مؤتمر وارسو ونعيق الغربان

مؤتمر وارسو ونعيق الغربان

بقلم: محمد الرصافي المقداد  |                             

عندما تصبح العمالة شرفا تتلحف به أنظمة عربية، فلا تخجل من وقوفها عند أبواب اسيادها متملقة، لعلها تبلغ رضا يزيدها حظوة لديهم، تزداد يقينا بأن الله قضى باستبدال هؤلاء وقومهم غير مأسوف عليهم.

(الذين قال لهم الناس أن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون)

اخيرا اطل علينا مؤتمر وارسو (بولندا) للأمن في الشرق الاوسط، فكان كما توقعنا ملتقى اعداء ايران، وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني، بما حواه وصف المشاركين فيه من حقد وتكالب على النظام الإسلامي، يريدون به السوء،  ويتربصون به الدوائر، اجتماع عبر عن مكنون سر ما مضت فيه وازمعت عليه السياسة الأمريكية، والذي ستكون له تداعيات خطيرة على السلم والامن العالمي.

   اجتماع دعت اليه وسهرت على جمع اطرافه المشاركة، الكتلة الصهيونية النافذة في عمق السياسة الأمريكية، ولغاية منه أصبحت مكشوفة بحيث لا تحتاج إلى تأويل، ذلك أن محور المقاومة الذي أسسه فكر الثورة الاسلامية، وشكلت منظماته الاسلامية الدعوات الموجهة الى الشباب المسلم بضرورة مقاومة التواجد الصهيوني، وانهائه من على أرض فلسطين، وهو مشروع صادق وجاد، أعاق المساعي الأمريكية في غلق ملف القضية الفلسطينية نهائيا، بما يتماشى والمخطط الصهيوني في تهويد كل فلسطين.

الشي اللافت في المؤتمر، أن عنوانه مغاير لحقيقته، وأن تصريحات المشاركين فيه، خصوصا حكام الخليج، جاءت معبرة عن  النظرة الأمريكية الصهيونية تجاه ايران الإسلامية، وقد تكون تجاوزت تلك النظرة السيئة، إلى حالة من الاستعداء المريض الذي لا علاج له، فوزير الخارجية البحراني عبر بالقول:) ان مواجهة ما وصفه بالتهديد الإيراني، تعد أخطر وأهم من القضية الفِلَسطينية في الوقت الحالي (وأضاف (في المراحل الأخيرة، رأينا تحدياً أكبر هو الأخطر في تاريخنا الحديث، وهو تهديد إيران، وأن التحدي بدأ منذ عام 1979 (تاريخ انتصار الثورة الإسلامية في إيران) وخلص الى القول (بأن الخطر الإيراني هو المانع أمام حل القضية الفلسطينية، بسبب تشكيله تهديداً في سوريا واليمن والعراق وحتى في البحرين).

ولم يكن تصريح شقيقه وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد آل نهيان اقل عدوانية منه، ففي الجلسة نفسها قال: ( انه من حق إسرائيل  قصف سوريا، للدفاع عن نفسها من خطر إيران (

اما ثالث توأم العمالة عادل الجبير، وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودية، فبعد أن تفتقت قريحته بالسؤال عمن يدعم حركتي حماس والجهاد الاسلامي؟ وكانت اجابته إقرارا بأن إيران تدعم الحركات الفلسطينية – ليس من أجل تحرير فلسطين كما تراه ايران هدفا اسلاميا مشروعا يتفق تماما مع حقوق الشعوب المضطهدة في المقاومة – بل لتقويض السلطة الفلسطينية، كما ادّعى الجبير افتراء على حركات المقاومة الاسلامية الفلسطينية.

ومن هذه التصريحات العدائية والغير مسؤولة، ندرك مدى سقوط هاذه الدول في ادعاءات مفرغة من الحقيقة، وخالية من أي دليل إثبات، يدين النظام الإسلامي في إيران بعدوان ما على جيرانه، سوى ما لفق عليها من بهتان، لم يصح منه شيئا.

وايران فيما أصبح يعلمه الجميع، البلد الوحيد الذي لا يزال داعما ومساندا للقضية الفلسطينية، ولولا النظام الاسلامي  في ايران، لتلاشى أمل تحريرها الى الابد، ومن اجل مواقفه تلك حورب، ولاتزال تشن عليه  انواع مختلفة من العدوان، اقتصاديا وسياسيا واعلاميا وعسكريا، كما سبق من العدوان عليها في حرب الخليج الأولى، وما تخلل تلك الفترة الزمنية من هجمات ارهابية، لا تزال ترتكب بحقه بحسب اجندات مشغلي عناصرها.

الغريب هنا، أن دولا كالإمارات والبحرين والسعودية، لا تملك مقومات نظم الحكم الديمقراطية، حيث لا وزن ولا رأي لشعوبها، له اعتبار لديهم، تتصدر في العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين، مشهد تغيير أنظمة حكم عربية، يراد التخلص منها بإيعاز امريكي،

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023