها مجدّدا.

 

ونذكّر بجملة من التصريحات السياسية التي أدلى بها قادة عسكريون إيرانيون، عبّروا من خلالها، على أن حزب الله بإمكانه وحده الوقوف في وجه الكيان الصهيوني، دون الحاجة الى تدخل عسكري إيراني في الحرب، وهذا ليس تخمينا وتوقّعا، وانما هي حقيقة أصبحت تتعاظم بمرور الوقت، لذلك أقول إنّ عمر الكيان الصهيوني بدأ يقترب من نهايته، والبقية الباقية منه ستكون بمثابة الجحيم الذي يسوء العيش فيه، تحت ظلّ التهديدات الأمنية، ومرجّح أن يبدأ الحالمون من المستوطنين بعيش رغيد آمن في فلسطين بالتجهز للرحيل عن فلسطين، بعدما لمسوا ما أصاب قسما منهم، في غلاف غزة وفي الجليل الأعلى، الهجرة العكسية على قدر هؤلاء وقد أفلح من بادر إلى المغادرة، قبل أن يضيق الوقت فلا يجد هؤلاء مجالا للخروج.

 

بناء على هذه المؤشرات يمكننا القول، بأننا دخلنا فعلا زمن تحرير فلسطين، وطوفان الأقصى يُعتَبَرُ بوّابته التي انفتحت، ولن تنغلق إلّا على النّصر الموعود.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023