كلمة يجب أن تقال لكلّ دعيّ…بقلم محمد الرصافي المقداد

كلمة يجب أن تقال لكلّ دعيّ…بقلم محمد الرصافي المقداد

قال أحدهم وهو شيخ – وعادة الشيوخ التميّز – لن يحرر فلسطين إلا أبناء علي عليه السلام، وهو الكلام فضفاض وغير دقيق، ومجرد دعوة طائفية لن تصلح حالنا، وأمتنا في غنى عنها، وبحاجة أكيدة إلى مراجعة صادقة وشاملة لتتحسس سبيل وحدتها، ففي اجتماعها وألفتها قوة وأي قوة، وعملٌ بمقتضى قوله تعالى: (إن هذه أمّتكم أمّة واحدة) (1) كان بالإمكان القول بأن فلسطين لن تتحرر إلا باجتماع هذه الأمة المتفرقة، والمجزأة بفعل دعاة التفرقة والتجزئة، وهؤلاء كثيرون في عالمنا، ركبوا رؤوسهم ومضوا في خطبهم ينمّقون لمستمعيهم كلاما ليظهروا به في مقام العلماء الأجلاء أصحاب الرؤى الواسعة والعميقة، فينبهرون بها ويرون من خلالها مخاطبهم على درجة كبيرة من العلم والمعرفة والتقوى.

فوفي ما قاله هذا الشيخ شيء من الصحّة، فسيكون للمسلمين الشيعة النصيب الأكبر في هذا التحرير، وسيشترك فيه رجال من إيران ولبنان واليمن والعراق وسوريا وافغانستان وباكستان، ودول أخرى اشتركت شعوبها في محور مقاومة الإستكبار والصهيونية، تأثّرا بفكر الثورة الإسلامية الإيرانية، والذي ترسّخت دعائمه، ببركة قيادة الإمام الخميني رضوان الله عليه، واستلام الولي القائد الإمام الخامنئي لراية التحرير، ليقود المسيرة من بعده، وهو الذي لقّبه الشهيد بهشتي بالشهيد الحي، بعد أن تعرّض لمحاول اغتيال جبانة، نجا منها بفضل الله تعالى وتمام صدق جهوده.

محور المقاومة هذا أبعد مدى في أهدافه من الوقوف عند تحرير فلسطين، فمن الهين الخلاص من الكيان الغاصب، ونحن نرى اليوم كيف وقفت حماس والجهاد بندّية في وجه قوات الكيان الصهيوني، وهي مع مرور الأيام تسدد له ضربات رغم محدودية وسائلها، فما بالك بما يمتلكه حزب الله، لكن الذي وقف عند هذا الهدف قصير النظر محدود الرؤية، لم يدرك بعد أن القوى الاستكبارية وعلى راسها أمريكا، ستكون الى جانب هذا الكيان، ولن تبتعد وتتخلى عنه بسهولة، وقد يؤدّي مواقفها في مناصرته والوقوف إلى جانبه ومؤازرته بانكسارها.

احتساب إيران الاسلامية لهذه المواجهة المحتملة، يؤكّد سلامة نظرتها الإستراتيجية، وهو الإعتبار الصائب الذي يجب أن يؤخذه المقاومون بعين الإعتبار، دور ايران في هذا المشروع مشروع العزّة والكرامة مفصليّ أساسيّ لا ينكره عاقل، ومن جحد فضل إيران وجهودها وأهدافها التحريرية، فهو بالتأكيد حاقد مريض، ذكر فضلها وأقرّه قادة حركات المقاومة الفلسطينية جميعها، وأعلنوه على الملأ وسمعه العالم بآذان واعية وأخرى صمّاء بكماء، لذلك لن يحجب حقيقة أنّ إيران الإسلامية تحمل اليوم راية المقاومة وترفعها عالية – رغم قساوة وشدّة ضريبتها – وتوفر لها ما تحتاجه من إمكانات ووسائل، ليوفّر أكبر مجال لتحقيق النصر المؤزر.

جهود إيران هي عند الله مصانة ومحفوظة ومجزاة، ولن يبخس حقّها نعيق من نعق مراوغا، واخفاء من أخفى حاقدا، ودعوة من ادّعى طائفة، تبقى كما أرادت إيران وامضاها باني نظامها الأمام الخميني رضوان الله عليه، قضية المسلمين والمستضعفين في العالم، وقد يسهم المسلم الصادق والمستضعف الحقيقي في تحقيق النصر، أحسن من الشيعي الذي يعيش على التمني والإنتظار السلبي، يغرّد بالانتماء إلى أئمة الهدى، من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله خارج سرب محور المقاومة، وهو يرى بأمّ عينيه اليوم ولي الفقيه يحمل راية التحرير، ورمز شرف الأمّة بكل ما في هذا البيان من معنى، فمن انخرط تحتها، فقد هُدي إلى سبيل الولي الأعظم المولى صاحب العصر والزمان، ومن ابتعد عنها، فهو تائه بين مصطلحات وتعريفات غير مجدية لن تزيده عن الحقّ إلّا بعدا، من هنا يتميّز خط العاملين في سبيل الله من خطّ الأدعياء المسوّفين.

المراجع

1 – سورة الأنبياء الآية 92

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023