ويتحدثون عن الحقوق..! بقلم هبا علي أحمد

لا يفوّت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرصة إلا ويبرز فيها العنصرية الأمريكية كصفة لصيقة بالولايات المتحدة، حتى إنه لم يعد الحديث عن تلك العنصرية بالجديد أو المستغرب، بل كل ما هنالك أن الأحداث تتجدد وتأتي تباعاً لتلتقي عند نقطة واضحة للعيان لا يمكن تلافيها وهي أمريكا العنصرية.

فمنذ قدوم ترامب للبيت الأبيض بدأ بإزالة مساحيق التجميل عن الوجه الأمريكي العنصري بالفطرة والنشأة وأظهره كما يوم ولد باتخاذه من انتهاكات حقوق الإنسان منهجاً وسلوكاً, واتخاذه من الحقوق ذاتها أداة ووسيلة بما يلبي مراميه، لذلك فإن السياسات التي اتبعها ترامب بحق الأطفال المهاجرين وفصلهم عن ذويهم –رغم بشاعة المشهد- تأتي على صورة بدهية وتحصيل حاصل يؤكد للمرة المليون عنصرية ترامب، كما يسقط للمرة المليون الدعاوى التي تتحفنا بها أمريكا عن الحريات وحقوق الإنسان وغيرها من الأسطوانات المكرورة والمشروخة .
فصل الأطفال عن ذويهم ووضعهم في أقفاص، ليس فضحية للولايات المتحدة فحسب كما صورها البعض، بل هو جزء يسير من سلسلة طويلة من الانتهاكات التي ارتكبتها واشنطن على امتداد تاريخها منذ نشأتها على جماجم الملايين من الهنود الحمر أو حتى الانتهاكات اللاأخلاقية بحق مواطنيها من ذوي البشرة السوداء، أما عن حروبها التي خيضت تحت مزاعم «الديمقراطية وحقوق الإنسان» فحدث ولا حرج منذ الحرب العالمية الثانية والجريمة النووية في اليابان مروراً بالفلبين وفيتنام والعراق والحرب الإرهابية التكفيرية التي تشهدها منطقتنا العربية.
المعايير الأخلاقية التي تسوقها واشنطن وتتخذها كغطاء وذريعة لكل شيء ما عدا ما يرتبط بتلك المعايير كما قلنا باتت اليوم وسائل ومعايير مسيسة للضغط والابتزاز السياسي وإحدى الأدوات المستخدمة في الحروب تلجأ لها واشنطن عند العجز عن تحقيق مكاسب سياسية ولضمان بقاءها في المشهد وبالتالي ضمان وجودها كدور استعماري تخريبي ليس إلا ولن نفيض في الحديث أكثر، فمنطقتنا ذاقت ما ذاقته من هذه السياسات.
لو أن واشنطن احترمت أي معايير لما تسببت بالحروب والويلات التي أتت أزمة اللاجئين كنتيجة
طبيعية لها- أي إن واشنطن وأتباعها السبب الرئيس والمباشر، ولو أنّها تفهّمت منطق الحقوق لما انسحبت من مجلس حقوق الإنسان لمجرد إدانته «إسرائيل» أكبر منتهكي حقوق الإنسان ولما غضت الطرف عن السجل الخليجي الأسود في هذا المجال، وهنا بات معروفاً أن تشغيل مصانع السلاح الأمريكي هو الأهم..!
إنها متاجرة وتشدق.. وللمفارقة امتنعت واشنطن عن التوقيع على الكثير من الاتفاقيات الأممية..! المرتبطة بحقوق الإنسان.. ومازالوا يتحدثون!.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023