بقلم: محمد الرصافي المقداد |
لم يعد عجبا ان نخضع لكل ما هو غربي، مناف لهويتنا العربية والإسلامية، فمجتمعنا التونسي استدرج بخبث، ليقع في فخ الحداثة والثقافة والحضارة المزيفة، ويبتعد تدريجيا عن هويته العربية والإسلامية، بحيث تصبح تصرفات افراده ومظاهرهم، محاكية للغرب بكل تفاصيله، حتى عناوينه ورموزه التي طغت على مسمياتنا التجارية (مقاهي ومطاعم ومحلات)، ووصل الأمر إلى حدّ وقاحة تغيير نهج الشيخ محي الدين بن عربي، في قلب العاصمة، الى نهج صربيا، وما ادراك ما صربيا.
تدشين تغيير اسم النهج، حضره كاتب الدولة لدى وزير الخارجية، المكلف بالدبلوماسية الاقتصادية (حاتم الفرجاني) ووزير الخارجية الصربي، مرفوقا بحرم رئيس صربيا، ووفد من المسؤولين الصربيين، بينهم سفير صربيا بتونس.
ويبدو أن مقترح تغيير اسم شيخنا الكبير محي الدين بن عربي، قد مرّ الى التنفيذ من مكتب شيخة تونس سعاد عبد الرحيم، وكأني بها قد وافقت عليه، بنفس الحاقدين على رمز من رموز التصوف الاسلامي، وكان من باب أولى تغيير اسم نهج جاك كارتيي Jacque cartierالمتفرع عنه بدله.
وكأني بمن اقترح تغيير الاسم يدرك جيدا ماذا يعنيه الاسم، واحداث البلقان لا تزال حاضرة في العقول الواعية، بما يحاك للإسلام والمسلمين، ومجازر الصرب بحق مسلمي البوسنة، لم تخفي حينها على احد، واستأثرت أحداثها المفجعة باهتمام العالم، ولولا إيران التي بادرت الى تمرير شحنات اسلحة لمسلمي البوسنة عبر كرواتيا، وقيام عدد من كوادر حزب الله بتدريب عناصر المقاومة البوسنية في مواجهة الصرب، لأبيد المسلمون هناك.
أن يبلغ الأمر إلى حد شطب علم من اعلام مشاهير أمتنا الإسلامية، ليستبدل باسم اثبت أنه عدوّ، أوغل أهله في الدماء الإسلامية العزلاء لأجل ابادتهم، فذلك لعمري خطأ لا يمكن تبريره، يكشف عداء مفضوحا لكل ما هو اسلامي، ويعرّي زيف ادعاء النظام في انتمائه للإسلام في حدّه الأدنى.
وتتواصل المهزلة كل مرة بشكل أكثر تعاسة من سابقتها.
لمن لا يعرف هذا العلم الاسلامي : ولد الشيخ محي الدين بن عربي بمرسية (الأندلس( في شهر رمضان عام 558 هـ الموافق 1164م قبل عامين من وفاة الشيخ عبدالقادرالجيلاني. وتوفي بدمشق عام 638هـ الموافق 1240م ودفن في سفح جبل قاسيون) دمشق سوريا) لقبه مريدوه وأتباعه بالشيخ الأكبر، صاحب مؤلفات قيمة ومعتبرة منها: الفتوحات المكية (في 9 مجلدات)/ فصوص الحكم/ شجرة الكون/ الاعلام بإشارات أهل الالهام/ اليقين/ الرسائل/ ديوان شعر ترجمان الاشواق…