يكذبون ويكذبون.. ثم يكذبون !!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يكذبون ويكذبون.. ثم يكذبون !!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

ليس من العجيب أن نرى قدرة “الجماعة ” و أخواتها و براشوكاتها على الكذب وافتعال الأزمات واستبطان النتائج الواهية والترويج لها على أنها حقائق دامغة مع أنه لم ترها عين ولم تسمع بها أذن ولم ينطق بها لسان غيرهم .. و من المفارقات المخجلة أنّ نرى بعض رموز اليسار والديمقراطيين ممّن أوجعوا رؤوسنا طيلة هذه العشريّة السّوداء بشعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب والإسلام السياسي و عدوّهم بالأمس حليفهم اليوم لا يكفّون عن ممارسة الكذب فهم يكذبون.. ثم يكذبون ثم يكذبون و يصرخون و يبكون و هم خائفون من الحكم الفردي بتعلّة الخوف من الديكتاتورية و الخوف على الديمقراطية ،أين كنتم عندما استباحت منظومة الفشل و حلفائها الدولة و مفاصلها و برلمانها و مؤسساتها .. و لما لم نسمع لكم صدعا الاّ قلة قليلة من الشرفاء..

الواضح أنّ حركة النهضة تواصل تصعيدها برسائل تعكس ضمنيا حالات الارتباك والقلق التي تنتابها نتيجة الوضع التي وصلت إليه، وتحاول الترويج لبعض المقاربات التي تبدو خارج السياق العام للتطورات السياسية بعناوينها المختلفة، لأنها مدفوعة بحسابات مُخادعة بُنيت على مغالطات مُتراكمة، لم يعد بالإمكان الرهان عليها مُجديا مهما كان حجم الحشد والتحشيد في الشارع و التحريض و العنتريات الزائفة و النضالات المشبوهة..في خضم هذه الأزمات المفتعلة و في ظل وهم العودة إلى الحكم، و هوس بالسلطة يجعل زعيم إخوان تونس متشبثا بحلم العودة إلى المشهد السياسي ، في محاولة أخيرة للمساومة و لعب ورقة ضغط داخلي و إستعطاف للرأي العام الدولي ، راشد الغنوشي، يعود من جديد لاستفزاز الشعب التونسي، بتلك التصريحات الإستفزازية حول أن “البرلمان عائد لا محالة أحب من أحب و كره من كره”.. الغنوشي أقواله لا تفتقر فقط إلى الاتساق وتحفل بالتناقضات، بل الأسوأ من هذا كله لا يعترف بأخطائه السياسية وأخطاء حركته عبر التمادي في ارتكاب المزيد منها، والإصرار على الهروب إلى الأمام، بغض النظر عن طبيعة النتائج المتحققة، الغنوشي يوهم نفسه و غيره بعودة البرلمان المجمّد و يصرّ على الخروج من الباب الصغير بدل الاعتراف بهزيمته وخيبته ومسؤوليته في الفشل.. نسى الغنوشي وزمرته، أن البرلمان المجمّد أصبح من الماضي، و عليهم أن يصحو وان يعلموا ان زمان العبث و الإستقواء على الدولة و إستحمار الشّعب ولّى إلى غير رجعة ولن يعود لأننا ماضون من اجل الحق و العدل و تحرير الوطن من الكذّابين و من قبضة الإخوان و دستورهم الملغّم .. وأنّ على هؤلاء المساكين أن يصحوا ضمائرهم وأن يدركوا أنهم انتهوا سياسيا و أخلاقيا و شعبيا ، فلن نعود الى الماضي، و زمن إقتسام السلطة والغنيمة إنتهى إلى غير رجعة ، و لم تعد هناك قوة قادرة أن تعيدنا إلى الوراء.. و عليهم أن يعلموا علم يقين أنّ التغيير .. آتٍ لا محالة “أحبّ منْ أحبّ و كرهَ منْ كرهَ ” ، و يبدو أنهم لم يستوعبوا الدرس و مازالوا مُصرّين على الهروب إلى الأمام، هؤلاء يجب أن يدركوا أنّ الشعب التونسي قال كلمته وانتهى الأمر، و يجب أن يدركوا أن الشعب الذي ثار على القمع والكبت و التفقير و التهميش و الإذلال قد دمّر كل حواجز الخوف ولم يعد بإمكان أي قوة كبرى أو صغرى أو جماعة أو حزب أن تفرض إرادتها عليه مرة أخرى.. بإرادة الشّعب التونسي من أجل بناء دولة العدل و القانون ، مهما وُضع في طريق التغيير شتّى أنواع المعرقلات فالشعب اليوم أقدر أن يزيح عن طريقه كل المعوقات.. و صحيح أن البرلمان سيعود لكن ليس هذا البرلمان المجمّد و سيعود بطريقة جديدة ومغايرة لما كان عليه في السابق..

يدّعون حب الوطن ومحبة شعبه، يخونون الوطن بأفعالهم وأقوالهم وأعمالهم، ويتباكون على مستقبله ومستقبل أبنائه، ينفذون أجندة أعداء الوطن ويدافعون عنها في كل وقت وفي كل مكان، ويبررون أفعالهم المشينة وأقوالهم الوضيعة بأنهم إصلاحيون يتبنون سياسات أعداء الوطن الهدامة ويعملون على تسويقها في المجتمعات الأجنبية والمنظمات الدولية، ويتسترون بشعارات الوطنية والخوف على أمن الوطن وسلمه واستقراره. يبذلون كل جهدهم ويوظفون كل طاقتهم لتشوية صورة الوطن، ويبررون مساعيهم التخريبية وأعمالهم الدنيئة بأنهم ديمقراطيون ، هذه بعض صفات أدوات المنافقين السياسيين من أولئك الذين يدعون الوطنية من أهل الضلال والفتن الذين يخدمون أجندة وسياسات وأهداف أعداء الوطن، إن هذه الأدوات الذليلة والعناصر الوضيعة التي ارتضت أن تكون أصواتاً رخيصة لأعداء الوطن، تجدها حاضرة في كل مناسبة معادية تستهدف وطنهم وتعمل على تشويه صورته لدى الرأي العام الأجنبي، تلك هي مهمتهم التي من أجلها يتم تسويقهم لوسائل الإعلام وإظهارهم للرأي العام ، إنها أدوار وضيعة جعلتهم يمارسون الأكاذيب ويختلقون القصص الوهمية بغرض تشويه صورة وطنهم واستهداف شعبهم إنها أدوار رخيصة جعلتهم يمارسون شتى أنواع التدليس والتضليل عبر وسائل الإعلام بغرض إثارة الرأي العام تجاه وطنهم وتجييش المجتمع الدولي ضد مجتمعهم، إنّ المتكالبون على العودة إلى السلطة و الغنيمة تكاثروا وتزايدت منابرهم ومواقعهم بشكل كبير، إعلامهم المرئي والمسموع والمقروء تفَشَّى وانتشر واستشرى وفاق الحد والوصف.. هؤلاء المشعوذين السياسيين و الثعالب الماكرة، هم اصل شرور الفساد المالي والسياسي والسرقة واللصوصية بعد سيطرتهم على مقاليد السلطة و الحكم طيلة العشريّة السّوداء ، وهم الآن يقفون بكل قوة في وجه إصلاح ما أفسدوه، ويمنعون اقامة صرح دولة العدل و القانون و الإصلاح السياسي و الاجتماعي، إنّهم حجرة عثرة في درب الحق والعدل، لأن الإصلاح ومحاربة الفساد والفاسدين يكشف عوراتهم المنافقة بإسم الدين و الديمقراطيّة المزيّفة.. هؤلاء لا ينفع معهم الحوار ، و إن أي دعوة للحوار هي تحايل وشعوذة سياسية من أجل إعادة إنتاج منظومة الفشل النهضوية وإعطائها نفسا جديدا للعودة إلى الحكم و السلطة ، و الحديث عن حوار دون محاسبة الفاسدين و كل من أجرم في حق تونس و شعبها و تغيير النظامين السياسي والانتخابي يعتبر أمرا عبثيا و مضيعة للوقت ، و أي حوار على شاكلة الحوارات السابقة هي محاولة بائسة لإعادة إنتاج نفس المنظومة الفاشلة التي لفظتها الجماهير الغاضبة التي خرجت ذات 25 جويلية منادية بالقطع مع مهازل منظومة تلك العشريّة ومؤسساتها ورموزها بل وحتى دستورها..

حصيلة السنوات العشر الماضية جميع المؤشرات مفزعة ومرعبة من حيث استشراء الفقر والبؤس والخصاصة وتدهور الظروف المعيشية وتدهور الوضع الإقتصادي يؤكد حجم وهول الخراب والدمار المالي والاقتصادي والاجتماعي الشامل في ظل حكم الهواة ومنطق الغنيمة وسوء التدبير والتقدير والحوكمة وتفشي الفساد والمحسوبية واهدار المال العام والتخبط والايادي المرتعشة والحسابات السياسوية والهوس بالسلطة هذا هو الواقع وتلك هي حصيلة العشر العجاف واليوم لم يعد هنالك مجال او هامش للتمادي في الاخطاء والخطايا ولمنطق الشعارات الهلامية واللغة الخشبية والعنتريات بل لا مناص من المصارحة والمكاشفة و المحاسبة وتقاسم التضحيات واستغلال كل الامكانيات والطاقات المتاحة للاستثمار وخلق الثروة، وقد بات من باب الوطنية على كل الجهات التحلي بالحكمة وبروح المسؤولية لتمكين البلاد من الخروج من عنق الزجاجة..اليوم و أكثر من أي وقت مضى ينتظر الحكومة عمل جبار لرفع هذه التحديات، عليها ان تتوجه مباشرة الي الشعب للتحدث إليه و مصارحته وتوعيته بما ينتظره واقناعه و إعلامه بما تعتزم اتخاذه من اجرءات عملية سريعة لارساء العدالة الجبائية وللمحافظة علي قدرته الشرائية وللضغط الحقيقي على الاسعار ومقاومة التسيب والفساد والرشوة المنتشرة والإثراء الفاحش وغسيل ونهب الاموال والتهريب والتجارة الموازية وغيرها من الآفات التي نخرت ولاتزال إقتصاد ومعنويات البلاد طيلة العشرية الاخيرة التي انقلبت فيها كل الموازين رأسا علي عقب.. هذا هو الطريق الأمثل لوضع البلاد مجددا علي السكة ولكسب ثقة المانحين الدوليين والمستثمرين المحليين وتأمين رجوع الماكينة الاقتصادية للدوران بعد عشرية سيطرت عليها الهوايتية والفوضوية والزبونية وتراجعت فيها البلاد اشواطا كبري إلى الخلف، علما انه ليس لنا طريق اخر اذا ما أردنا وضع حد للعبث وتأمين افضل الظروف لاقلاع بلادنا اقتصاديا في اقرب الآجال الممكنة وحمايتها من كل المغامرات غير محسوبة العواقب…

في عهد العشريّة السّوداء لم تكن هناك ديمقراطية حقيقية حتى تتمسك بعض الأحزاب و دعاة الديمقراطية حرفيا بالآليات الديمقراطية ومنطق الأغلبية والأقلية.. والمرحلة الحالية ليست مرحلة تنافس على السلطة ولا حتى تعامل مع التركة (ولا تتحمل منطق الغالب والمغلوب)، بل هي مرحلة بناء منظومة سياسية جديدة تحصر الخلاف وتضبط المنافسة ويستوعب فيها كل ما هو قابل للإصلاح، وبالتالي فهي بحاجة إلى الاستقرار، و على الشعب أن يحافظ على الزخم الثوري وتقوية الجبهة الوطنية وتحصينها ضد التآمر الداخلي والخارجي، وبناء مؤسسات حكم حيادية وطنية ومستقلة عن الأحزاب وذلك جوهر الديمقراطيّة الحقيقية.. و أمّا البكائون والمتباكون ورموز الخيبة ووجوه الفشل فلينسحبوا دون رجعة وليتحمل كل واحد وكل طرف مسؤلية أفعاله وحصيلة أعماله ..

أعداء هذا الشعب وهذا الوطن قد إتّحدوا ومستعدون للقيام بأي ألاعيب مهما بلغت قذارتها، لكن هذا الشعب الذي هب واقفا لن يسمح بمرور خططهم وألاعيبهم ولن يسمح للحياة أن تدب فيما تربو إليه نفوسهم الإرهابية، هذا الشعب لم يستسلم ولن يستسلم…

عاشت تونس حرّة مستقلّة
عاش الشعب التونسي العظيم

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023