إنها قضية ثقة وهنا يكمن التحدي…    

إنها قضية ثقة وهنا يكمن التحدي…    

– ومن باب احترام الثقة واحترام القارئ أن أُصرِّح بأن هذه الورقة كنتُ قد كتبتها قبل ثلاث سنوات أو أكثر بقليل، وعندما عثرتُ عليها تساءلت ماهو المانع من نشرها فمسألة الثقة وأهميتها  ليست بالمسألة التي يسري عليها  التقادم أو يمكن طيُّها بحجة التآكل وزال مبرر الحديث عنها ؟ الثقة بمختلف مضامينها وأبعادها مهمة دائما مهما كان الزمن وأيَّاً ما كان المكان أو البلد، بعد هذا التوضيح الضروري لنتساءل : ماذا لو تمَّ توجيه نداء إلى كل النساء الجزائريات، عبر مختلف ولايات الوطن، وكذا النساء الجزائريات اللائي يعشن في المهجر، ويكون مضمون هذا النداء أن تتبرع النساء الجزائريات بكل أو ببعض حليهن لصندوق تضامن وطني، يكون موجها لبناء مصانع إنتاجية حقيقية وإعطاء دفعة قوية للاقتصاد الوطني، مما سيؤدي إلى توفير آلاف مناصب العمل للرجال والنساء في مختلف أنحاء الجزائر..

– أنا واثق تماما أن كل أو أغلب النساء في الجزائر سيُلبين هذا النداء، لأنَّه من الصعوبة بمكان أن لايُستجاب لنداء يُرفع ويُوجه باسم الوطن، خاصة في لحظات الخطر ومنعطفات التاريخ المُلهمة التي يرتقي فيها الوطن إلى درجة القداسة التي يتضاءل أمامها كل شئ، ويهون إزاءها كل غالٍ ونفيس، وقد سبق للنساء الجزائريات أن تبرعن فعلا بما يملكن من حُلي غداة استرداد السيادة الوطنية سنة 1962 إذن فما نتصوره هنا حدث فعلا قبل ثمان وخمسين سنة.

لكننا سنكتشف على الفور بعض المشكلات التي ستعترض نجاح حملة إقناع النساء الجزائريات بعملية التبرع هذه، ومشكلات أخرى قد تنتج حتى في حالة نجاح حملة التبرع.

–  فالمشكلة الأساسية التي ستعترض طريق نجاح هذه الحملة هي بالتحديد ” مشكلة الثقة ” وهذه قضية جوهرية، هل ستكون ثمة ثقة فيمن سيقوم بجمع هذه المجوهرات ؟ وهل ستكون ثمة ثقة أن ما سيجري جمعه سيتم توجيهه فعلا لصالح الاقتصاد الوطني ؟ وقبل ذلك هل ستُصْغي النساء لمن سيقودون هذه الحملة ؟ إذا شارك “السياسيون” في هذه الحملة فسيكون مصيرها الفشل الذريع بكل تأكيد، فلا يوجد سياسي في الجزائر اليوم يمكن لحديثه أن يُحمل على محمل الجد حتَّى ولو كان صادقا،ربما بعض الأئمة والفقهاء الذين لهم مكانة مؤكدة في قلوب المواطنين من أمثال الشيخ ” الطاهر آيت علجت ” ومن هم في مكانته في قلوب الجزائريين…

– أما المشكلات التي قد تنتج حتى في حالة نجاح حملة التبرع ، فهي أننا قد نجد أن الكثير من المجوهرات المُتبرع بها ليست ذهبا خالصا ، وأن فيها الكثير من المزيف والمفبرك، طبعا هذا لايعني أن النساء تعمَّدن التبرع بموجوهرات مغشوشة ، ولكن يعني أنهن كن ضحية للصاغة، وهذه ممارسة دارجة ومعروفة لدى الكثير من المشتغلين بهذه الحرفة..

-هنا نفترض أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وجه نداء من هذا القبيل إلى النساء التركيات، أو أن مهاتير محمد تولى توجيه نداء مماثل للنساء الماليزيات ، أو أن الرئيس فلاديمير بوتين وجه نداء في هذا الصدد للنساء الروسيات، لا شك أن نسبة الاستجابة ستكون كبيرة، لأن أسس الثقة العامة تم تكريسها وترسيخها عبر مسارات أفقية وعمودية…

بمعنى أن مسألة الثقة هي الأساس الذي بدونه لا يمكن تحقيق النجاح، فهل إلى استعادة الثقة من سبيل ؟ هنا يكمن التحدي..

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023