كتب نبيه البرجي: بوتين في الغرفة النوويّة!!

كتب نبيه البرجي:  بوتين في الغرفة النوويّة!!

ماذا عساه يفعل جو بايدن بعدما بلغه أن فلاديمير بوتين قد يأمر في أية لحظة، باستعمال الأسلحة النووية التكتيكية لوضع حد للحرب في أوكرانيأ؟

مصادر ديبلوماسية أوروبية تقول ان وكالة الاستخبارات المركزية التي يفاخر رئيسها وليم بيرنز ـ بالملامح التي تشبه شخصيات الكاتب الانكليزي غراهام غرين ـ بأنها تفردت بتحديد موعد الغزو الروسي لأوكرانيا، لم تحصل على المعلومات الخاصة بـ»الليلة النووية» من موسكو وانما من بكين التي يبدو أنها تعمّدت تسريب هذه المعلومات.

الدافع الى الاتجاه الروسي ما تؤكده الوقائع على الأرض من أن الادارة الأميركية ماضية في التصعيد الميداني بتزويد القوات الأوكرانية باكثر الأسلحة فاعلية، ناهيك عن آلاف المستشارين (وبينهم عشرات «الاسرائيليين»). الهدف استنزاف القوة العسكرية الروسية الى حد تحطيمها.

لا مشكلة أخلاقية هنا. هاري ترومان، وكما ذكر مايلز كوبلاند، صاحب «لعبة الأمم» أمر بالقاء القنبلة (الصبي الصغير والرجل البدين) على هيروشيما وناغازاكي، بعدما كان هناك داخل الحكومة اليابانية من يدعو الى الخروج من الصراع، وذلك من أجل توجيه رسالة (الهية) الى العالم بأن تاريخاً آخر قد ولد مع أميركا. الحصيلة ما بين 129000 و226000 ضحية خلال ثوان …

آنذاك تذرع الرئيس الأميركي (وخليفة فرنكلين روزفلت) بأن رئيس الوزراء الياباني كانتارو سوزوكي رفض تنفيذ اعلان بوتسدام بالاستسلام الكامل دون قيد أو شرط.

وكانت أجهزة استخبارات أوروبية قد حذرت في أوقات مختلفة، من أن بوتين لن يتردد باللجوء الى الخيار النووي للحيلولة دون أي هزيمة قد تطيح به، وحتى بالاتحاد الروسي. مجلس الأمن القومي الأميركي كان يلقي بتلك التحذيرات في سلة المهملات بحجة أن الروس، وان فوجئوا بـ»الضربات على الرأس»، لن يرتكبوا ذلك الخطأ الذي قد يفضي الى نهاية العالم.

المعلومات (الصينية) باتت على طاولة بايدن. رأي أنتوني بلينكن أن التسريب المبرمج هو لارسال اشارة برغبة روسية جادة في فتح باب المفاوضات مع واشنطن لا مع كييف. هذا ما تؤكده الانسحابات المتلاحقة من آلاف الكيلومترات التي استولى عليها الجيش الروسي في الأشهر السبعة المنصرمة.

في أوروبا، غالباً ما يتخوفون من «القراءات الأميركية العرجاء». هذا ما ظهر، وبشكل صارخ على الأرض الأفغانية. القرارات الأميركية العرجاء أيضاً. الهروب الكبير من هناك، ما يعيد الى الأذهان عنوان فيلم جون ستورغس ( The great escapeبطولة ستيف ماكوين)، وان مع اختلاف في المحتوى. ولكن ألم يكن الهروب من أفغانستان لكأنه الهروب من معسكر للاعتقال؟

الأوروبيون صدموا لأن ادارة بايدن لم تستشرهم في مسألة (وكيفية) الانسحاب . المشهد يتكرر. تواصل شكلي معهم حول مسار الأوضاع على الأرض الأوكرانية. البيت الأبيض يستأثر بالقرارات، وعلى القارة العجوز التنفيذ.

بطبيعة الحال، الولايات المتحدة لم تبعث بأي جندي الى الميدان، وهي تقاتل بالأوكرانيين، وحتى آخر أوكراني، تطبيقاً لنظرية باراك أوباما «القيادة من الخلف».

الأميركيون ليسوا في وارد الرد على أي ضربة نووية روسية. ايمانويل ماكرون وأولاف شولتس واثقان من ذلك ويحاولان، بعيداً من الضوء، احداث ثغرة ديبلوماسية يمكن أن تؤدي الى المفاوضات. الاثنان يتوقعان أن يكون فلاديمير بوتين قد دخل فعلاً، الى الغرفة النووية. لم يعد هناك سوى الضغط على الأزرار الحمراء أمامه …

انها الليلة التي تشبه «ليلة الكاريبي « حين قرر جون كنيدي غزو كوبا وتفكيك الصواريخ النووية التي نصبها الاتحاد السوفياتي على مسافة كيلومترات من الشواطئ الأميركية. اذ حبس العالم أنفاسه بانتظار الشتاء النووي، كانت الصفقة الشهيرة مع نيكيتا خروتشوف.

لا نتصور أن العالم يقترب من نقطة البقاء أو اللابقاء. أوكرانيا بعيدة، ولا علاقة لها بالأمن الاستراتيجي للولايات المتحدة التي احترفت التخلي عن حلفائها في الساعات الحرجة، ولا بد من أن تقبل في نهاية المطاف، بالتخلي عن فلسفة الاستقطاب الأحادي.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023