نصيحة وتذكرة للشعوب الإسلامية…بقلم محمد الرصافي المقداد

نصيحة وتذكرة للشعوب الإسلامية…بقلم محمد الرصافي المقداد

أيها المسلم الساعي إلى الله، ما فائدة صلاتك التي تؤديها كل يوم، وقلبك منشغل عنها مهموم بما دونها، رغم التحذير الإلهي الصريح؟: (فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون) (1)

يقول أحد العارفين الكبار، مع أنّه رغم ما بلغه من درجة لم يأنس إلى ما تحقق على يديه: (والصلاة- معراج العارفين وسفر العاشقين- هي مفتاح الوصول إلى هذه الغاية. وإن وفقت ووفقنا لأداء ركعة منها ومشاهدة الأنوار المكنونة فيها والأسرار المكتنفة لها، ولو بمقدار تحملنا، فقد شممنا شمة من غاية ومقصود أولياء الله، ورأينا منظراً من صلاة معراج سيد الأنبياء والعرفاء (ص)؛ ويكون الله تعالى قد منّ علينا وعليكم بهذه النعمة العظمية. ما أبعد الطريق وكم هو محفوف بالمخاطر ويتطلب المزيد من الزاد والراحلة، ولا يملك أمثالي من الزاد سوى النزر القليل والكم الزهيد، إلا إذا شملتنا يد العناية الإلهية.(2)

وما فائدة صومك، وأنت تفسده بالذنوب الظاهرة والخفية، وتختمه في نهاية كل يوم بتخمة الأكل، وحولك حتى من جيرانك من لا يملك قوت يومه؟

وما فائدة حجك وتكراره، وقد لبستك الذنوب مرة بعد أخرى، وفي كل مرة تذهب إلى مناسكه بلا توبة، وتعود لمثل ما كنت عليه، ولا تجدد عهدا مع الله بأن لا تعود لمثل ما نهاك عنه؟

وما فائدة زكاتك وصدقاتك، وأنت تريد بها وجهك، وما سيقال عنك من ثناء؟ (الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون) (3) وأنت ونحن وكل ما نملك هي لله وحده، وإن أسوأ وأقل البخل، أن نبخل بملك من دعانا إلى انفاقه، فيما يجب علينا وهو خير لنا جميعا.

فهل خيرنا الدنيا على الآخرة ؟ أم نسينا أنها دار مجاز، فركنا لها مستأنسين، وقد حذرنا الله سبحانه وأولياؤه الكُمّلُ منها؟ ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)، ألم يزهد فيها النبي وآله الكرام صلى الله عليهم أجمعين، فكانت سِيَرهم جميعها متّفقة على ترْكِها، فمتى نرميها قبل أن ترمينا إلى فتنة شياطينها وعمارها الفاسدين؟ متى نعود إلى الله، ليشملنا بلطفه ورحمته، قد ننسى كل شيء إلا شيء واحد بجب أن لا يُنسى، وهو وحده كفيل بإصلاح كل شيء فينا، إنه إلهنا وخالقنا، يجب أن نضعه موضعه فينا وفي حياتنا، هذه موعظة لي ولكم أيها الإخوة المؤمنون فلنضعها نصب أعيننا ولنعمل بها،،( تزودوا فإن خير الزاد التقوى)(4).

إن الإسلام دين مجتمعيّ متلاحم في علاقاته، وفق ما أنزل الله سبحانه من قيم من شأنها أن تترك آثارها الظاهرة فتبدو كما في الحديث الشريف المُعبّر حقيقة على القيمة الاجتماعية والأخلاقية لذلك البناء المتين: ( مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى)(5)

اهتمامنا بواجباتنا الخاصة يجب أن لا تحجب عنا واجباتنا العامة، فمن لم يهتمّ بأمور المسلمين فليس منهم، فلنكن يدا واحدة وكلمة واحدة تنفيذا لأمر الله في الاعتصام بحبله التعاون على إنفاذ أمره فإن مجتمعاتنا غرقت في وحلِ الجاهلية الغربية الزائفة، ولن يستخلصها منها سوى الرجوع إلى أحكام الله فيما أمر ونهى، مازالت هناك فرصة، قبل أن يرمينا القدر بما رمى به من سبقنا من الغاوين.

مشكلة ومعضلة الشعوب الإسلامية القائمة منذ مدّة تمثلت في تقصير أفرادها بحقّ واجباتهم، وهذه الظاهرة السيئة تركت آثارها السلبية في حاضرهم ومستقبلهم، ولن يتغيّر حالهم السيء الذي بلغوه من دون أن يبادروا إلى اصلاح ذواتهم، ف(أنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم) (6) فمتى نبادر إلى هذا التغيير الذي به نعود إلى ربّنا ونقيم شعائر ديننا الحقّ ونحفظ قيمنا وأنفسنا، فليس من الكرامة في شيء، أن تكون دولنا مع أعدائنا تجاريهم رغبا ورهبا، ونحن كشعوب إسلامية صامتون ساكتون، لا نحرّك ساكنا حيال ما يجري من مؤامرات متواصلة، آخرها عدوان الكيان الصهيوني على غزّة، والعامل على دمارها وخراج أهلها منها، وكأنّي بهذه الحكومات وعلى رأسها سداسي العمالة ( السعودية /الإمارات/ البحرين/ مصر / الأردن/ المغرب)، ولولا اليمن وتاجه الساطع بنور الإسلام أنصار الله لكان اسم العرب في هذا الزمن مرادف للعار والشّنار، باستثناء من انضوى تحت ألوية المقاومة، وعبّر عن موقفه الصريح، بأن لا يكون مع أعداء الله مهما استدرجوا وبذلوا، تحية إكبار وإجلال لهؤلاء الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا.

المصادر

1 – سورة الماعون الآيتين 3/4

2 – صلاة العارفين ( سر الصلاة) الامام الخميني

https://alwelayah.net/post/41622

3 – سورة الماعون الآية 5

4 – سورة البقرة الآية 197

5 – جامع أحاديث مسلم كتاب البر والصلة والآداب باب تراحم المؤمنين ج8ص20ح2586

6 – سورة الرعد الآية 11

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023