صفقة القرن بين الحقيقة والوهم

د. أنور العقرباوي* |

تتوالى الجولات واللقاءت، ولا تتوانى التسريبات اللتي على شحها ترشح بكل حرص وإقنان ، حتى إذا حانت اللحظة المواتية للإعلان عن بنود العرض اللذي أطلق عليه “صفقة القرن”، تكون الظروف والأجواء على ملامحها قد تهيأت، والنفوس بتقدير أباطرتها عليها قد تمرست، مالم إزاء مخاضها المشبوه، أن يتوفاها وعي الجماهير، حال أو بعد ولادتها!

وبغض النظر عمن يقفون ورائها والأسباب التي تدفعهم بإتجاهها، فلعله حري في أصحاب المصلحة الحقيقيون من الشعوب العربية، والفلسطينيون منهم خاصة، أن لا يقللوا من شأن “حقيقة” قدراتهم الذاتية في قلب المعادلات المشبوهة، وهم يستنهضون من وحي تجاربهم السابقة حين كانت إرادتهم الحرة المستقلة، الرقم الأصعب في فرضها على أي معادلة كانت فلسطين فيها هي الحاضرة والقضية، وأن لا ينطلي عليهم “الوهم” اللذي يعشعش في مخيلة البعض من الفاشيين، وسدنة الإرهاب وأصحاب العروش الهالكة، اللذين لا يتوانون عن تسويق “السلام الإقتصادي”، اللذي لا يعترف بالكرامة الإنسانية وقدسية الهوية الوطنية، وحتى حقوق الشعوب التاريخية والثابتة!

أما وقد أضحت القضية على مفترق من الطرق المفصيلة، فإنه من باب الضمانة في الإبقاء على جذوة الصراع في النفوس وأذهان الجماهير دائما حية، وواجب الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة علينا من بعدنا، أن لا نتردد في رفض المساومة على أي من حقوقنا التاريخية والثابتة، حتى نفرض على الآخرين إحترام إرادتنا الشعبية، وأن لا نسقط تحت أي ظرف خيار المقاومة والصمود في سعينا لإسترداد حقوقنا المشروعة، التي تؤكدها كل الشرائع السماوية والوضعية، وأن لا نغفل عن أهمية انتصارات محور الممانعة والمقاومة في هزيمة الإرهاب في سورية، اللتي تعزز من رصيد الثقة بأنفسنا في هزيمة عدونا يوما لا محالة، حتى نسقط بكل ثقة وجدارة، الوهم اللذي يفضح حقيقة الصفعة المؤامرة، حين يتوفاها وعي الجماهير وأطفال الحجارة، ويوم تسود وجوه أولئك اللذين ساوموا على الوطن ومقدراته، فداء للعرش وبقائه!

رحم الله القائد الشهيد ياسر عرفات وهو يردد “يرونه بعيدا ونراه قريبا وإننا لصادقون طال الزمان أم قصر”.
* فلسطيني واشنطن

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023