وكان الديمقراطي بارني ساندرز الذي رشح نفسه للانتخابات التمهيدية للرئاسة داخل الحزب الديمقراطي يهودياً وتنافس مع هيلاري كلينتون ثم فازت هي، ولو فاز هو لكان أول مرشح يهودي أمريكي للرئاسة أمام الجمهوري ترامب.
وتشكل المنظمات اليهودية الأمريكية وجميعها صهيونية في إيديولوجيتها المنابر والقواعد الأساسية الهادفة إلى خدمة المصالح الإسرائيلية – الأمريكية المشتركة ولا يمكن بموجب السجل التاريخي للعلاقات منذ تأسيس الحركة الصهيونية والكيان الصهيوني أن تتناقض المصلحة الأمريكية الاستراتيجية مع الإسرائيلية في السياسة الخارجية بالذات وهذا في الواقع ما ذكره هنري كيسينجر اليهودي الأمريكي الذي استلم وزارة الخارجية الأمريكية في 22-9 – 1973 قبل أسبوعين من حرب تشرين التحريرية 1973 وهو الذي قال بموجب ما نشرته عنه مجلة (هاشيلوح) الإسرائيلية بالعبرية في عددها أيار 2017 «إسرائيل لا تحدد سياستها الخارجية بل الداخلية فقط» فقد وجدت القوى الاستعمارية والصهيونية بالقوى البشرية اليهودية قوة يمكن تجنيدها لخدمة مصالحها واستراتيجياتها عبر عشرات السنين ولولم تجد اليهود فلن تجد بديلاً مماثلاً في هذه المنطقة وخصوصاً لاستيطان فلسطين.
فحروب الفرنجة في بداية القرن الحادي عشر حتى الثالث عشر في منطقتنا العربية لم تستعن باليهود ووجد الفرنجة الصليبيون أنفسهم عاجزين في ظل موازين القوى الموجودة بين المسلمين وجيوش الفرنجة الغزاة في ظل مرحلة تاريخية جعلت البعد الجغرافي بين المركز الأوروبي وإمارات الفرنجة الحربية في المنطقة عاملاً معرقلاً لاستمرار وجود الفرنجة أمام مقاومة عدد المسلمين الهائل.
ولذلك يعتقد المؤرخون للحروب في الغرب أن الدول الاستعمارية في القرن التاسع عشر والعشرين أدركت أهمية زرع قوة بشرية في فلسطين وتقديم كل أشكال الدعم لها لحماية المصالح الاستعمارية وديمومة وجودها ولذلك يقول الأمريكيون الذين يتبنون المشروع الصهيوني مع البريطانيين إن «إسرائيل» في المنطقة هي حاملة طائرات غير قابلة للغرق «لكن من قال ذلك ينسى إن حاملة الطائرات هذه قابلة للتدمير ولهرب المستوطنين منها، والدليل على ذلك انتقال أكثر من مليون ونصف المليون من قواها البشرية إلى العيش خارجها في بلدانها الأصلية بموجب أرقام الهجرة المعاكسة الإسرائيلية بسبب الخوف وعدم الأمان الدائم في الأراضي المغتصبة وخصوصاً في العقدين الماضيين اللذين شهدت فيهما الأراضي المحتلة منذ اتفاقات أوسلو مقاومة مسلحة فلسطينية متعاظمة, وبعد أن مني جيش الكيان الصهيوني في عام 2000 وعام 2006 بهزيمتين متتاليتين على يد المقاومة الوطنية اللبنانية وحلفائها في جنوب لبنان وأصبحت جبهة جنوب لبنان وجبهة حدود الجولان السوري المحتل جبهة واحدة ازدادت قدراتها في عدد ونوعية الصواريخ والخبرات القتالية والقدرات الدفاعية بعد انتصار سورية وحلفائها في الحرب الحالية على سورية.
ولذلك يقول دانيال بايمان في مركز بروكينغز الأمريكي الشهير للدراسات الاستراتيجية في السابع من أيلول الماضي: إن «إسرائيل» تدرك أنها أمام جبهة شمالية أصبحت فيها قدرة سورية والمقاومة وحلفائهما قابلة لتدمير محطات الطاقة الإسرائيلية وكذلك المطار والمنشآت السياسية ولن تستطيع القبة الحديدية إلا إسقاط القليل من الصواريخ المتجهة نحو مدن وقرى «إسرائيل».
وإضافة إلى ذلك، ما زالت «القيادة» الإسرائيلية تحسب حسابات كثيرة لوجود ثلاثة ملايين فلسطيني في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية ومليونين في قطاع غزة لديهم صواريخ ويستطيعون عند أي عدوان «إسرائيلي» على جبهة الشمال الانتقال إلى حالة قصف من غزة وانتفاضة في الضفة الغربية فيصبح جيش الاحتلال بموجب ما يقول -غادي آيزنكوت رئيس أركان هذا الجيش- مجبراً على مواجهة أربع جبهات تتشتت فيها قدراته البشرية العسكرية في مناطقها.
وهذا ما حذّر منه معهد «أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي» في آخر أبحاثه حين دعا القيادة العسكرية في تل أبيب إلى تجنب حرب شاملة ضد جبهة الشمال في هذه الظروف.
أما واشنطن فلن تستطيع إعادة من يفر من «حاملة طائراتها الأرضية» حين تتساقط الصواريخ على المستوطنين فيها.