الأربعاء , 20 نوفمبر 2024
Breaking News

إيران الإسلامية كما هي لا كما أشاعه أعداؤها…بقلم محمد الرصافي المقداد

من تابع مسيرة الجمهورية الاسلامية الإيرانية وخبر أهدافها، إزداد وثوقا بها، رغم الدعايات المضادة عليها، التي مازالت تشنها دوائر الاستكبار والصهيونية وعملائهم في المنطقة، من أجل تشويه مقاصدها الإسلامية، في زمن تنصلت فيه الدول العربية والإسلامية، من اعتماد الدين مصدرا وحيدا لشريعة مجتمعاتها، رغم تحذيرات وتنبيهات القرآن (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)(1) ودخلتْ فيما دخل فيه العالم الغربي من تحرر فكري، جعلهم لا يقيمون وزنا للمقدّس الديني، ويراه قسم منهم سببا في تخلف الأمم والشعوب.

ومنذ أن قاد الامام الخميني رحمه الله، ثورته ضد الشاه، تحرّك من منطلق إسلامي بحث، دعا فيه شعبه إلى العودة إلى الدين، والإلتزام بأحكامه الإلهية، ولبّى الشعب الإيراني نداءه، ووافق على اختيار الإسلام منهج حياة شاملة، بنسبة عالية جدا مثلت صدمة للغرب، فاقت 98.2 % (2)، مجتمعا اسلاميا ملتزما، بكل ما جاء من الله من أوامر ونواهي، شكّلت مجموع الأحكام الصادرة عن ربّ العزة، أسس بها خاتم الأنبياء(ص) دولته ومجتمعه، وأخذ أحكامها وتعاليمها وآدابها الأئمة الهداة من أهل بيته الكرام، وتلقاها عنهم علماء مخلصون، وفقهاء مجاهدون، واصلوا بها طريق الدعوة والتبليغ إلى الله، بالسيرة والسلوك عنوانهم، تولي أولياء الله والبراءة من أعدائهم، جاعلين بينهم وبين حكام الظلم حاجزا، إسمه البراءة بالقلب واللسان والثورة البنان، وكان ذلك دأب كل من تعلق قلبه بولاية أوصياء النبي (ص) طوال تواريخهم الناصعة معارضة للظلم، والمتميّزة بالعلم والحكمة.

مصداقية أهل الإيمان في إيران، تمثلت في مسيرة نضالية جهادية، رسمت الوجه المشرق لها منذ دخولها الإسلام ملتزمة به بجوارح صدقها، فأثمرت في الزمن الأول وهذا الزّمن شخصيات من أفضل علماء الاسلام، في تسننهم وفي تشيعهم لأهل البيت عليهم السلام، فاستحقوا بجدارة لقب رواد الاسلام آدابا وعلوما وجهادا، وجاء زماننا الحالي، ليضعنا أمام حقيقة هؤلاء الصادقين، الذين أعاروا جماجمهم لله، قبل أن يرفعوا رايته دينه، متحدين بها القوى الكبرى وطوابير عملائهم، فكانوا مصداق قوله تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإنّ الله لمع المحسنين) (3)

لم تُحارِب أمريكا وحلفها إيران الاسلامية، الا بسبب مشروعها الاسلامي الكبير والصادق، والذي وضع الإمام الخميني أوّل أهدافه، وهي الوحدة الاسلامية، كأساس لا مناص منه ملزم لا لاستعادة شعوب الأمة زمام مبادراتها، وتحرير فلسطين، كهدف يفضي إلى تغيير حالها، من تبعية وذلّ وخضوع للغرب، الداعم للكيان الصهيوني، إلى حال من استعادة الذّات والعزة بالله وحده، وقد قال الإمام الخميني رحمه الله محذّرا تعدد اهداف هذا الكيان الغاصب:

(على الجميع أن يعلموا، أن هدف الدول الكبرى من إيجاد إسرائيل، لا يقف عند احتلال فلسطين، فهؤلاء يخططون للوصول بكل الدول العربية، إلى نفس المصير الذي وصلت إليه فلسطين) .

وتاريخ نضال الامام الخميني وثورتها ضد شاه ايران العميل بناه على اساسين محاربة توجهات الشاه الداخلية في سلب هوية الاسلام عن ايران وتغريبها ثقافيا، وافضح نواياه في اعترافه بإسرائيل، فلم يتردد في مهاجمته في خطبه ودروسه، التي كان يلقيها على تلاميذه وانصاره في مدينة قم المقدسة، محذّرا الشعب الايراني من مغبة تصديق مشاريعه الفاشلة، وضرورة الالتفات الى الخطر الذي تمثله سفارة الكيان الصهيوني، ودورها التجسّسيّ الخبيث بطهران.

وفعلا دارت ايان النضال والثورة وانتصر الشعب الايراني بقيادة رشيدة حققت فصل المسار التّغريبي للبلاد وفتح مسار الاسلام العظيم في وجهه، وقطع أيدي الاستكبار الناهب لمدخرات البلاد، وطرد البعثة الصهيونية واعطاء مقرها لمنظمة التحرير الفلسطينية(4)، واحتجاز طاقم السفارة الأمريكية 444 من طرف طلبة الجامعة الايرانية،(5) صفعات متتالية هي فخر لمن وجّهها، وذلّ لمن تلقاها، ولم يكن لتلك الثلة المؤمنة من مستمسك يلوذون به غير الله خالقهم الذي صدقوه فكان معهم.

وقد اقدم عدد كبير من نواب مجلس الشورى الاسلامي في ايران بمشروع قانون يلزم الحكومات المتعاقبة بالقضاء على اسرائيل خلال عشرين عاما، والعمل على اخراج القوات الامريكية من المنطقة، ويشمل المشروع 16 مادة، تحت عنوان “رد ايران بالمثل” كإجراء للرد على اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الشهيد قاسم سليماني، ويلزم الحكومة الإيرانية، بـ”اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تؤدي إلى القضاء على اسرائيل، بحلول مارس عام 2041

والعمل على كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، عبر إرسال السلع الأساسية بالمجان، أو مدفوعة الثمن، بحيث يتم إرسال أول شحنة بعد ستة أشهر من التصويت على القرار، إضافة إلى تقديم الدعم الاقتصادي، والأمني لمسيرات على حدود إسرائيل، تحت عناوين “حق عودة اللاجئين الفلسطينيين”، و”العودة إلى القدس”، و”تحرير الجولان”.

ويتضمن المشروع، إلزام الحكومة الإيرانية بـ”إرسال مساعدات إنسانية، مرة واحدة كل ثلاثة أشهر، كالأدوية، والأغذية، والوقود، إلى جماعة الحوثيين، بهدف كسر الحصار على اليمن، على أن يتم إرسال أول شحنة بحلول منتصف مارس المقبل”.

وينص المشروع، تحت مادة “طرد أمريكا من المنطقة ” على أن تتخذ الحكومة والقوات المسلحة الإيرانية الترتيبات اللازمة لإخراج القوات العسكرية، التابعة للقيادة المركزية في الجيش الأمريكي من المنطقة، كما يشمل أيضا “استعداد طهران لإبرام اتفاقيات للتعاون الدفاعي، لمدة لا تقل عن خمس سنوات، مع أي دولة في المنطقة تقرر إخراج القوات الأمريكية منها.”

كما يعتبر المشروع أن الدول التي تحتضن القوات الأمريكية، شريكة في أي عمل عسكري، أو أمني أمريكي ضد المصالح الإيرانية في إيران والمنطقة، وأنها تتحمل كافة المسؤوليات المترتبة عن ذلك، وأن من حق طهران الرد بالمثل، ضد الدولة التي انطلق منها العدوان. في حين يستثني المشروع الدول التي تعتبر القوات الأمريكية المتواجدة فيها غير قانونية، كالعراق وسوريا.(6)

ما يمكن ذكره اليوم، ونحن نرى نعاج حكام العرب تركض في اتجاه مذبحها التطبيعي، ذليلة غبيّة، دون ادنى احساس بالخيانة والخزي، متعلّق بمواجهة ايران، في موقفها المبدئي، الرافض تماما الاعتراف بكيان صهيوني غاصب على أرض فلسطين الإسلام، وقد بنت محورها، وتتقدم فيه كل يوم الى مستوى الاضطلاع بمهمة التحرير المرتقب، الايرانيون جادون في مشروعهم، وقد اثبتوا جدارتهم باحتضان محور المقاومة، ولولا وجودهم لذهبت فلسطين قضية وارضا وشعبا.

ومن الطريف هنا أن نشير الى المستوى الإيماني، الذي بلغه هذا الشعب الموعود بنصر الاسلام والمسلمين، أن بلدية طهران نصبت في ساحة فلسطين بقلب العاصمة، عدادا تنازليّا لزوال الكيان الصهيوني من ارض فلسطين، تيمّنا بقول المرشد الأعلى للثورة الاسلامية الامام السيد علي الخامنئي الذي كان صرح أن: (هذا الكيان العنصري الغاصب لن يكون موجودا بعد 25 سنة)، وقد نصبت اللوحة الالكترونية مقابل السفارة الصهيونية سابقا والتي أطردت بعثتها مباشرة بعد انتصار الثورة الاسلامية وقدّمت لمنظمة التحرير الفلسطينية بعنوان سفارة فلسطين.(7)

هذه هي ايران الاسلامية كما هي، لا كما هيّأته ابواق الدعاية المغرضة ضدها في عقول المغفّلين، واسأل الله لهم ان يستفيقوا من مغالطتهم، قبل الندم على تصديق اعداء مطالبين بتكذيبهم.

المراجع

1 – سورة المائدة الآية 50

2 – الدستور الإيراني ar.mfa.gov.ir/portal/viewpage/3984

3 – سورة العنكبوت الآية69

4 – أربعون عاما على تحويل سفارة إسرائيل في طهران إلى سفارة فلسطين

raseef22.net/article/185403-

5 – أزمة رهائن إيران ar.wikipedia.org

6 – ايران.. مشروع قانون يحدد موعد نهائي للقضاء على إسرائيل

elnabaa.net/867519

7 – عدّاد وسط العاصمة الإيرانية يحسب الأيام المتبقية لزوال إسرائيل alquds.co.uk

 

Check Also

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024