عنما تدافع عن استقلال بلدك وتقف في وجه مخطّطات القوى الإستكبارية والصهيونية تُصنّف إرهابيا، أمّا عندما تسلّم لهؤلاء مصيرك ومصير بلدك وقضاياك الأساسية في الحياة الكريمة، عندها تصبح إرهابيّا، فيا حبّذا صفة تأتي من عدوّ مغتاظ، فقد السيطرة على أعصابه، وغدا سوف تُشلّ حركاته الخبيثة.
لم يكن اعتراف (هيلاري كلنتون) وزيرة الخارجية في عهد الرئيس أوباما، بأن بلادها هي من صنعت داعش(1) وأخواتها في الحرب على سوريا والعراق، وهي التي ترعاهم في سوريا اليوم، بقواتها العسكرية التي ترفض الانسحاب منها، إلا وقاحة لم تعيي أصحابها، فليس لهم إحساس بذلك، طالما أن قلوبهم غلف، وهي الوقاحة تشكّلت أعمالا عدائية، مخالفة للقوانين الدولية، ورسمت سياسة الإدارة الأمريكية منذ الحرب الكورية (1953/1950)، مرورا بتقديم الدعم والمساعدة في تأسيس تنظيم القاعدة في بيشاور إلى اليوم.
فما جاء من الأمريكي الحاكم بالغطرسة والاستكبار، فهو جائز ويجب أن يقبله الجميع ولو كان عجبا ومتناقضا مع العرف الدّولي ومعاهداته، وتسمية الأشياء بمسمّياتها، وهي من أبسط أبجديات سلامة العقل من الاختلاط والهذيان، والخروج به عن دائرة تعقّله إلى ما وراءها من الجنون والخبل، والإرهاب في المصطلح الأمريكي الغربي الصهيوني هو كل تنظيم أو عمل عسكري هدفه تحرير الأرض واستعادة الحقوق…
إن أي حركة تحررية أو دولة تقدّمية مقاومة أو دولة ترفض السياسة الأمريكية بكل تفاصيلها، هي معارضة للنهج الأمريكي في استعباد واستغلال الدول وشعوبها، وبالتّالي فقد وضعت نفسها عرضة للنقمة الأمريكية، رشِحت نفسها لأن تكون ضمن القائمة السوداء التي تصنّفها أمريكا إرهابية أو داعمة للإرهاب.
وإنّ أي حركة أو دولة تستجيب وتمتثل للأوامر الأمريكية، مهما كان توجّهها الفكري والعقائدي، ظالمة لشعبها أو عادلة معه – وما اكثر الظالمين وأقلّ العادلين- هي بالمقياس الأمريكي صديقة مستجيبة لنزواتها حتى لو كانت تلك النزوات في غير صالح تلك الدّول، وقد تصنف إرهابية كما هي حال حركة طالبان، لكنها تُعفى ويُنظر إليها، على أنها الدولة المقبلة لأفغانستان، المهم أن تكون الحركة طوع المخطط الأمريكي المعادي لإيران الاسلام، ولا يهمّ أمريكا مثلا، أن تقوم هذه الحركة الارهابية المتخلفة، بتفجير قرب مدرسة بجنوب العاصمة كابل، أسفر عن مقتل 58 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 100 آخرين غالبيتهم طالبات لا تتجاوز اعمارهن ال15 سنة.(2)
وبمعنى أخر، فإنّ الارهاب في ميزان السياسة الخارجية الأمريكية، هو كل ما خرج عن طوع أمريكا، وفي مقدّمة ذلك – وهو معلوم لدى العالم بأسره – إيران الاسلامية ومحور مقاومتها سواء أكان بلبنان أم بفلسطين أم باليمن، وحركات التحرر منذ حربها في فييتنام، وأمريكا اللاتينية بقادتها كغيفارا ولمومبا هم ارهابيون بالمنظار الأمريكي الأعمى.
ويبدو أن الإعلام العالمي المهيمن عليه أمريكيا، يريد أن يؤثر بنشره لمقترحات سياسية، استنبطها من كتّابه، أو ألقيت اليه من طرف وكالة المخابرات الأمريكية – وهذا الأرجح – تدعو إلى معالجة مسألة رعاية طهران للإرهاب، ودعت إدراة بايدن الى أخذه بعين الاعتبار.(3)
هذه الدعوة وهذا التحليل الذي نشره موقع (ليبرتي نيشنLiberty Nation) أضاف بهتانا لم يعد ينطلي الا على البُله، فبحسب تقرير لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية “DIA”، قد كشف أن إيران تحتضن عددا من قادة تنظيم القاعدة الإرهابي. ويوضح التقرير الذي صدر في إبريل، وتم تقديمه للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، مؤخرا، أن “عددا من قادة القاعدة يتمركزون حاليا في إيران، بينما لا يزال زعيم التنظيم أيمن الظواهري مختبئا بعيدا عن الأنظار”.
وكان وزير الخارجية السابق، (مايك بومبيو) – صاحب فلتات الأكاذيب بشأن إيران- قد قال في يناير الماضي “إن تنظيم القاعدة لديه موطن جديد، وهو إيران، وبما يعطي لهذا التنظيم الذي أوجده أسامة بن لادن الفرصة لاكتساب القوة والقدرات” التي يحتاجها لنشر ممارساته حول العالم.(4)
لم يتوقف الاعلام المسيّر أمريكيا وغربيا وصهيونيا من تزوير الحقائق، بشأن إيران الاسلامية، التي تعتبر العدو الأول للإرهاب الدولي وما عانته من جماعاته، ودوله الممولة والراعية والموجهة، أكبر من أن يحصى، والعالم بعقلائه اصبح يدرك تماما استحالة اجتماع النقيضين، كما هي حال تنظيم القاعدة، الذي ارتكب مجازر إبادة بحق المسلمين الشيعة في (باميان) و(مزار شريف) وفي (كابل) بعد سيطرة طالبان على أفغانستان، فأي علاقة هذه الذي تدّعيها أمريكا وإعلامها الخبيث، بين تنظيم القاعدة وإيران؟ وإن احتملنا وجود قادة لهذا التنظيم في إيران – وهذا ضرب من الخيال الهوليودي- فلن يكون مصيرهم سوى الإعتقال والمحاكمة، جزاء ما ارتكبوه من قتل وترويع للمدنيين الشيعة الأفغان، بل لو سألت جميع قادة هذا التنظيم، عن آخر دولة يمكن أن يلجأوا إليها لقالوا دون تردد إنها إيران، ثم كيف يتبادر الى ذهن عاقل لجوء مستبعدا جدا لهؤلاء الارهابيين إلى إيران، وباكستان مفتوحة ذراعيها كما جرت العادة، حاضنة للقاعدة وطالبان، وبقية التنظيمات المعادية لإيران، والتي لا تزال تتحين الفرصة لتوجيه ضرباتها الغادرة على حدودها الشرقية.
أما ما تعتبر أمريكا إرهابا، من دعم إيران الاسلامية لحركات مقاومة العدو الصهيوني، ومناصرة قضايا المستضعفين في البلاد الاسلامية وفي العالم، فمن باب مبادئها الثابتة التي تأسست عليها، من ثورتها إلى قيام دولتها الولائية العادلة، الباعثة لأمل عودة الإسلام المحمدي الأصيل ليحكم شعوب العالم، تحت راية الوليّ الاعظم، وتجربتها التي مرت بها إلى اليوم تبشر بكل خير.
إيران الإسلامية عانت من الإرهاب المتحالف غربيا ووهابيا وصهيونيا ما جعلها هدفا أولا ومميزا لكل هؤلاء الذين أسّست أمريكا وحلفها ما اسّست منهم ورعت بقيتهم، خصوصا أولئك الذين نذروا جهودهم وأوقفوها على محاربة إيران، وما أجبن أمريكا والصهاينة وهم يحاربون بأيدي غيرهم من عملاء الشعوب ومرتزقة الأمم، ولو كان هنالك عدل يعتدّ به ويؤخذ بعين الإعتبار حقيقة، لوضعت إيران الاسلامية على رأس الدول التي تعادي الإرهاب بمختلف أشكاله التنظيمية، بما في ذلك إرهاب الدول الغربية وفي مقدّمتهم أمريكا، وربيبتهم الدولة الصهيونية الغاصبة لفلسطين.
المراجع
1 – كلِينتُون: أمرِيكَا أنشأت “دَاعِش” والمشروع لم يسر كما خطّط له
https://www.hespress.com/ -181943.html
2 – أفغانستان: عشرات القتلى وأكثر من 100 جريح في انفجار قرب مدرسة للبنات في كابول https://www.france24.com/ar /20210508-
3 و4– مفاوضات فيينا.. تحليل يحذر من تجاهل دور إيران في “الإرهاب”
https://www.alhurra.com/iran/2021/05/09