حكومة المشيشي، هل تكون استئصالا للقرار الوطني واقصاءََ للحلول الوطنية أم اقتلاعا للإنقاذ من دوامة الهاوية؟

حكومة المشيشي، هل تكون استئصالا للقرار الوطني واقصاءََ للحلول الوطنية أم اقتلاعا للإنقاذ من دوامة الهاوية؟

“.. المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم… “.

كل جبهة للصراع على المواقع في الحكومة المرتقبة ستكون حتما جبهة زائفة. وعلى التونسيين جميعا ودون أدنى شك أو تردد الوقوف في وجهها.

كل ساحة للصراع البرلماني المقبل على حكومة لا برنامج وطني لها، أرض ميتة لا محالة وعلى كل التونسيين رفضها ومواجهتها.

كل حكومة لا يكون أساسها سياديا ولا تقودها نخبة نوعية سيادية عدوان موصوف ومتعمد على الوطن وعلى الشعب وجب وقفه ومقاومته.

كل انتخابات قادمة لا تقوم على برامج وطنية سيادية ولا تتيح لغالبية الشعب الإمساك بالقرار بطريقة أو بأخرى غير شرعية وشعبوية. وكل شعبوية فساد انتخابي مؤكد.

إن الاستطلاع القريب لما يجري، خاصة ونحن لا نملك عدة خيارات ولا نقف في أرض مفتوحة، يجعلنا أمام الحقيقة المرة الحاصلة حتى الآن، وهي التالية:

الإتجاه نحو حكومة نصف غواصات شبه كفاءات – شبه حزبية. الهدف الأول منع البلد من الإتجاه السيادي الذي أصبح ضرورة موضوعية ملحة. والاكتفاء بكذبة وقف نزيف الانهيار، بما يخدم المصالح الأجنبية أساسا ويذر الرماد على العيون في الداخل تحت كذبة شبه المعالجات الاجتماعوية. والهدف الثاني ترتيب ساحة الحكم مستقبلا وشكل النظام مستقبلا وطبخ القوانين والتركيبة التي تناسب الاستعمار مسقبلا أيضا بلا إفراط ولا تفريط وفي أي انتخابات مقبلة.

هذان استنتاجان من تصريحات المكلف وبلاغات الرئاسة. وبالطبع يزيد الطين بلة ما يسمى تشاور مع رؤساء حكومات ورؤساء سابقين هم جهابذة الفشل والعجز وتخريب الوطن والدولة والمجتمع.

نحن نرجح حصول هذا التمشي عبر توافق – وسط، توافق كاذب جديد شبه مقنع في وعاء مثقوب سيجعل تونس تنزف قطرة قطرة تحت التبعيات المتعددة.

إذا مر هذا النوع من الحكومات فسوف يتحول برنامجه الوحيد حتما إلى منع أي تمشي إنقاذي فعلي والاكتفاء بالترقيع والتلفيق الذي لم يعد ممكنا ولن يجدي أي نفع سوى الإجهاز على الممكن. وتتحول في النهاية زورا وبهتانا إلى حكومة وحدة وطنية كاذبة ومخادعة هدفها تمكين نفسها مجددا ومستقبلا من خواء السلطة التي أفشلت الدولة.

إن محاولات الترويج لحكومة تكنوسياسية، العبارة الفرنسية بالأساس، والتي تتداول كثيرا في المشرق العربي وخاصة في بيروت، تشي بكل شيء، بما سميناه حكومة شبه كفاءات – شبه حزبية وتحت الوصاية المزدوجة الفرنسية – الأمريكية.

هذا التعويم هدر للوطن وتهور خطير وإجرام في حق البلد وملايين المقهورين المسحوقين المحرومين المعدمين والمنهوبين والمهدورة حقوقهم.

إن الحكومة الوطنية السيادية التي تنقذ الوطن والشعب لا يمكن أن يتخذ قرارها إلا أسياد شرفاء، هذا بديهي وموروث عن جيل حلم البرلمان التونسي والحكومة الوطنية والاستقلال الوطني والدستور السيادي والجمهورية المستقلة. نعم التدارك ممكن. والخيارات موجودة ولا ينقصها سوى الرجال لاتخاذ القرار في مواقع القرار أي في السلطة أو في موقع القرار الأهم وهو الشارع.

وإننا لا يمكن أن نسميها كذلك إذا لم تنطلق من هذا البرنامج الذي تم عرضه في خارطة الطريق التي قدمها التيار الشعبي وشرحه الخبراء العارفون من أهل العلم والإنتماء الوطني السيادي:

“* إلغاء العمل بقانون أفريل 2016 المتعلق بتغيير القانون الأساسي للبنك المركزي التونسي وخاصة منه الفصل 25 الذي منع على البنك تأمين السيولة المالية لخزينة الدولة دون فوائد مثلما كان جار به العمل سابقا وفرض على الدولة الإقتراض من البنوك الخاصة المحلية والخارجية بنسبة فائدة مُشطّة، حيث يمكن هذا الإجراء من توفير أكثر من 1,5 مليار دينار سنويا فوائد تدفعها الدولة للبنوك الخاصة

* التخفيض في نسبة الفائدة بنفس الطريقة التي إتخذتها كل بلدان العالم تقريبا والتي تتراوح بين صفر و2% فقط حاليا بالنظر إلى الوضع الاستثنائي لحالة الركود الإقتصادي في العالم نتيجة الوباء العالمي. وسيمكن هذا الإجراء الدولة من موارد مالية محلية هامة لضمان حسن سير المرافق العمومية خاصة في الصحة والتعليم والنقل علاوة على دفع الإستثمار المحلي للمؤسسات العمومية والخاصة

* تمكين المؤسسات العمومية من القروض البنكية المحلية بالدينار وعدم جرها للديون الخارجية باليورو مع تحميلها لمخاطر الصرف وهو قرار أضر بمؤسساتنا العمومية كما تبينه القوائم المالية للشركة التونسية للكهرباء والغاز وفي شركة تونس الجوية وغيرهما. فقد إرتفعت الديون الخارجية للمؤسسات العمومية بضمان الدولة التونسية نتيجة هذا القرار الخطير إلى أكثر من 18 مليار دينار والدولة مطالبة بتسديد كل قسط من الدين الذي تعجز عن دفعه كل مؤسسة معنية

* ترشيد جدي وصارم للتوريد المكثف والفوضوي والفاسد حتى تتمكن الدولة من تقليص هام للعجز التجاري. وتعتمد هذه الإجراءات طريقة عالمية موضوعية لتحديد الأولويات عند التوريد لكل ما هو غير منتج محليا: تأمين الأمن الغذائي والصحي والتجهيزات المتعلقة بالإنتاج والبنية التحتية والنقل (العمومي خاصة) وتوريد المواد الأولية ونصف المصنعة غير المنتجة أو المتوفرة محليا وقطع الغيار المتعلقة بالصيانة. فمثل هذا الإجراء يمكننا من توفير 15 مليار دينار للدولة سنويا ويجنب البلاد المزيد من الديون الخارجية لتغطية ميزان الدفوعات

* تطبيق القوانين الخاصة بحماية المنتوج الوطني في جميع القطاعات وخاصة في قطاع الفلاحة والصناعة. وهي قوانين تجيزها المنظمة العالمية للتجارة في حالة إنهيار التوازنات المالية الخارجية على مستوى ميزان الدفوعات وهو وضع الحال في تونس منذ عدة سنوات. ويمكننا هذا الإجراء من إنقاذ العديد من المؤسسات العمومية والخاصة عبر إسترجاع نشاطها المنتج وتوفير مواطن شغل هامة بأسرع وقت ممكن

* إقرار رفع صرف المنح السنوية التي تسددها الدولة من الميزانية العمومية لفائدة الشركات الأجنبية غير المقيمة والمصدرة كليا والتي قدرها البنك الدولي في تقريره الصادر في سنة 2014 في حدود مليار دولار أمريكي سنويا والحال أن هذه الشركات لا تسترجع مداخيل التصدير لفائدة تونس ولا تدفع الضرائب. فمثل هذا القرار يمكن الدولة من موارد مالية في حدود 3 مليار دينار سنويا نقترح تخصيصها لإنشاء بنك تنمية لبعث مشاريع صناعية جديدة لمقاومة ظاهرة التصحر الصناعي”.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023