بعد سقوط كافة الذرائع التي ادعتها إدارات أوباما وترامب وبايدن لتبرير وجودها اللاشرعي في سوريا , ورواياتها حول “حماية الشعب السوري” من حكومته الشرعية وجيشه الوطني , و”حماية ثرواته ونفطه” , كذلك تحولت روايتها حول محاربة الإرهاب وتحديداً تنظيم داعش , أشبه بمسرحية هزلية , بعد أن أصبح دعمها وتسليحها وتمويلها وقيادتها لكافة التنظيمات الإرهابية على مختلف تسمياتها وألوان أعلامها مفضوحاً وموثقاً , على الرغم من إختلاف المشغل المباشر سواء كان تركيا أو دول الخليج العربي وبعض الدول الأوروبية أو العدو الإسرائيلي , اللذين يشكلون بطبيعة الحال الأدوات التنفيذية المحكومة بتنفيذ الأوامر الأمريكية , المسخرة لخدمة المصالح الشخصية لمن يختبؤون وراء ستار “الدولة الأمريكية العميقة” , وبما يخدم مصالح الرئيس الأمريكي وفريقه , وكُشف اللثام عن حقيقة اللصوصية الأمريكية التي تمر عبر القواعد العسكرية والمعابر اللا شرعية , وتحولت إلى ثوابت لا تقبل التشكيك بها , ولا يمكن نكرانها ونفيها .
ولبعض الوقت , ومع تقدم المشروع الصهيو- أمريكي في سوريا , والدعم الأمريكي للإنفصاليين الأكراد في شمال وشرق البلاد , وسيطرة القوات الأمريكية على حقول النفط ومحاصيل الأقماح والشعير هذا من جهة , ومن جهةٍ أخرى دعمها للمشروع العثماني والإرهابي لتنظيم جبهة النصرة في شمال وغرب البلاد وفي محافظة إدلب السورية …
اعتقد البعض بأنها قادرة على فرض استراتيجية كبرى تتخطى مصالحها على الأراضي السورية , وتمنحها نفوذاً إضافياً ومباشراً في العراق أيضاً , بما يوفر لها إمكانية الإقتراب من الحدود الإيرانية , ومنع التواصل الجغرافي والحيوي والعسكري , الممتد من طهران إلى بغداد ودمشق وصولاً إلى لبنان وفلسطين المحتلة .. و في هذه الفترة , اتجهت أنظار كافة الأطراف الإحتلالية – الإنفصالية – الإرهابية , والجيشين العراقي والعربي السوري , وفصائل المقاومة العراقية والسورية على طرفي الحدود , وتركزت على الأعمال العسكرية والبحث عن نقاط تمركزٍ, تفيد كلٍ منهم في مشروعه.
ولم تكن الأنظار مسلطة على أعمال النهب المباشر الذي تقوم به القوات الأمريكية وأدواتها , لكن ومع تصدع الرواية والمشروع الأمريكي , نتيجة الإنتصارات العسكرية التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه والمقاومة العراقية , على طرفي الحدود , وبعد نجاح الدولة السورية باستعادة سيطرتها ونفوذها وتحرير ما يقارب الـ 80% من الأراضي التي سيطر عليها الإرهابيون , ومع استعادة الأرض والأمن والإستقرار , تأكد الأمريكيون من استحالة تحقيق أي تقدم أو نجاح في تفكيك الدولة السورية والإطاحة بحكومتها وقيادتها ونظامها السياسي , ومع حالة الذهول والصدمة الأمريكية نتيجة الصمود التاريخي والإنتصارات العسكرية والسياسية للدولة والشعب السوري , وتتويجاً بالإنتصار الكبير في الإستحقاق الإنتخابي الرئاسي , والإلتفاق العظيم للشعب السوري حول قيادة الرئيس بشار الأسد , بالمقابل مع غياب أي استراتيجية أمريكية لتغيير هذا الواقع , تحول المشهد نحو الجمود الظاهري , اكتفت فيه القوات الأمريكية بمتابعة أعمال السرقة والنهب وحرق المحاصيل , الأمر الذي أعاد توجيه الأنظار إلى الممارسات والأعمال اللصوصية الأمريكية , بما يؤكد الرواية السورية , وأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعدو سوى “دولة الإحتلال واللصوصية العظمى” , المتواجدة بشكل لا شرعي على الأراضي السورية , لسرقة خيرات وثروات الشعب السوري.
مؤخراً وفي سياق النهب الأمريكي المنظم للثروات السورية , تم رصد عبور يوم الأحد 23 أيار, قافلة أمريكية مؤلفة من 86 شاحنة والعديد من ناقلات الجند المدرعة من إقليم كردستان العراق إلى محافظة الحسكة شمال شرق سوريا , واجتازت معبر الوليد الحدودي اللا شرعي الذي تسيطر عليه قواتها , وتوجهت نحو قاعدة حراب الجير العسكرية في منطقة اليعربية شمال شرق سوريا – بحسب وكالة سانا – , وسط حراسة مشددة ، وقامت بتسليم معدات لوجستية وخزانات إضافية لنقل المزيد من النفط السوري إلى العراق , من خلال استراتيجية الإستمرار بتعميق الأضرار الإقتصادية للدولة والشعب السوري , كجزء من سياسة تائهة لا تعرف سوى السرقة والإنتقام.
لم يعد بالإمكان إحصاء عدد المرات التي قامت فيها وكالة سانا السورية بإبلاغ العالم عن حركة القوافل الأمريكية التي تنقل سرقاتها من القمح والنفط من سوريا إلى العراق عبر معبر سيميلكا على الحدود السورية العراقية بالإعتماد على عصابات “قسد” , ومع غياب إحصائية رسمية تستطيع تقديرعدد وحجم شاحنات السرقات الأمريكية من سوريا , وعدد وحجم الأسلحة والمعدات العسكرية التي تستجلبها الشاحنات الأمريكية من شمال العراق نحو الداخل السوري , والغاية من ذلك , وإلى أية جهات وأيدي تقوم بتسليمها ؟.
ويبقى السؤال , هل كانت شحنات الأسلحة الأمريكية المنقولة في الأسابيع الأخيرة , وعشية الإنتخابات الرئاسية , تأتي في سياق مخطط يسعى لإفتعال وإحداث توترات اجتماعية واقتصادية وعسكرية , لإجهاض العملية الإنتخابية ؟.
من المهم ما تعلن عنه دمشق مراراً وتكراراً , حول الوجود العسكري الأمريكي في سوريا , وبأنه احتلال لا شرعي ، وإعلانها الدائم عن عمليات النهب والسرقة الأمريكية لثروات الدولة والشعب السوري , بالإضافة إلى عملها الدؤوب لإبقاء الأنظار متجهة نحو الممارسات اللاقانونية واللاشرعية للـ “الدولة العظمى” على الأراضي السورية.
لم تعد واشنطن قادرة على إخفاء نشاطها الإجرامي في سوريا ، على الرغم من استمرار الماكينة الإعلامية الأمريكية بتقديم دعمها الإعلامي التضليلي , ومتابعة قصفها السياسي التمهيدي , بهدف شيطنة الدولة والقيادة السورية , لحرف الأنظار عن طبيعة الجرائم والممارسات الأمريكية في سوريا , والتي صنّعوا لها غلافاً مزيفاً تحت مسمى “الحرب الإقتصادية” على سوريا لمنع إستقرارها , والتي تعتبر جزءًا من حملة جيوسياسية أوسع تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها لزعزعة استقرار إيران وروسيا والصين.
لا بد من محاسبة “دولة اللصوصية الأمريكية “العظمى” , ولا بد من إخراجها من سوريا والمنطقة والإقليم , وهذا ما تسعى إليه الدولة السورية ومحور المقاومة مجتمعاً , وسط غياب وصمت الأمم المتحدة , ومجلس الأمن , وما يطلقون عليه زرواً اسم “المجتمع الدولي”.