في إطار الحرب الإعلامية والثقافية والاستخباراتية التي تشنها دول ومنظومات معادية مرتبطة بها، وذلك من أجل محاولة ضرب وزعزعة الأمن والاستقرار في الجزائر مستفيدين من حال الضبابية والانسداد السِّياسي الحالي، وكذا من الأوضاع الاقتصادية والمجتمعية الصعبة مطبّقين إستراتيجية النفس الطويل في تنفيذ أجنداتهم المدروسة والمخطّط لها بعناية فائقة من طرف الدول الغربية الكبرى وعلى رأسها فرنسا التي ضاقت ذرعاً بتعاظم النفوذ العسكري الجزائري في منطقة شمال إفريقيا ومنطقة السَّاحل، وكذا إفشال الاستخبارات الجزائرية للكثير من العمليات المخابراتية التي كانت تتمّ بالتنسيق مع المخابرات المغربية وبعض الفصائل الليبية المسلحة، من أجل تفجير الأوضاع على الجبهة الشرقية والجنوبية للجزائر، تمهيداً للتدخل العسكري فيها.
بالإضافة إلى تمكّن المؤسّسة العسكرية من فرض منطقها الجيواستراتيجي في لعبة التوازنات الإقليمية على السَّاحتين الإفريقية والعربية، وتدريبها لكوادر الشرطة والجيش الليبيين، ومساعدتها الكبيرة للفرقاء في مالي لوجيستياً وعسكرياً من أجل القضاء على الجماعات الإرهابية التي استطاعت السيطرة على مدن كبرى في الشمال، بتسهيلات عسكرية كاملة حصلت عليها من طرف الاستخبارات الفرنسية والأميركية. فالجزائر التي أصبحت تصنّف كأول دولة عربية من حيث نوعية التسليح وامتلاكها لمنظومة صواريخ أس400 الإستراتيجية، وصواريخ كليبر الروسية المتطوّرة جداً، بالإضافة لامتلاكها لأربع غوّاصات من نوع كيلو، إثنان منهما من نوع كيلو 636، وبالتالي تصبح بلادنا رابع دولة في حوض البحر الأبيض المتوسّط تمتلك هذه النوعية من الغوّاصات الإستراتيجية العالية التقنية والدِّقة، والتي تستطيع البقاء لأكثر من شهر كامل في عمق البحار والمحيطات، من دون أن تتزوّد بالوقود.
وهي من أخطر أنواع الغوّاصات الروسية بالإضافة إلى غوّاصات التايفون التي يخشاها حلف شمال الأطلسي ويطلق عليها لقب الثقب الأسود، والشيء الآخر الذي تتخوّف منه الدول الغربية هو ذاك الحلف الاستراتيجي الذي بات يربط الجزائر بالروس عسكرياَ وبالصينيين تكنولوجياً واقتصادياً، ورفض الجزائر الخضوع للإملاءات والشروط الغربية، وخاصة في ما يتعلق مثلاً بسياسة الحدّ من تدفّق المهاجرين غير الشرعيين إلى أراضيها، إذا قامت السلطات الجزائرية وعلى دفعات بإعادة مئات الآلاف منهم إلى دولهم التي قدموا منها، طبعاً بالاتفاق مع تلك الدول، بعدما أرادت وزارة الخارجية الأميركية استغلالهم كورقة ضغط على السلطات المركزية، لمساومتها في عدَّة مواضيع أمنية حسّاسة كإقامة قواعد عسكرية أميركية دائمة على الجغرافيا الجزائرية، وهو ما ترفضه المؤسّستان السّياسية والعسكرية وبشكل قاطع، بالإضافة إلى رغبة واشنطن وباريس في فرض منطقهما والتدخّل لتحديد هوية الرئيس القادم في البلاد، خصوصاً وأن هذا الموعد الهام لم تعد تفصلنا عنه سوى أشهر قليلة فقط.
فالمؤامرة على الجزائر والتي تعيها المؤسّسة العسكرية جيداً، وتعرف ما يُحاك لنا في الخفاء من دسائس ومكائد لتحطيمنا، أحبطت الكثير من المحاولات لإدخال إرهابيين وأسلحة ثقيلة إلى عمق الأراضي الجزائية انطلاقاً من جنوبنا الكبير، وما قام به حرس الحدود بالتعاون مع وحدات عسكرية خاصة من عمليات نوعية مشتركة، سمحت لهما بوقف العشرات من عناصر الجيش الحر القادمين من تركيا وبإشراف كامل من جنرال سوري منشق وطبعاً بدعم تركي فرنسي أميركي واضح، وبحوزتهم مبالغ مالية معتبرة، وكذا الكشف عن عدد من مخابئ الأسلحة الثقيلة التي كانت تستعملها الجماعات الإرهابية كأوكار لتجميع مختلف أنواع الأسلحة، تمهيداً لإحداث حالات من عدم الأمن والاستقرار، تسبق حال الفوضى الخلاّقة في العادة تماماً كما حدث في سوريا قبل عدّة سنوات خلت.
المناورات القتالية المتمثّلة في تمرينات ومناورات عسكرية استخدمت فيها مختلف أنواع الذخيرة الحيّة والتي حملت إسم بركان 2019، تبعث برسالة قوية وشديدة اللهجة لكل أعداء البلاد في الداخل والخارج، مفادها بأن المؤسّسة العسكرية الوطنية ستقف بالمرصاد أمام كل مَن تسوّل له نفسه العبَث بأمن واستقرار البلاد، أو تلك التي تحاول استهداف المؤسّسة العسكرية التي تُعتَبر العمود الفقري للدولة الجزائرية ككل.