متلازمة الإرادة الجماهيرية بين الحرية واللمز العفوية  بقلم: د. أنور العقرباوي*

متلازمة الإرادة الجماهيرية بين الحرية واللمز العفوية  بقلم: د. أنور العقرباوي*

لا تفتأ الإدارات الأمريكية المتعاقبة، كلما لاحت في الأفق رياح التغيير في العالم العربي، حتى تسارع في الإيحاء أنها على دراية مسبقة فيها، وعلى مدار الساعة عن كثب تراقبها، وأن الهاجس اللذي غالبا ما يؤرقها، يكمن في عدم تجاوب الأنظمة العربية، مع التحولات الديمقراطية تمشيا مع رغبات شعوبها، حتى يكاد المرء من فرط مزاعمها، أن يلتبس عليه صدقها من كذبها!

تقوم السياسات الغربية وبالأخص الأمريكية منها، في مسعاها نحو تضليل شعوبها، إزاء مبررات التدخل في شؤون غيرها، في العمل على نفس النسق اللذي تتوارثه إدارة إثر إدارة، في الترويج لما تسميه نشر الحرية والديمقراطية، تمثلا كما تزعم مع قيمها العليا التي جاء في الدستور نصها، في الوقت اللذي لا تخجل فيه علانية، عن مساندة الأنظمة القمعية، طالما كان ذلك يخدم مصالحها، ولا تتورع على حساب الجماهير المغلوبة على أمرها، أن تصب عليها جام غضبها من الأسلحة الفتاكة في مخزونها، التي تنعش إقتصادها وتخفف من عبء البطالة لديها!

أما إذا ما استفاقت الجماهير على حقيقة وضعها، وقد أعياها التسلط والجوع والعوز، ودفعتها الفاقة إلى الثورة على حكامها، حتى يسارع رعاة البقر وأعوانهم على مصادرة شعاراتها، أملا في خلخلة الثقة بإرادتها، وقدرتها الذاتية على تحقيق أحلامها، ومن وراء الكواليس لا تنفك في البحث، عن وجه جديد يضمن لها تبعيتها والإستعمارية مصالحها!

وبمناسبة الحديث عن إرادة الجماهير نحو التغيير في مسعاها، فلقد استوقفتنا الكثير من التعليقات والمواقف، التي نقدر لها غيرتها وحرصها، على مصالح أشقاء على متسع الوطن لها، وإن كان ليس من الضرورة أن نتفق معها، حينما أخذت على عاتقها اللمز فيما بينها و الرأي خاصتها، على أن أحداث الجزائر والسودان، إنما انتهت إلى مسرحية في إلتفاف العسكر حولها، وتناسوا أن إصرار الحشود طوال شهور هي التي أرغمتها، على الإنصياع ولو في التنازل عند بعض مطالبها، وهي تفوت على المستعمرين والمزايدين من المستعربين اختراقها أو صرفها عن أهدافها، طالما بقيت ممسكة على عزيمتها و في الشارع تواجدها، حتى تحقق بكل حرية كامل أهدافها!

لا شك أن منطقتنا العربية، كانت ولا زالت وسوف تبقى حبلى بالمفاجئات والمتغيرات، حتى تنعم بالإستقرار يوم زوال الكيان الصهيوني وهو من المؤكد، حين لن تشغلنا أو تشاغلنا أكاذيب ونفاق الغرب، اللذي لن يألوا جهدا في محاولاته بث بذور الفتنة و الشكوك بيننا، ولو كان ذلك على حساب وعي الجماهير منا!

*فلسطيني واشنطن

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023