من الذي يكره ايران؟…بقلم محمد الرصافي المقداد

من الذي يكره ايران؟…بقلم محمد الرصافي المقداد

سؤال قد يطرحه كل من تعجب من موجة العداء، التي استشرت هذه السنوات، وازدادت في الاونة الاخيرة ارتفاعا، في ارصدة كل من دخل تحت طائلتها، متقبل لها وناشرا دعايتها، دون ان يتبين حقيقتها، ومن يقف وراء حملتها.

خليط من أصحاب الأفكار من اسلاميين وعلمانيين، فد استهواهم التطرف، وآخرون لا لهؤلاء ولا لهؤلاء، وقفوا من ايران الاسلامية موقف المعادي، الذي حسم أمره بشأنها، معتمدا على مبررات دفعته اليها قناعاته الفكرية، أو وقع فيها تحت تاثير الدعايات المغرضة، التي تفنن الغرب وأسطوله الاعلامي الصهيوني الضخم، في نشرها بين شعوب العالم، نكاية في المشروع الاسلامي الرائد، الذي تبنته إيران بنظامها الاسلامي الذي كان من المفترض ان ينظر اليه بعين الواقعية والانصاف، لا يعين التطرف والاجحاف.

والى جانب هؤلاء المغرضين والحاقدين، نجد المنظومة السياسية الاستكبارية والصهيونية الغربية، قد جمعت في صفها أنظمة عربية، تأصلت في العمالة والتبعية لأعداء الاسلام، واقترنت بذلك التوجه، فكسف وجهها رغم زخرفه الخادع، وظهرت في رواجه توأمه، نصبت همها في ارضاء أسيادها، ولم يعد يهمها من امر مصالح شعوبها ومصداقيتها شيء، سوى ارضاء دول الاستكبار، وتحقيق رغباتها وتنفيذ سياساتها، بشان قضايا التحرر والانعتاق من استعمار، ظل يلازمها الى ما بعد الاستقلال الوهمي، الذي اضفي على تاريخ حركتها الوطنية، لتتحول تلك البلدان من حال سيئة الى حال أسوأ، من اجل ان تبقى تحت طائلة سياسة الترغيب والترهيب، التي تمارسها بحقها الدول الغربية المعتدية والظالمة.

اذا بحثنا عن اسباب معاداة وكره ايران، بعدما كانت لها حظوة ومكانة، في ظل الحكم البهلوي العميل للغرب والصهيونية، فاننا لن نجد عناء يذكر في الامساك به، وهو ان الشاه المقبور، كان خادما وحارسا امينا للمصالح الأمريكية والبريطانية، متوددا للكيان الصهيوني، الى حد الاعتراف به، من اول انتصابه محتلا لارض فلسطين، وقدس الامة الاسلامية سنة 1948.

اما بعد سقوط نظام العمالة في ايران، بثورة شعب ابي، تحت قيادة علمائية فذة، غلبت مصلحة الدين والوطن, على اي شيء اخر، وصدقت في وعودها، واخلصت في اعمالها، مما تسبب في قطع ايدي الاستعمار، والهيمنة الغربية على مقدرات ايران، واطاح بمنظومة استغلالها بصورة مروعة، لم يسبق ان لقي مثلها الغرب المعادي، فبادرت امريكا وبريطانيا بفتح حساب العداء لايران ونظامها الاسلامي، مباشرة بعدما ثبت لديها، ان ايران ما بعد ثورة 11/2/1979، لم تعد ايران التي كانتا تمتازان فيها بحصانة جواسيسها، التي كانت مخصوصة لهم مع عبيد الشاه.

نعم لقد تغير وضع الغرب والصهيونية هناك، بعدما تاكد الشعب الايراني، ان احد اهم اسباب مصائبه، هم هؤلاء الذين دخلوا بلاده بمخابراتهم، مستغلين تواطؤ الشاه معهم، فاغلقوا دونه باب ثقافة التبعية، وفتحوا باب ثقافة الثورة الاسلامية، لتظهر منظومتهم الاسلامية، في هذا الزمن الذي كادت معالم الاسلام المحمدي الاصيل، ان تنزوي بعيدا عن مجالاته، التي انزل من أجلها، لادارة حياة الناس، وفق الاحكام التي ارادها الله شريعة عدل ومساواة بين البشر.

كره الغرب وعداؤه لايران استتبعه كره الانظمة العميلة لها بسبب نظامها الاسلامي وسياستها المتطابقة مع مقاصد الشريعة، وتبنيها لقضايا الامة الاسلامية، كتحرير فلسطين، واستنقاظها من مسار التبعية والعمالة، فعملوا معا على تشويه صورتها لدى شعوبهم، وكان لاعلامهم دور في تقديم ايران على اساس عنصري فارسي، وديني مجوسي بعيدين على واقع إيران الاسلامي الذي لا تشوبه شائبة، وبذلك امكن لهم ان يحدثوا خرقا كبيرا، بين ما تسعى ايران للوصول اليه، من توعية شاملة للدول الاسلامية، وطلائعها الفكرية وقواعدها الشعبية، وبين انظمام الاغلبية لمشروعها الحقيقي، في التحرر من تبعات اعداء الاسلام، ومؤامراتهم المتواصلة لاخضاع شعوبه الى مشيئتهم.

وان أسوأ حقد على ايران الاسلامية، قد ظهرت ملامحه القبيحة من داخل المنظومة الاسلامية، ان شئنا التعبير عنه بهذه المقاربة، من طائفة أصرت على اتباع نهج التكفير، لكل من خالفها من المسلمين، وجعلت من الشيعة هدفها الاول، في نبذ طائفتهم ووسمها بابشع النعوت، بما يخالف ابسط قواعد الاخلاق الاسلامية في حرمة المسلم ايا كان انتماؤه المذهبي، وان عجبت من سلوك الوهابية، صنيعة بريطانيا في الحجاز، فاعجب من هؤلاء الذين يستقبلون الحجاج الايرانيين، القاصدين اداء مناسك الحج بالترحاب والورود، بينما تستمر حملاتهم التكفيرية، عبر وسائلهم الاعلامية المتعددة، وان عشت اراك منهم الدهر عجبا.

وبقدر كره الأعداء لايران الاسلامية، وعرقلتهم لمشاريعها، بالدعايات الملفقة، وبالعقوبات المفروضة عليها، بقدر ما حبا الله تلك البلاد ونظامها الاسلامي وشعبها، من فضله وتوفيقه ورعايته، ومن تابع مسيرتها للمظفرة، على مدى 40 عاما، عرف انها سائرة في طريق تفوقها وتميزها بأعين الله، ولن يثنيها عما عزمت عليه شيء، مهما عظم خطره وكبر تحديه، ومن كان الله معه، فلن يضره كيد عبيد الدنيا.

ايران برهنت اليوم ان عزمها الذي عقدته لبلوغ اهدافها الاسلامية، لم يفل فيه ارجاف ولا اجحاف بحقها، ومنظومتها السياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية، متماسكة الى ابعد حد، عجزت عن اختراقه مؤامرات خطيرة، لو سلط معشارها على نظام اخر لسقط سريعا، وهذا دليل على ان ايران بما وصلت اليه من تطور كبير في جميع المجالات، رغم كل العراقيل التي وضعت في طريقها، مسددة ومنصورة ومحفوظة من خالق، اختارهم من دون بقية الشعوب الاسلامية، ليكونوا حملة راية دينه الخاتم، والنصوص التي في تراثنا الاسلامي، خصوصا تفاسير القران، قد قطعت حجة من ناصبها العداء، من داخل مجتمعاتنا الاسلامية، وقاسموا اعداء الاسلام من مستكبرين وصهاينة، كرها سيعود عليهم بالوبال دنيا وآخرة، ولله الامر من قبل ومن بعد.

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023