لم تترك الولايات المتحدة أي مجال إلا واستخدمته للضغط على إيران من أجل فرض هيمنتها على المنطقة وتحقيق أطماعها التي لا تنتهي، إذ استخدمت كل وسائل الترهيب والترغيب المشبوه لفرض ما تسعى إليه في هذه البقعة الجغرافية التي تتمتع إضافة لكل إمكاناتها وثرواتها الطبيعية وتنوع مواردها وغناها، بموقع استراتيجي قلَّ نظيره في العالم.
إيران بحكم موقعها وقدراتها المتنوعة وقفت سداً منيعاً في وجه الهيمنة الأمريكية على المنطقة، ما أثار الجنون الأمريكي تجاهها، فعملت الإدارات الأمريكية السابقة كما الحالية، على اتخاذ كل أنواع الضغوط على إيران وعلى شعوب المنطقة ليبقى حضورها قوياً على جغرافيتها ويمكنها من ممارسة عربدتها كما يحلو لها، بعيداً عن تطلعات هذه الشعوب، ولم تدع الولايات المتحدة أي أسلوب لدفع طهران إلى قبول ما تسعى إليه عبر أربعة عقود من الزمن.
فبعد أكثر من عقد على مفاوضات ماراثونية استطاعت إيران التوصل إلى اتفاق مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة لألمانيا بخصوص برنامجها النووي ضمن شروط توافقت عليها الأطراف الموقعة، ولم يمض إلا القليل من الوقت على توقيع الاتفاق والشروع بتنفيذ بنوده، حتى جاءت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونقضت ما تم الاتفاق عليه بهذا الشأن وتنصلت من تعهدات أمريكا بموجب الاتفاق، وانسحبت منه بمسوغات لا تمت للاتفاق بأي صلة، واستمرت بممارساتها غير القانونية واللاأخلاقية ضد إيران لقبول شروطها بعيداً عما اتفق عليه ووقعته جميع الأطراف بما فيها الولايات المتحدة، لكن سياسة إدارة ترامب فشلت في “إخضاع” إيران.
طهران سعت بكل ما تستطيع للحفاظ على الاتفاق، بيد أن إدارة ترامب غردت خارج السرب وفرضت ضغوطاً على حلفائها للتنصل من التزاماتهم بشأن الاتفاق النووي على مضض، لكن أكثر ما أثار الاستهجان والاستغراب عودة واشنطن وطرح فكرة العودة للاتفاق بعد كل ما فعلته وخاصة في هذا التوقيت والتي تبدو مشبوهة، فقوبلت برفض إيراني وروسي شديد، وعدتا الطرح الأمريكي غير عملي، في مؤشر على الفشل المذل للسياسة الأمريكية.
waddahessa@gmail.com