ما رأينا الا جميلا

بقلم: حازم عواضي |

قالتها سيدة جليلة اُثكلت بمقتل أخيها وابنائها وجمع من أصحاب أخيها في معركة انتهت بمجزرة لم ينسها التاريخ إلى يومنا هذا. قالتها وهي أسيرة مُثخنة بالجراح وفي جو من التعتيم الإعلامي للسلطة، وفي حضور الحاكم آنذاك. “ما رأيت إلا جميلاً” قالتها السيدة زينب رداً على سؤال “ابن زياد” لها عندما سألها من موقع “القوة” ألتي يظن أنه يمتلكها حينئذء، “كيف رأيت صُنع الله بأخيك وأهل بيتك؟”، وهو منتفخ الأوداج ظاناً بأن قتل الحسين حقق له انتصاراً وأخمد ثورة العدل والإصلاح التي رفعها ، ولم يُدرك أن القتل يرفع الصرخة ويوسّع الهزّة للإلتفات إلى موقف المقتول.

اليوم يلتحق ملوك الخليج ببعضهم و تتضح المواقف و ما كان في السر خرج إلى العلن دونما حياء و لا خجل ، و آخرها زيارة نتنياهو للسلطان قابوس ملك سلطنة عمان، هذا السلطان الذي روجوا لحكمته طيلة السنوات الماضية و دخل قلوب الكثيرين. ..فكانت مملكته صالون المفاوضات و التفاهمات بين المتخاصمين …ها هو اليوم ينهي حكمته بتطبيع علني مع دولة الإحتلال الإسرائيلي و يقدم بذلك إمتيازات للعدو اشتغل عليها منذ سنين . السلام الذي يزعمونه هو الاستسلام بعينه، تتسابق أنظمة الخليج و تتنافس فيه، إرضاء لاسيادهم ، نفهم، لقد نجح العقل إسرائيلي في ربط مستقبل عروشهم بقدر ارضاءهم لدائرة الصهيونية و نفهم ، أن الإسرائيلي يطمئن نفسه بمقولة الشعوب على دين ملوكها ، و كل ما يريده العدو إطفاء شعلة المقاومة و تصفية القضية الفلسطينية نهائيا. ..لتصبح إسرائيل واقعا لا محالة لا نملك إلا أن نتموقع في ظله و نتاقلم معه ، بمعايير جديدة ، يروجونها في خطاباتهم و اعلاناتهم ، صفقة القرن من هنا، و تغيير مصطلح اللاجئين من هناك…،ثم يقدمون الاحتلال على أساس أنه عمل متقدم و كل ما يناهضه هو عمل متخلف و رجعي و يوضع في خانة الإرهاب ، و يشتغل الإعلام الممنهج على صياغات مختلفة لتبرير التطبيع و قبوله كحالة عادية. ان الخيارات التي لا تأخذ في وقت الرخاء ستذهبون اليها عنوة يوم الشدة، و نراه قريبا، فكل مواقفكم و تطبيعكم لمحو حق و تثبيت باطل، لن تزيد الأحرار إلا ثباتا، و كل محاولاتكم لاطفاء جدوة المقاومة ، و ازهاق روح القضية الفلسطينية و إخماد نفس الشعوب الحرة ، تتضح يوما بعد يوم، و ستدركون متأخرين أن مواقفكم المعلنة ترفع الصرخة المضادة، و توسع هزة الإلتفاف حول جبهة المقاومة …فضباب ينقشع و الرماد يندثر. ..فما رأينا إلا جميلا .

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023