محسن النابتي: نحارب التطبيع دفاعا عن سيادة تونس والتحديث لن ينجح دون سياق تحرر وطني

أحداث هامة شهدتها الساحة التونسية الأيام القليلة الماضية، من تقرير لجنة الحقوق والحريات وما خلفته من ردود فعل متباينة بين مستبشر بـ”قاطرة التحديث” الى مستهجن للمساس بـ”النص المقدس وأحكامه”، الى موضوع الباخرة الصهيونية التي رست بالموانئ التونسية في شكل جديد للتغلغل الصهيوني ومحاولات متكرّرة لتكريس التطبيع كأمر واقع لا مناص منه.

في هذا الصدد جمعنا هذا الحوار مع الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي والقيادي بالجبهة الشعبية الأستاذ محسن النابتي في حديث ذو شجون لاستيضاح عديد القضايا:

  • بداية نتحدّث ولو بعجالة عن مسألة التطبيع مع العدو الصهيوني، هذا الملف الملتبس المتعدّد التمظهرات والمتلون بشتى الأشكال…فنيا رياضيا سياحيا اقتصاديا، ماذا أعددتم لصد المبشّرين بالتطبيع الذين تناسلوا وتكاثروا بعد الثورة؟؟

التطبيع خيار استراتيجي للحركة الصهيونية بدأ مع كامب ديفيد وتفاقم بعد اسلو وتونس احد الاقطار المستهدفة وبرغم ان التطبيع كان خيارا للانظمة المتعاقبة بمن فيهم الذين حكموا بعد الثورة الى اليوم لكنهم جميعا، النظام  المتواطئ والحركة الصهيونية والدوائر الدولية، كانوا يصطدمون بعقيدة شعبية متماسكة في رفض كل ما له علاقة بالكيان الصهيوني، ونحن في التيار الشعبي،  تمثّل معركة تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني عنوانا من عناوين الدفاع عن سيادة تونس وامنها القومي، وهي معركة سنستمر فيها ولن نتراجع ولنا صبر كبير ووعي كامل بان المعركة معهم في تونس جزء لا يتجزأ من المعركة الكبرى حتى تحرير فلسطين وكل ارض عربية وازالة كيان العدو.

  • البعض “هلّل” لموقف التيار الشعبي من تقرير لجنة الحقوق والحريات، واعتبره مؤشرا على تصدّع وانقسام بين مكوّنات الجبهة الشعبية…هل من توضيح لهذا التباين بين موقفكم وموقف الجبهة من التقرير المذكور؟

الجبهة الشعبية كيان سياسي يقوم  على جملة مشتركات، ولكن توجد كذلك مواقف لا تخضع كليا للمشتركات، فلكل حزب حرية إبداء موقفه الخاص في قضية من القضايا  وربما هذا عامل إثراء من عوامل استمرارها وتماسكها، وعلى كل نحن في التيار الشعبي لا نقلق من الاختلاف والتنوع، وتباين موقف التيار الشعبي “الحزئي” في موضوع تقرير لجنة الحقوق والحريات مفهوم، فالتيار الشعبي بقدر تمسكه بالمساواة التامة بين الرجال والنساء بقدر رفضه لما ورد في التقرير في مستوى التوطئة من تأطير فكري و تراثي للتجربة التاريخية لشعبنا وامتنا وبقدر رفضنا للسلفية الفكرية التي كبلت الامة بقدر رفضنا للهيمنة الخارجية وقراءتنا اننا في سياق هيمنة و دولة مسلوبة  القرار، في حين أن عمليات التطوير والتحديث لا تنجح الا في سياق التحرر الوطني، فتاريخ منطقتنا هو تاريخ مقاومات منذ مواجهة الصليبيين الى العثمانيين الى الاستعمار الغربي الى الهيمنة الحالية، ولهذا فإن القوى الشعبية لا تنخرط في معارك التحديث الا في سياق معارك التحرر، لذلك قبل عموم الشعب مجلة الاحوال الشخصية واتخذت الفئات الشعبية الرافضة للسلفيات سواء الاخوان او غيرهم موقف المتفرج لان الباجي يتحدث عن المساواة في الميراث ويضع البلاد تحت الهيمنة الخارجية اقتصاديا وسياسيا ولذلك لا يهتمون له.

أكرّر وأقول أنه لا وجود لانقسام بين الجبهة الشعبية والتيار الشعبي، فللتيار الشعبي مواقفه الخاصة التي لا يفرضها على احد ولا يقبل ان يفرض عليه مواقف خارج قيمه ورسالته و رؤيته، فقراءتنا وموقفنا لما يجري في ليبيا و سوريا واليمن والموقف من المقاومة لا نفرضه على احد و لا نقبل التنازل فيه لاحد ونعرف جيدا حدود المشترك مع رفاقنا فنتمسك به و ندعمه ونعرف جيدا حدود الاختلاف فنقف عندها بدون تعصب أو تشنج و لا نجعلها سببا في اضعاف المشتركات بل نجعل من المشترك سبيلا لتذليل الاختلاف وهذا هو التيار الشعبي.

  • ألا يبعث هذا التقارب بين الجبهة والنداء على “الحنين” لإحياء تجربة جديدة شبيهة بتحالف 2013 ؟

لن يكون هناك تحالف بين الجبهة والنداء وعلى الجبهة طرح معارك الحريات كجزء من معركة التحرر الوطني والا ستكون عملية فوقية لا اثر لها في حياة الناس وقد تعزل الجبهة عن الفئات الكادحة التي تكافح من اجل تحررها من الاستغلال والقه،ر وتعرف بفطرتها وتجربتها ان قوى الهيمنة في الخارج هي من تفرض و تحمي جلاديها و مستغليها في الداخل.

  • ألا يعتبر انخراط الجبهة الشعبية في تحركات “البورجوازية” تنازلا تاما عن طبيعتها الثورية اليسارية ذات الصلة بالبروليتاريا والدفاع عن  الطبقة المسحوقة في سيدي بوزيد او في أحياء الفقر في العاصمة؟

المشهد لم يتشكل بعد واعتقد ان التمسك بالقيم والصبر وتحليل المشهد تحليلا سياسيا علميا قبل اتخاذ موقف امر مطلوب، وعموما علينا التحلي بصبر استراتيجي من اجل بناء قوة تقدمية ذات عمق اجتماعي وحاضنة للكادحين والمحرومين واعتقد ان تجارب اليسار في امريكا اللاتينية يجب علينا تدارسها جيدا حتى لا نتحول الى نخب ليبرالية لا اكثر ولا اقل.

خاص المحور العربي

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023