ماكرون وترامب ولورنس العرب؟!… بقلم محمد النوباني

ماكرون وترامب ولورنس العرب؟!… بقلم محمد النوباني

من المؤكد ان الخلوة التي عقدها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة التابعة لحزب الله في البرلمان اللبناني النائب محمد رعد على هامش الزيارة الاخيرة التي قام بها الرئيس الفرنسي لبيروت واسمعه خلالها كلاماً دبلوماسياً يختلف نوعاً ما مع الموقف الفرنسي المعلن من حزب الله ليس له علاقة بحدوث تغيير جذري بموقف فرنسا من الحزب بقدر ما له علاقة كما نقلت وسائل الإعلام بموقف فرنسي أبلغ الامريكيين مضمونه ان استمرار الضغط على حزب الله قد يؤدي إلى دفعة لاتخاذ موقف عنيف وقوي من المعارضة اللبنانية واسرائيل.
وبالتالي فإن الاستنتاج الذي خرجت به بعض وسائل الاعلام المحسوبة على محور المقاومة من ان أن فرنسا قد غيرت موقفها الداعم بلا حدود للقوى الرجعية في لبنان والمطالب بنزع سلاح حزب الله كشرط مسبق لتطبيع الوضع في لبنان وقررت إتخاذ نفس المسافة من طرفي الصراع اللبناني ليس له أساس من الصحة.
وهذا ينسحب على الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس اللبناني ميشيل عون، فهذا الاتصال لم يحمل أي جديد ملموس وذو مغزى حيث اكتفى ترامب بتقديم التعازي لنظيره اللبناني بضحايا تفجير المرفأ مؤكداً لعون لانه سيشارك في مؤتمر المانحين للبنان الذي دعا ماكرون لعقده اليوم في باريس .
وهذا ينطبق على التغريدتين اللتين نشرتهما السفارة الامريكية في بيروت في ساعة متأخرة من مساء أمس السبت على تويتر فهما لم يحملا اي جديد حيث تم التأكيد فيهما على حق اللبنانيين في التظاهر وهو ما شاهدنا آثاره امس في شوارع وزارات بيروت.
وهذا لا يعني أن الإدارة الامريكية التي يستعد رئيسها لإستحقاق إنتخابي رئاسي صعب في الثالث من تشرين ثاني نوفمبر القادم، قد غيرت موقفها من حزب الله او تخلت عن مواقفها السابقة إلا شكلاً لإعتباىات تكتيكية.
وفي احسن الأحوال فإن ما بدا لبعض المراقبين السياسيبن بانه تغير في الموقفين الفرنسي والامريكي من الصراع في لبنان وعلى لبنان لا يعدو كونه محاولة للخداع وذر الرماد في العيون من أجل فرملة اية محاولة من قبل حكومة حسان ذياب لإظهار ألحقيقة حول الانفجار الهائل الذي وقع في مرفأ بيروت يوم الثلاثاء الدامي وتقديم المتسببين بحدوثه إلى المحاكمة وجلهم بالمناسبة من قوى الرابع عشر من آذار لكي تستمر العملية الهادفة لنزع سلاح حزب الله الذي بات يشكل تهديداً وحودياً حقيقياً لإسرائيل بصمت وعلى نار هادئة وبدون ضجيج.
من هذا المنطلق فإن التعويل على تغيير في الموقف الفرنسي والامريكي من لبنان هو مضيعة للوقت ، لأن ما يجرى في حقيقة الأمر ليس سوى عملية خداع منظمة على طريقة ضابط المخابرات البريطاني توماس إدوارد لورنس (لورنس العرب) الذي كذب على العرب وصدقوه حينما أوهمهم اثناء الحرب العالمية الآولى آن بريطانيا سوف تمنحهم الاستقلال إن ثاروا على الحكم العثماني وساعدوا بلاده على هزيمة تركيا ليتبين بعد ان وضعت الحرب أوزارها بأنتصار الحلفاء ومنهم بريطانيا ان تلك الوعود كانت عبارة عن خدعة ليس إلا.
ولعل أعمال الشغب العنيفة التي شهدتها بيروت مساء امس السبت واستمرت حتى ساعات الفجر الأولى وما تخللها من مقتل أحد عناصر الأمن الداخلى اللبناني ومن اقتحام لوزارات وإتلاف لوثائق لها علاقة كما نقلت الأنباء بقضية انفجار المرفأ ما يوحي ان هناك غرف سوداء تحرك المشاغبين أصابع فرنسا وأمريكا والسعودية ليست بعيدة عنها.
ولكن ما نسيه لورنسات القرن الحادي والعشرين وأقصد ماكرون وترامب ان ما كان ممكناً في مطلع القرن العشرين لم يعد ممكناً في القرن الحادي والعشرين لانه يوجد في لبنان اليوم قوى عربية جديدة لا يمكن خداعها والاهم من ذلك فهي قادرة في اللحظة المناسبة على قلب الطاولة على كل أعدائها.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023