جعل الله الحج ركنا أساسيا من أركان الإسلام الخمسة ، لما له من أهمية عظيمة في حياة المسلمين ، فالحج يعتبر مؤتمرا إسلاميا كبيرا فيه يلتقي المسلمون بمختلف لغاتهم وألوانهم وجنسياتهم ، يجمعهم ملبس واحد ويهتفون بهتاف واحد ، فالحج فرصة كبيرة لنشر الثقافات الأصيلة وتبادل الخبرات والأراء وتوطيد ركائز الإسلام بالإخاء والتعاضد والتماسك والنصرة ، وكل ذلك لا يروق للصهاينة العالميين ، الذين يوذيهم منظر المسلمين وهم يطوفون حول بيت الله العتيق كجسد واحد، وخاصة في موسم الحج الذي تهوي أفئدة الناس نحو بيت الله الحرام فيأتون من كل فج عميق لأداء مناسكهم وفروضهم يجمعهم الحب والولاء لله ولرسوله ، فكان لا بد لبني صهيون من وضع الخطط التي تبعد الناس عن مناسكهم وعن بيت الله الحرام ، لأن البعد عن الدين سيسهل لأئمة الكفر اختراق الناس وطمس مبادئهم وأخلاقهم وإغراقهم في الشهوات والملذات وصرفهم عن قضاياهم الأساسية ومقدساتهم الإسلامية ،وبالتالي سيتسنى لهم تحقيق أهدافهم الرامية إلى السيطرة على العالم وتدمير الإنسانية.
كان زرع بني سعود في شبه الجزيرة العربية وفي نجد بالذات هو أولى الخطوات في سلّم أهدافهم الشيطانية لأن السيطرة على الحج يمثل الهدف الأكبر الذين يسعون لتحقيقه ، فبدأ بني سعود بتنفيذ الخطط باستهداف الحجيج واختلاق الذرائع لتبرئة أنفسهم من ذلك ، ومجزرة تنومة خير شاهد على استهدافهم الممنهج للحجيج بالإضافة إلى إحراق خيام الحجاج وإغلاق الطرق لمرور الأمراء من أجل تدافعهم ، وسقوط الرافعات على رؤوسهم…وغير ذلك من أعمال الاستهداف الممنهجة التي لا يدركها سوى من كان عنده وعي وبصيرة بالخطط الصهيونية وبتاريخ بني سعود وجذورهم الدموية .
مع تغير الأحداث في المنطقة تتغير أساليب الاستهداف وإبعاد المسلمين عن بيت الله الحرام فتارة تحدد عدد الحجيج من كل دولة بحجة حمايتهم من التدافع وتنظيم الحج !
وتارة تمنع الحجيج من الدول التي لا ترضخ لوصايتها أو بالإحرى التي تكن العداء للصهاينة والأمريكان !
حتى وصلت إلى منع الحج تحت مبرر الوباء والسماح لقلة قليلة وتحت شروط تحدد أعمارهم ومستواهم الصحي وسط صمت مخزي ومشين من الدول الإسلامية والعربية !
ماكان لبني سعود إن يصلوا إلى موصلوا إليه من التبجح والتطاول على المقدسات الإسلامية ومنع الصلاة في بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف ومنع العمرة حتى وصلت إلى منع الحج ، إلا بعد أن تأكد الصهاينة أنهم قد أغرقوا الشعوب في بحر الملذات والشهوات والترفيه والتيه ، وبقليل من فتاوى علماء وشيوخ البلاط وشيوخ المال من علماء الأزهر الذين أفتوا بتحليل المحرمات وإباحة المحذورات كان للصهاينة ماأرادوا فأصبحت المقدسات الإسلامية واستباحتها أمر عادي لا يثير غضبهم واستهجانهم ، فهاهو القدس اليوم يدنس كل يوم بقطيع الصهاينة دون أي استنكار أو خروج للغضب من ذلك التعدي !
وأصبح مسجد رسول الله صلوات الله عليه وآله ومدينته مرتعاً لليهود بعد أن أخرجوا منها صاغرين أذلاء !
فلم نعد نشهد مسيرات الغضب التي كانت تملئ الشوارع العربية والإسلامية والتي تعبر عن الاستنكار والرفض للتعدي اليهودي على مقدسات المسلمين ! لم نر أي بيان يدين ويستنكر ماقام به بني سعود من منع المسلمين من أداء ركن من أركان الإسلام وكأن بيت الله الحرام قد أصبح ملكا من ممتلكات محمد بن سلمان يضاهي القصور واليخوت !
وإذا كان مبررهم هو حماية الناس من الوباء و الحفاظ على حياتهم ، فلماذا لا يخافون على حياتهم من التدافع على حفلات الرقص والغناء ، والسهر في المراقص والديسكوهات وحضور المباريات وغيرها ؟
وضع مؤلم وحال أكثر إيلام هو ماوصل إليه العرب والمسلمين من رضوخ واستسلام لملوك ورؤساء بني صهيون ،فإذا لم يتحرك أكثر من مليار مسلم لنصرة دينه ومقدساته على بضعة قليلة من قطعان اليهود الذين قد أخبر الله عنهم بأنهم أذلة صاغرون ، فإنها ستكون الطامة الكبرى عليهم ، وسيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المسلمين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ، يرون في الجهاد العزة والكرامة وفي دحر اليهود والمعتدين الهدف والغاية ، فقد بات تحرير المقدسات الإسلامية من براثن اليهود بما فيهم بني سعود وإفشال الخطط والأهداف الصهيونية في ضرب المقدسات الإسلامية أمرا حتميا لا بد منه ، وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَـمُونَ ،
والعاقبة للمتقين.