يجب سحب ادارة المقدسات -مكة و المدينة- من آل سعود

تقرير بقلم: د.اسامه اسماعيل

 ماذا فعل ال سعود بمكة

خلال فترة الدولة السعودية الأولى تجلى الفكر الوهابي بصورة واضحة ، ذلك أن محمد بن عبد الوهاب كان يرى أن زيارة أضرحة الأولياء الصالحين نوع من أنواع الشرك ، وكان يرى أنه من الضروري هدم هذه الأضرحة بالقوة ، وأعتقد أن الوهابية هم الفرقة الناجية الوحيدة .

تمكن الوهابيون من فرض نفوذهم على نجد ، فكان أول ما فعلوه هو هدم ضريح زيد بن الخطاب فى بلدة الجبيلة ، كان ذلك قبل التحالف مع السعوديين ، ولكن التحالف السعودي – الوهابى قام بالزحف عام 1801م على رأس جيش من أهل نجد وبواديها إلى كربلاء بالعراق فقاتل أهلها واقتحمها ، وقتل من أهلها قرابة الألفين ، وهدم فيه ضريح الإمام الحسين ، وانتزعوا واستولوا على كل ما وصلت إليه أيديهم من كنوز كربلاء ومشهد الحسين الذى كان مزداناً بمقصورة مرصعة بالزمرد والياقوت والجواهر .

وعندما استولى السعوديون على الحجاز قاموا بفظائع ، حيث قاموا بهدم مقبرة المعلى فى مكة المكرمة ، كما هدموا قبر السيدة خديجة ، أما في المدينة المنورة فقد هدموا الأضرحة المقامة فى البقيع ، وهدموا كل قبور أهل البيت المدفونين فيه ، هدموا قبر الامام زين العابدين السجاد والامام جعفر الصادق وأبيه محمد الباقر ، وامتد الى هدم وتدمير مسجد فاطمة الزهراء ومسجد المنارتين ، ومسجد المائدة وهو المسجد الذى بنى على المكان الذي نزلت فيه سورة المائدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قاموا بهدم مساجد شهداء أحد ، وتدمير قبور حمزة ومصعب بن عمير وغيرهما من شهداء موقعة أحد ، كما دمروا مسجد الثنايا ، وهو المسجد الذي ضم ثنايا رسول الله صلى الله عليه وسلم التى كسرت أثناء موقعة أحد 

رأى الحجاج كيف تحول البقيع ومشاهد المدينة الى أطلال ، وصارت خراباً ، لا لشىء إلا لأن الوهابيين أرادوا ذلك وأرادوا إجبار المسلمين في اعتناق ما قالوا عنه بأنه الإسلام الحقيقي.

لم يكتف سعود الكبير بما فعل بل أراد هدم قبة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وخشى من رد فعل مسلمي العالم ورد فعل السلطان العثماني ، فلم يهدمها ، ولكن امتدت الأيادي الوهابية إلى الحرم النبوي ، فقد أمر سعود خدم الحرم النبوى بأن يخبروه عن خزائن حجرة النبي ، فرفضوا ، فجلدهم بالسياط وحبسهم وعذبهم حتى أخبروه ودلوه عليها ، وفيها تاج كسرى أنوشروان الذى غنمه المسلمون منذ أيام معركة القادسية ، وكذلك سيف هارون الرشيد ، وعقد من الذهب للسيدة زبيدة ، ويذكر الجبرتي فى تاريخه أن سعود الكبير أخذ السجاد الذي في المسجد النبوي وقناديل الذهب ، ثم ادعى أنه باعها وصرفها على الفقراء ، ولكن ما حدث هو أن أتباع ابن سعود تناهبوا هذه الكنوز ووزعوها على أنفسهم كغنائم حرب .

وقام الوهابيون بإجبار المسلمين لاعتناق مذهبهم ، بل رفضوا دخول الحجاج العراقيين والايرانيين عام 1220 هـ فقد حسبوهم كفار ولا يقربوا الأماكن المقدسة وفي عام 1221 هـ منع الحجاج الشاميين ، وفى عام 1222 هـ منع الحجاج المصريين والمغاربة .

اقتصر الحج على الوهابيين فى الجزيرة العربية ، فقد خشى أصحاب باقي المذاهب من الحج أن يتعرضوا للإيذاء على أيدي هؤلاء الذين يدعون أنهم يتقربون إلى الله بقتل الأبرياء من المسلمين لا لشىء إلا لمخالفتهم فى المذهب رغم أن الجميع مسلمون ، لذلك لم يحج أهل نجران (شيعة اسماعيلية) وأهل الإحساء والقطيف (شيعة إمامية) ، وأهل اليمن (شيعة زيدية) وأهل عسير (من المتصوفة) ، أما أهل الحجاز ومعظمهم شافعية المذهب فقد أخفوا عقيدتهم وامتنعوا عن الحج خشية القتل من الوهابيين الذين كانوا يسألون الناس عن اعتقادهم فى التوحيد ، ومن لا يقل بما جاء فى كتاب التوحيد تعرض للإيذاء وربما للقتل ولذلك كانت نهاية الدولة الأولى نهاية مأساوية حيث تم تدمير الدرعية تدميراً تاماً وقتل الأمير فى الآستانة .

ثم قامت الدولة العثمانية بتعمير وتشييد ما هدمه الوهابيون فى مكة والمدينة ، فقاموا ببناء الأضرحة من جديد ، وترميم المساجد التى دمرها الوهابيون .

(2) الدولة السعودية الثانية :

يقول المؤرخ جون فيلبى فى كتابه ” تاريخ نجد ” : ” إن الحافز السياسي لا الحماس الديني هو الذى أوجد الامبراطورية السعودية خلال حكم تركي وفيصل ” وهى الفترة التى تسمى الدولة السعودية الثانية والتى بدأت حقيقة على يد الأمير تركي بن عبد الله عام 1820 ، أى بعد سقوط الدولة الأولى بعامين ، وانتهت فى عهد الأمير عبد الله بن فيصل عام 1884 ، وقد خلت هذه الدولة من أي نشاط ديني أو إصلاحي إذا ما استثنينا تنظيم (هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر) الدينية الرسمية ، لأن أفراد الأسرة السعودية كانوا مشغولين باستعادة ملك آبائهم فى البداية ، ثم شغلوا بالنزاعات البينية على الحكم فى منتصف الفترة ليصل الحكم إلى يد آل الرشيد معلناً نهاية الفترة السياسية السعودية الثانية .

وفي تلك الفترة لم يكن للمؤسسة الدينية ذلك الدور القيادي الذي مارسته إبان الدولة السعودية الأولى ، ورغم وجود أبناء وأحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب مؤسس الحركة (ومن ضمنهم حفيدة عبد الرحمن الذى عاد من مصر عام 1825) ضمن مؤسسات الحكم وهم يمارسون نشاطهم فى مجالات الدعوة والقضاء ، إلا أن المؤسسة الدينية لم تكن فى وضع يسمح لها بتجاوز حدود النشاط الديني والمراقبة ، وهذا ما عناه جون فيلبى فى وصفه للدولة السعودية الثانية ، فلم تتجاوز الدولة خلال هذه الدولة حدود نجد ، وانحسر نشاطها السياسي فى الصراع على الأرض النجدية سواء بين أفراد الأسرة أو بينهم جميعاً وبين أسرة آل الرشيد وظل الحجاز بعيداً عن سيطرة السعوديين ، وربما كان ذلك من ضمن أسباب الانهيار السريع للدولة الثانية .

عموماً كانت موارد الدولة الثانية السعودية من أنشطة مختلفة من ضمنها الذهب الذي أخذوه من المدينة المنورة أو من كربلاء ، وذلك الذى خلص إليهم بعد النهب الذى قام به أتباعهم .

(3) الدولة السعودية الثالثة :

يمكن اعتبار المرحلة الثالثة للصعود السعودي صعود للمؤسسة الدينية باعتبارها ضمن المؤسسات العامة التى تمكنت تسييس السلطة الدينية في اطار الأهداف الملكية المحافظة .

واجهت الكيان الجديد فى قلب الجزيرة العربية عدة أحداث سياسية وعسكرية منذ قيامها أو صعودها عام 1902 ، إلا أن أخطر ما واجهه الملك عبد العزيز هو النقد والعصيان الصادر من جهات دينية وكانت أبرزها بل أخطرها مع قيادات ” الإخوان السعوديين ” وهم الذين حاربوا مع عبد العزيز تحت رايات دينية ومعهم بعض الشخصيات الدينية المحلية ، إلا أنه تمكن عام 1929 فى معركة ” السبله ” الشهيرة من حسم الصراع معهم وقتل أو أسر زعماء الاخوان وأهمهم الشيخ الدويش .

وقد استثمر الملك عبد العزيز نصره على الاخوان وفرض قراراته على المنهزمين التى أعلنها فى وجود عدد من العلماء المقربين منه ومنهم الشيخان العنفري وابن زاحم ، ومن أبرز تلك القرارات :

” أنه لا يسمح بعقد اجتماعات لمناقشة الدين أو المسائل الدنيوية بدون موافقة من الملك “، وقد استمر ذلك القرار منهجاً متوارثاً ومقراً به من القيادات والمؤسسات الدينية السعودية المتعاقبة ، كما أنه شكل أساساً عاماً للعلاقة المقبولة لدى السلطة بالمؤسسة الدينية .

كان الخلاف بين الاخوان والملك عبد العزيز خلافاً بين متطرف والأشد تطرفاً ، كان الاخوان يرون فى تنامي علاقات الملك عبد العزيز السياسية مع الدول الأجنبية خاصة بريطانيا خروجاً على الدين ، كما كانوا يرون فى استيراده للمنجزات العلمية الحديثة نوع من الردة ، فقد اعتقد الاخوان الهاتف والراديو من البدع الحديثة ، وأن عبد العزيز يسلك سلوك الكفار .

ولكن وعلى المستوى النظرة إلى الحجاز ، فقد توحدت نظرة ابن سعود والاخوان فقد اعتبر الجميع ان غيرهم من المسلمين مشركون ولو كان شركاً خفياً ، ولما استطاع عبد العزيز حكم الحجاز حتى اعتبر حكمه استقر بشرعية دينية ، قام بتنفيذ الايديولوجية الغارقة فى السلفية ، فتم هدم أضرحة البقيع ، وقبر السيدة خديجة رضوان الله عليها ، وهدم البيت الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة المكرمة ، لم يفرق السعوديون حتى بين الأثر التاريخي والأثر الديني ، فقاموا بمحو كل ما يشير إلى وجود أماكن مقدسة فى مكة والمدينة ، فمثلاً سدوا غار حراء الذى كان يتعبد فيه النبي (ص) قبل البعثة ، ولو تمكنوا من هدمه لهدموه ، ولكن الغار فوق جبل حراء ، ولأنه لا يمكن هدم الجبل ، اكتفوا بسد الغار بصخرة كبيرة ، وهو ما حدث فى غار ثور ، وعند الأبواء حيث قبر السيدة آمنة أم رسول الله (ص) وهي فى الطريق بين مكة والمدينة .

السيطرة السعودية على الحرمين الشريفين .. العودة للتدمير من جديد

بعد أن ذكرنا باختصار ما قام به السعوديون في تعمير الحرمين الشريفين ظل السعوديون على قناعتهم أنهم يمثلون الإسلام الحقيقي ، أو أنهم يمثلون الإسلام نفسه بحكم إشرافهم على الأماكن المقدسة ، وقد قاموا بخطوات لترسيخ اقناع المسلمين بهذا المفهوم نلخصها في الآتى:

أ- ما أن قام السعوديون بالسيطرة على الحجاز عام 1925 بعد معركتهم مع الاشراف ،اعتبروا المسلمين فى الطائف كفار يستحل قتالهم وقتلهم وسبيهم ،  

ان الوهابيين كانوا يقتلون في سبيل السلب ، استنكر الملك عبد العزيز ما فعلوه ، ولكنه لم يحاسبهم بل ظلوا يقومون بما يفعلوه أما في مكة المكرمة قتلوا إمام الشافعية الشيخ الزواوي ، وأبناء الشيبي ، أما سادن الكعبة الشيخ عبد القادر الشيبي فقد أنقذ نفسه بحيله طريفة حيث بكى أمام الاخوان ، وقال لهم :

انني أحمد الله لأننى أموت مسلماً بعد أن ظللت كافراً حتى اليوم ، فتركوه وعانقوه وهنئوه بالإسلام من جديد !!

ب- فى عام 1927 قام الشيخ سلطان بن بجاد بإيذاء المسلمين فى المدينة المنورة وقام أتباعه بقطع الأشجار الموجودة بصحن المسجد النبوي وردموا البئر الذي قريباً منه ، وعاد عبد العزيز وأتباعه إلى سنة سلفه سعود الكبير فقاموا بهدم كل شىء من المساجد والأضرحة ، التى شيدها العثمانيون بعد القضاء على الدولة الأولى .

ثم هدموا البيوت مثل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم وبيت حمزة ، وبيوت أهل البيت والصحابة فى مكة والمدينة ، وإذا كانوا تعللوا فى هدم القبور بحجة مخالفتها لأصول التوحيد، فما هو العذر فى هدم البيوت التى لا يوجد فيها أضرحة ، يقول الريحاني :

ان الهدف من ذلك هو أن ينسى المسلمون ذكريات هذه البيوت وأصحابها بمرور الزمن .

لقد أدى هذا التدمير المتواصل الى استنكار المسلمين كافة ، احتجت مصر وامتنعت عن إرسال الحجاج ، وفى إيران أقيمت مراسم الحداد أما مسلمو الهند (وكانوا يحتلون العدد الأكبر من المسلمين عندما كانت الهند موحدة قبل أن توجد باكستان والبنجال) ، فقد هالهم ما حدث، فقام العلماء هناك بإرسال برقية احتجاج صارخة فى 27/8/1925 ، ويقولون للملك عبد العزيز كيف هان عليك الإسلام لتفعل فيه ما فعلت ، وعندما وجدوا أن البرقية لم تؤثر في المسلك الوهابي / السعودي ، قام وفد تابع لجمعية خدام الحرمين فى الهند بزيارة مكة والمدينة وجاءوا بنقود وأموال كثيرة لتوزيعها على المسلمين الذين قتل ذووهم أو شردوا من ديارهم ، وانتقدوا مسلك عبد العزيز مع الانجليز واعتبروا تحالفه معهم يجعل الحرمين تحت سيطرة لانجليز ، فقام الملك عبد العزيز بطرد الوفد فى 1/3/1926 .

ولم يجد مسلمو الهند بدءاً من الشكوى للحكومة البريطانية ، ولكن اعتذرت بأن هذا من الشئون الداخلية الإسلامية التى لا يجب التدخل فيها ولكن الملك عبد العزيز وقد رأى امتعاض المسلمين ، أعلن ان تطبيق الشريعة الإسلامية ستكون طبقاً للمذاهب الأربعة ، ولكن مؤتمر مكة عام 1926 ثم مؤتمر الرياض عام 1927 فرض المذهب الوهابي وحده ، ومحاربة أصحاب باقي المذاهب ، ومنع تدريس هذه المذاهب باعتبارها مخالفة لدين الإسلام ، وفرض على المناهج الدراسية عقيدة التوحيد كما يراها شيوخ الوهابية وكما وردت فى كتب ابن تيمية، ودامت هذه النظرة الوحيدة القاصرة هي المطبقة على التعليم السعودي حتى الوقت الراهن ، ولم نكتف بذلك بل عملت على تصدير هذه الرؤية إلى باقي الدول الإسلامية مستغلة الطفرة النفطية والانفاق على الحرمين ، وهذا ما سنراه لاحقاً .

ج – استغلت السلطة السعودية مدفوعة بقناعاتها الوهابية موسم الحج فقامت بالترويج للمذهب الوهابي وذلك بطبع الكتب التى تبشر به وتندد بالمخالفين لهم فى توجيهاتهم مثل كتب: الرد على المالكي الصوفي – فتنة التكفير والحاكمية – شرح العقيدة الواسطية – اعادة طبع الكتاب عشرات المرات وتوزيعه مجاناً على المسلمين – فتاوى ابن باز التى تجعل كل المسلمين دونهم مشكوك فى صحة إسلامهم – إلى اعادة كتب ابن تيمية المرجع الأول للفكر الوهابي بصفة عامة ” كنت قبورياً – الرد على فتنة التيجانية – الخطوط العريضة – العواصم من القواصم ” وغيرها .

د – رفض السعوديون رفضاً مطلقاً أي تدخل إسلامي في مناسك الحج من غير شيوخ المملكة ، فشيوخ المملكة هم المرشدون لحجاج بيت الله الحرام والتوجه الى المسلمين بالفتاوى التى تتفق مع الأيديولوجية السلفية كما يرونها ، كما لم تشهد خطبة نمرة يوم عرفه أي شيخ من خارج المملكة ، علماً بأن معظم خطباء غزة من نسل الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، ولا يكف الخطيب عن الترويج للإسلام الصحيح من وجهة نظره ، أو وجهة النظر الوهابية بصفة عامة.

أما المرشدون من الشيوخ لحجاج بيت الله الحرام لا يكفون عن ربط هذه الفتاوى بحرمة الاقتراب من قبر الرسول (ص) بناء على فتوى ابن تيمية الشهيرة التى أوردها فى كتابه “التوسل والوسيلة ” والتى تنص على أن زائر المسجد النبوي إن كان قاصداً لقبر النبي وليس للمسجد فيه نوع من الشرك ، ورغم أن هذه الفتوى حوكم بها ابن تيمية ، ويرفضها أغلب المسلمين ، إلا أن شيوخ المملكة يحرصون على تطبيقها فيمنعون الاقتراب من القبر الشريف رغم تهافت المسلمين عليه ، وواقعة خطبة الشيخ عبد الرحمن الحذيفي فى خطبة الجمعة التى كفر فيها الشيعة وذلك فى حضور هاشمي رافسنجانى الرئيس الإيراني وقتها جعلت من رفسنجاني يخرج من المسجد غاضباً ، وسبب ذلك توتراً سياسياً تداركته السلطة السعودية بمنع الشيخ الحذيفي من خطب الجمعة في المسجد النبوي .

على العموم فالسعوديون رأوا فى أي خلاف فقهى خلاف عقائدى فحاربوا الشيعة والمتصوفة والأباضية فى خطب المساجد أثناء موسم الحج ، مما أثار غضب هؤلاء المسلمين ، رغم أن الأمام الخميني أفتى بضرورة صلاة الشيعة خلف إمام الحرم فى مكة والمدينة ، ولكن ذلك لم يشفع لشيوخ المملكة للكف عن نقد وسب الشيعة والمتصوفة باعتبار الأولين من الروافض والآخرين مشركون ، بل ان الشيخ محب الدين الخطيب اعتبر المذهبا لشيعي دينا مستقلا كما ظهر فى عنوان كتابه ” الخطوط العريضة للدين الشيعي ” لم يترك نعتا سيئا إلا أطلقه على الشيعة ، كما حاربوا التيجانية والبرهانية والدسوقية والأحمودية وكلها طرق صوفية توحد الله وتأخذ علم التصوف طريقاً إشراقياً معروفاً لكل من سلكوا الطريق الذوقي فى العبادة والعزلة، رغم أن الجميع موحدون بالله متمسكون بثوابت الإسلام من الصلاة والصيام والزكاة وحج بيت الله الحرام .

هـ – أدى الاقتصار على شيوخ المملكة كمرشدين للحجاج أنهم لا يكفوا عدد الحجاج الذين يصل عددهم إلى ثلاثة ملايين ، فمثلاً عند رمى الجمرات فى منى يتدافع المسلمون لكي يرموا الجمرات في وقت الزوال دون أن يكون بينهم من يرشدهم على فتاوى أن يظل رمى الجمار حتى لو كان ليلاً فأدى التكدس البشري الى حوادث متكررة عند المشاعر المقدسة في منى ، ومنها الحادث الأخير (2005) الذى أدى تزاحم الحجاج إلى مصرع المئات منهم بسبب التزاحم الهائل دون أن يكون بينهم من يقنعهم بأن رمى الجمار يستمر حتى الليل ، ليس ذلك فقط فإن عودة الحجاج فى الطرق المؤدية للمشاعر الأخرى وتكدسهم ان تحدث حوادث أخرى مثل حادث نفق المعيصم الذي راح ضحيته مئات من حجاج البيت الحرام ، علماً بأن فتاوى أخرى من خارج المذهب الحنبلي مثل المذهب الشافعي أو الحنفي أو المالكي أو الشيعي الزيدي أو الامامي تستطيع أن تلبى رغبة المسلمين الذين يأخذون بهذه المذاهب ، ويمكنها التخفيف من هذه الحوادث ، ولكن حرص شيوخ المملكة على فرض مذهبهم يزيد من هذه المشاكل الفقهية التى تؤدى إلى كوارث يروح ضحيتها حجاج كثيرون .

ز – قامت المملكة بناء على توصيات منظمة المؤتمر الإسلامى بتحديد نسب الحجاج من كل دولة حيث أصدرت المنظمة أن عدد حجاج أي دولة يكون بأن كل مليون نسمة نسبة الحجاج منهم ألف حاج ، وقد صدر هذا القرار بناء على اقتراح سعودي ليقلص عدد الحجاج لأن بعض الدول لا يحج فيها مثل هذا العدد ، ودول أخرى تحتاج إلى أكثر من نسبتها المقررة ، ولكن حكومة المملكة التزمت مع الدول بالنسب التى حددها المؤتمر ، هذا فى حالة وجود حجاج ، أما فى الدول التي لا يأتي منها حجاج حسب حصتهم فإن المملكة لا تعطى هذه النسب الى الدول الكبيرة التى يرغب الكثيرون من أبنائها فى الحج .

ح – قامت وتقوم حكومة المملكة بعدم اعطاء تأشيرات حج للبعض المخالف لها سياسياً أو مذهبياً ، فمنعت الحجاج العراقيين (سبعة آلاف حاج) من الحج ، وزعمت مرة بأنهم فوق حصة العراق ، وعندما ثبت عدم صحة هذا الادعاء ، قالت بأن حكومة العراق تقوم باختيار الحجاج على أسس طائفية واعتبرت شيعة العراق يؤدون الحج أكثر من السنة ، رغم عدم احتجاج السنة ،  

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023