لماذا انتخبنا وليس من انتخبنا…تلك هي المسألة…بقلم هشام البوعبيدي

لماذا انتخبنا وليس من انتخبنا…تلك هي المسألة…بقلم هشام البوعبيدي

لا تزال تداعيات فوز قيس سعيد بمنصب الرئاسة التونسية تلقي بظلالها على كثير من المنابر والساحات وتثير عديد التحليلات والمتابعات، وهو، إحقاقا للحق حدث بارز لا يمكن اغفاله أو المرور عليه مرورا عابرا سطحيا، فالرجل قد ملأ الدنيا وشغل الناس، سواء بمروره للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية والذي شكل مفاجأة لكل المتابعين، خاصة وأنه لا سندا حزبيا له ولا رصيدا ماديا يعتد به كمنافسيه الذين كان لأغلبهم ثقل حزبي ومالي ألقوا به في الحملة الانتخابية ولم يحصدوا نقيرا، كما أن الفوز الساحق على منافسه في جولة الإعادة، ذكّرتنا بالنسب العالية التي كان “يفوز” بها رؤساء المنطقة “الديمقراطيون جداا” على منافسيهم، وكأنما كان استحقاقه الرئاسي نوعا من “المبايعة” له رغم حملات التشويه والتشكيك التي تعرّض لها.

فكيف استطاع هذا “المجهول” الذي لم يُعرف له برنامج سياسي أو نشاط حزبي أن يكسر كل قواعد العملية السياسية التقليدية، بل ومثّل حافزا لشريحة الشباب التي تقاطرت بنسب عالية على مكاتب الاقتراع، التي هجروها وقاطعوها في عديد المناسبات، لانتخابه وتعبيد طريقه لقصر قرطاج؟

الأكيد أن في كلمات الاستاذ قيس سعيد المقتضبة وتصريحاته القليلة “شيفرات” تلقفها الشباب الذي أرهقته ألاعيب الساسة وخذلته الوعود الكاذبة، ورأى بأم عينيه أحلامه، التي حطمتها تسع سنين عجاف من زمن الثورة، تتجدّد وتنبعث فيها الآمال…على خلاف عرّابي “المنظومة القديمة” ومقاولي “السيستام” الذين لم تستوعب برمجياتهم الصدئة التغييرات المتسارعة والتحولات الطارئة والأمل الذي بدأ ينعكس ايجابا، فإذا بها حملات تبرّع وعمل ودعوات للاصلاح….

نعم، قد يرى البعض فيها نوعا من الشعبوية الرخيصة، ولكن شتان بين من يساق الى أمر كرها وبين من يأتيه طوعا، فليس المهم من انتخبنا، وانما لماذا انتخبنا…فبانتخابنا قد اخترنا أملا حافلا بالاصلاح لتجاوز تاريخ مليئ بالتعدي وملطخا بالفساد.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023