الإثنين , 25 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

إعادة تأهيل السلطة الفلسطينية والمسارات البائسة…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

هنالك أطراف إقليمية ودولية تعمل جاهدة الى إعادة تأهيل السلطة الفلسطينية ومسارات التسوية البائسة في محاولة لاعادة إنتاج الفشل الذي منيت به كليهما وعلى مدى أكثر من ربع قرن من المباحثات العبثية التي لم تسفر سوى الى مزيد من مصادرة الاراضي وتوسيع المستوطنات اليهودية السرطانية في الضفة الغربية وإقامة مستوطنات جديدة وعمليات تهويد جارية على قدم وساق في القدس الشرقية ضمن إجراءات لا يمكن وصفها الا على انها عمليات تطهير عرقي وتهجير قسري من خلال الاستيلاء على بيوتهم التي عاشوا قيها لعقود من الزمن وتسليمها الى المستوطنين الجدد والقدامى وكان آخرها في الشيخ جراح وسلوان.

 والكيان الصهيوني ماض وبقوة بهذه السياسات ويؤكد من خلال السياسة العملية وخلق الوقائع على الارض انه لن يتخلى عن الضفة الغربية على وجه التحديد ضمن اي إتفاقية “سلام” مع الطرف الفلسطيني. وللاسف الشديد فإن نتيجة عدم وضوح رؤيا وتحليل سياسي منطقي او نتيجة خيانة وتآمر مع قوات الاحتلال والكيان الصهيوني ما زالت بعض الاطراف الفلسطينية وخاصة في السلطة تلهث وراء حل السراب المدعو “حل الدولتين” هذا الحل الذي أصبح من المستحيل تطبيقه على الارض لحجم وكم المتغيرات الجغرافية والديمغرافية التي احدثها الكيان الصهيوني في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

الاطراف الاقليمية والدولية تحاول بث الروح في قيادة فلسطينية فاقدة للشرعية والمصداقية والثقة الشعبية والتي كانت قبل الاحداث الاخيرة في القدس وغزة والضفة الغربية معزولة سياسيا بالكامل الى حد بعيد كما شهد شاهد من أهلها عندما قال أن أبو مازن لم يستلم اي مكالمة من اي زعيم عربي أو اجنبي لفترة طويلة.

إن هذه القيادة وبكل المقاييس والنتائج التي أفرزتها سياساتها التدميرية وبناء على التجربة والخبرة والممارسة لم تعد مؤتمنة على قيادة الشعب الفلسطيني كما انها لم تعد مؤتمنة على تحقيق الاصلاحات الملحة في البنى والمؤسسات الفلسطينية وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية كمنظمة جامعة لكل مكونات الشعب الفلسطيني بأطيافه السياسية المتعددة . هذه السلطة سلطة فتح الرسمية سعت وما زالت تسعى وتتمسك وعلى مدى عقود الى سياسة الهيمنة والاستئثار والتفرد الفردي بالقرارات المصيرية للقضة الفلسطينية وهي ليست على إستعداد ان تفقد هذا المركز والاحتكار السياسي بالمطلق واستخدامها لبقية الفصائل لا يتعدى كما قال البعض عن “ديكورات” للتغني ب”الديمقراطية الفلسطينية” الزائفة.

وهي لهذا قامت بتعطيل والغاء الانتخابات التي كانت مقررة للمجلس التشريعي على ان تتبعها الانتخابات الرئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني تحت حجج واهية لم تعد تقنع أحدا. القيادة الفلسطينية في السلطة لا تريد إجراء عمليات الاصلاح في منظمة التحرير خوفا من فقدها للهيمنة التي تمتعت بها على مدى عقود. وما تمخض به جهابذة السلطة للالتفاف على ما حققته المقاومة الشعبية والمسلحة للشعب الفلسطيني هو مقترح تشكيل “حكومة وحدة وطنية” او حكومة توافقية ولا ادري ما الفرق بين هذه المصطلحات ومعناها في التطبيق ولكن ما نفهمه منها هي محاولة الهروب الى الامام والتنصل والتهرب من إستحقاقات كان من المفترض ان تتم منذ زمن بعيد.

 ما تبتغيه فتح السلطة هو جر الفصائل الفلسطينية الى مظلة أوسلو وشروط الرباعية رسميا للقضاء وبصورة نهائية على القضية الفلسطينية بشكل مباشر او غير مباشر وهو ما ترفضه كافة الفصائل الفلسطينية على إختلاف مشاربها السياسية ويرفضه شعبنا الفلسطيني بأكمله الذي يرفض رفضا قاطعا إعادة إنتاج منظومة مستبدة أثبتت فشلها على جميع الجبهات اللهم الا فسادها المستشري في مؤسساتها الذي يزداد يوما بعد يوم وبوقاحة متناهية كان آخرها طلبا تقدمت فيه الى القيادة المصرية التي تضمن الاحتجاج على تهميش السلطة ومحاولة تجاوزها في موضوع الاعمار وإستلام التبرعات لقطاع غزة. ليس هذا وفقط بل ومطالبة الجانب المصري بضرورة حصول السلطة على جزء من المساعدات المالية المقدمة للقطاع نظرا للضائقة التي تعاني منها السلطة.

إن ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني وعلى رأس أولوياته يجب ان تكون منظمة التحرير الفلسطينية ولكن عملية الاصلاح تستدعي تشكيل قيادة فلسطينية إنتقالية لادارة هذه العملية الوطنية الملحة. نحن بأمس الحاجة الا أن تكون هذه القيادة قيادة وطنية نزيهة تتمتع بمصداقية عالية وموثوق بها من قبل شعبنا لتولي هذه المهمة. قيادة تستطيع خلق الظروف والمناخ السياسي الذي يتيح إجراء الاصلاحات المطلوبة والملحة في م ت ف ومؤسساتها وإشاعة الديمقراطية الحقة بها. ديمقراطية مبنية على التمثيل النسبي الحقيقي وليس على عقد الصفقات والمحاصصات التي لا تعكس الموازين على ارض الواقع. هذا يستدعي الى تشكيل جبهة وطنية عريضة للضغط على فتح السلطة للخضوع للمطالب الشعبية المحقة. لقد آن الاوان لرفع العكازات والكف عن تقديم “الشرعية” لهذه السلطة الماضية في غيها وسياساتها لانها لا ترى قوة حقيقة فاعلة ووازنة على الساحة الفلسطينية التي تستطيع ان تقف موحدة ضد هذه السلطة ونهجها التدميري.

 

كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني

شاهد أيضاً

هل سيتكرر سيناريو1982…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

عندما اجتاح جيش الكيان الصهيوني في عمليته “المحدودة” تحت إمرة السفاح شارون آنذاك ووصلت الى …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024