هل بدأت الثورة الملونة في لبنان؟

هل بدأت الثورة الملونة في لبنان؟

من الواضح ان الوضع الامني في بيروت اخذ بالتدهور وهنالك مجموعات تسعى الى التصعيد وخلق الفوضى  للوصول الى إسقاط الحكومة. والامر لا يحتاج الى الكثير من التمحيص لكي نستخلص ان ما يجري على الارض يحمل في ثناياه رائحة ثورة ملونة تقودها مجموعات مرتبطة بأجندات خارجية وإمتدادتها في الداخل اللبناني. الاحتجاجات لم تعد سلمية الطابع على الاطلاق فالاعتداء على الممتلكات العامة وعلى رجال الامن الذي قتل أحدهم على أيدي بعض المتظاهرين بطريقة وحشية وسماع طلقات نارية كما ورد على لسان قوات الامن بالمقارنة مع ما ما حدث في بداية الاحداث في سوريا ومصر وأوكرانيا وغيرها يدلل على ان هنالك عناصر تحمل السلاح ووظيفتها ستكون “اصطياد” رجال الامن والمتظاهرين على حد سواء بهدف زيادة حدة الاحتقان وتصعيد الموقف وذلك عن طريق زرع قناصة هنا وهناك. مشاهد تتكرر لكل من تابع ويتابع أنماط الثورات الملونة.

الاحتجاجات الغير سلمية التي بدأت مساء أمس طغت على الوجه الحضاري والإنساني الذي رأيناه من على شاشات التلفزيونات بعد الانفجارات المدمرة لمرفأ بيروت, والتي عكست وبينت التضامن والتآخي بين مكونات المجتمع اللبناني العابرة للطوائف والمذاهب والمناطقية والحزبية. ولا يسع الانسان الا ان يقارن بين ما يحدث وما حدث من تحركات في بعض الدول والتي ادت الى إسقاط حكومات حتى المنتخبة من قبل الشعب والتي تبين أن يد المخابرات المركزية الامريكية كانت وراءها. وهذه الاحتجاجات وطبيعتها العدوانية تأتي متزامنة مع تقديم بعض النواب استقالاتهم وهم الممثلين لأحزاب عرفت تاريخيا بإرتباطها بالأجنبي والاستقواء به على بني جلدتهم. هذا الى جانب انهم لعبوا دورا هداما داخل المؤسسات الشرعية للدولة وعملوا على تكبيل وتعطيل الحكومة التي بدأت في فتح ملفات الفساد وتهريب عشرات المليارات من الدولارات الى الخارج مما افرغ البنك المركزي من الاحتياطي من العملات الاجنبية وادى الى تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية وإفقار غالبية الشعب اللبناني وتجويعه بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. 

السفيرة الامريكية تنطحت وبكل وقاحة كعادتها مهددة رجال الامن والدولة اللبنانية من التصدي للمتظاهرين. ألم يكن الاولى لهذه السيدة ان تطلب من رئيسها وقوات الامن المحلية والفيدرالية بعدم التعرض وقتل الى المتظاهرين في موطنها؟ الا يذكرنا ذلك بما فعله السفير الامريكي والمبعوثة الخاصة لوزير الخارجية في اوكرانيا عندما اعطيت الاشاراة للمعارضة ومنظمات الغير حكومية عام 2014 بالتحرك في الشارع لإسقاط حكومة يانوكوفيتش المنتخبة من خلال ثورة ملونة والتي جاءت ولأول مرة بتاريخ اوكرانيا بأحزاب فاشية ونازية الى الحكومة التي تكونت بعد اسقاط النظام. من لا يقرأ التاريخ ويقارن الاحداث ويربطها مع بعضها البعض لا يمكنه فهم ما يدور على أرض الواقع. 

هنالك عمل مكثف الان على السلك الدبلوماسي اللبناني وبالتحديد على السفراء لتقديم استقالاتهم على الهواء كما فعلت السفيرة اللبنانية في عمان. ومن المؤكد ان البعض سيستجيب لهذه الدعوات وخاصة وأن هنالك ملايين من البترودلار في المرحلة الحالية تصرف لهذا الغرض. 

وهنالك بعض الاخبار التي تتحدث عن حوالي 50 مواطنا لبنانيا “بارزا” يمثلون قطاعات المجتمع المدني والجماعات الناشطة قاموا بإرسال رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش يطالبون فيه مجلس الأمن الدولي بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في أسباب الكارثة. ومن معرفتنا للامين العام هذا الذي باع أطفال اليمن وتجويعهم وقتلهم من قبل التحالف الغير مقدس الذي تقوده السعودية بمبلغ 500 مليون دولار دفعت من قبل ولي العهد محمد بن سلمان لرفع اسم السعودية عن لائحة الخزي والعار كدولة تقتل الاطفال لا يستبعد ان يقوم بتأليف لجنة دولية تنتهي بوضع وصاية على لبنان والسيطرة على المعابر البرية والبحرية والجوية من قبل “قوات دولية”. فالبقرة الحلوب ما زال هنالك بعض الحليب في ضرعها.

من الواضح ان كل ما جرى ويجري يهدف في المرحلة الحالية الى إسقاط الحكومة ومحاولة محاصرة المقاومة اللبنانية وهذا ليس سرا فقد سمعنا الكثير الكثير من هذه الدعوات والتمنيات. والاخبار المتداولة في وسائل الاعلام أشارت الى ان بعض المحتجين قد إقتحموا وأحتلوا وزارة الخارجية وهنالك اقتحامات لوزارة الاقتصاد والبيئة والطاقة وبعض الاخبار اشارت الى السيطرة عليها. وقد كانت هنالك محاولات في الصباح لاقتحام مبنى مجلس النواب. 

إن تدهور الاوضاع الامنية الى هذا الحد يستدعي بالضرورة التدخل المباشر للجيش اللبناني بإعتباره المؤسسة الضامنة لأمن البلد والذي اثبت ومن خلال العديد من المناسبات أنه جيشا وطنيا بإمتياز عابر للطوائف والاحزاب والتشنجات السياسية في البلد وانه يحظى بإحترام الجميع لانه سبق أن رفض ويرفض التدخل لصالح فريق ضد فريق. 

لبنان يقف على حافة الهاوية في اللحظة التي من المفترض ان تتكاتف كل الجهود المخلصة للوطن للخروج من الكارثة التي تسببها تدمير الميناء والبدء بالتعافي ولملة الجراح. ومن هنا فإن العبث بلبنان كدولة ومؤسسات وحكومة وشعبا من قبل هذه الاحزاب والمجموعات المارقة التي تسعى الى تدمير البلد وجره الى الهاوية ووضعه تحت الوصاية الدولية والعودة به الى الوراء للإرث الاستعماري يجب التصدي لها وبكل حزم دون رحمة أو هوادة والا فإن لبنان لن يبقى على الخارطة السياسية كما هو. 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023