الثلاثاء , 26 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

الاستعمار الألماني لناميبيا…جرائم تأبى النسيان

تواصل الحكومة الألمانية جهودها لتسوية عمليات القتل الجماعي التي ارتكبتها رجالها إبان فترة الاستعمار الألماني في ناميبيا قبل قرن من الآن، وسط اعتراضات من قبائل عرقية بالبلد الأفريقي على خطط الألمان للاعتذار، بهدف الحصول على اعتراف رسمي بارتكابهم إبادة جماعية على غرار ما يحدث في قضية الأتراك والأرمن.

وكشفت تقارير إعلامية ألمانية في الأيام الماضية عن اتفاق ألمانيا وناميبيا على اتفاقية إطارية للمصالحة، وذلك بعد سنوات من التفاوض بشأن معالجة حقبة الاستعمار الألماني لناميبيا.

وأوضحت أذاعة محلية أن الرئيس الألماني، فرانك-فالتر شتاينماير يعتزم التقدم إلى الشعب الناميبي بطلب لقبول اعتذار ألمانيا على عمليات القتل الجماعي، وذلك خلال حفل رسمي في برلمان ناميبيا.

بدأت رحلة ألمانيا مع الاعتراف والاعتذار، في عام 2004، حينما سافرت وزيرة التنمية الألمانية آنذاك هايديماري ويتشوريك زيول إلى ناميبيا لتقديم أول اعتذار لألمانيا عن عمليات القتل الجماعي التي جرت أحداثها قبل ما يزيد على مئة عام أثناء فترة الاستعمار الألماني لـ”نامبيا”.

وفي محاولة لرأب الصدع وإنهاء الأزمة الاخلاقية بين نامبيا وألمانيا، وصفت الوزيرة الألمانية ما حدث بـ”الإبادة الجماعية”.

وبدأت حملة الإبادة الجماعية عام 1904 بعد تمرد نظمه أفراد قبيلتي هيريرو وناما ردا على استغلال الألمان لأراضيهم وماشيتهم.

أصدر الحاكم العسكري في ذلك الوقت، لوثار فون تروثا، أمرًا بالإبادة الجماعية في أكتوبر عام 1904، نتج عن ذلك الأمر حسب بعض التقديرات مقتل 80 ألف شخص، أي ما يعادل 75% من عدد أفراد قبيلتي هيريرو وناما.

استمر الاحتلال الألماني لناميبيا ما يزيد عن 50 عاما، مارست القوات الألمانية خلال تلك الفترة أقصى أنواع الاضطهاد، وعمدت إلى الإبادة الجماعية لكافة معارضيها، واستولت على الأراضي وكذا مصادر الألماس في البلاد، واستعانت بأفضل الفرق العسكرية الألمانية من أجل ضمان بقاءها وسيطرتها على نامبيا.

وفي تحرك دولي، طالبت شعوب هيريرو وناما، البرلمان الألماني بتقديم اعتذار عن الجرائم التي تم ارتكابها إبان الحقبة الاستعمارية وتقديم تعويض مالية، من خلال محاكمة برلين عبر القضاء الأمريكي، وهو ما اعتبرتها ألمانيا غير جائز من الناحية القانونية.

إلا أن ألمانيا بدأت محادثات رسمية مع الحكومة الناميبية في عام 2015، معربة عن أسفها تجاه ما حدث من حوادث قتل جماعي وأبدت استعدادها لدفع تعويضات.

وعرضت ألمانيا تعويضا ماليا بلغ 10 ملايين يورو على نامبيا من أجل تسوية الخلاف،، إلا أن الأخيرة رفضت العرض، ملوحة بالتصعيد.

ومع استمرار المشاورات بين البلدين، أعلنت ألمانيا أنها قريبة من إبرام اتفاقية مع ناميبيا بشأن القتل الجماعي لعشرات الآلاف من السكان الأصليين عندما كانت مستعمرة قبل أكثر من قرن، خلال 1904-1908.

لكن وفقا لإذاعة “دويتشلاند فونك” الألمانية، رفض قادة سلطة “أوفا هيريرو” التقليدية ورابطة “ناما” للقادة، وهما اثنتان من المجموعات الناميبية، الاقتراح، قائلين إنه ليس أكثر من محاولة علاقات عامة ألمانية ومحاولة لخداع ناميبيا.

ويقول المؤرخون إن الجنرال الألماني لوثار فون تروثا، الذي أُرسل إلى ما كان يعرف آنذاك بجنوب غرب إفريقيا الألمانية لإخماد انتفاضة الأبطال عام 1904، أمر قواته بالقضاء على القبيلة بأكملها، في محاولة منه لبسط سيطرته وترك الحرية لجنوده لممارسة كافة أنواع القتل والتعذيب دون محاسبة من أجل فرض سياسة الأأمر الواقع ومنع أي محاولات مستقبلية لخروج قوى مقاومة للاحتلال الألماني.

وبحسب المؤرخين، فإن حوالي 65000 شخص من هيريرو، قتلوا وما لا يقل عن 10000 من ناما، وفي معركة ووتربيرج في أغسطس 1904، فر حوالي 80 ألف من أفراد هيريرو بمن فيهم النساء والأطفال، وبحسب ما ورد طاردتهم القوات الألمانية عبر ما يعرف الآن بصحراء كالاهاري، ولم ينج منهم إلا 15000 هيريرو فقط.

محاولات ألمانية
وقد عبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية أندريا ساسي للصحفيين في برلين عن “صعوبة موقفهم بشأن هذه القضية”، موضحة أن جولة أخرى من المحادثات عُقدت في برلين الأسبوع الماضي وكانت المفاوضات “بناءة للغاية” مؤخرًا، رافضة البوح بمزيد من التفاصيل عن سير عملية المباحثات بين الجانبين من أجل الوصول إلى تسوية ترضي كافة الأطراف.

وحضر ممثلون عن “هيريرو، وناما” للمشاركة في المفاوضات، على الرغم من أن تعاملات ألمانيا المباشرة كانت مع الحكومة الناميبية، إلا أن الموافقة جاءت بغرض استمالة القبائل المعنية ومحاولة الصولو إلى حل يرضي كافة الاطراف.

وفي خطوة إيجابية أرسلت ألمانيا جماجم المئات من سكان نامبيا والتي كان تم إرسالها إلى ألمانيا من أجل إجراء بحوث وتجارب علمية عليها للتدليل على نظرية تفوق العرق السامي، واتخذت ألمانيا أولى خطوات التقارب في المفاوضات مع نامبيا بإرسال تلك الجماجم والإعتراف بما حدث.

شاهد أيضاً

فرنسا في السنغال زرعت الريح.. هل تحصد العاصفة؟…بقلم م. ميشيل كلاغاصي

أوقات عصيبة شهدتها مؤخراً ستة دولٍ في القارة السمراء, وبدا المشهد وكأن عجلة الإنقلابات تتدحرج …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024